وهج الانتفاضة في مواجهة "غبار الإقليم"

مواجهات مع الاحتلال بمدن الضفة
مواجهات مع الاحتلال بمدن الضفة

الرسالة نت - محمود هنية

لم يكد يهدأ غبار عاصفة في منطقة حتى تشتد في مكان آخر بالإقليم المستعر بنيران الحرب والمعارك الطاحنة، والتي يزداد لهيبها يومًا بعد الآخر في ظل سخونة الأوضاع السياسية والميدانية.

وهبّت عواصف القطب الشرقي بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء التركية، لتجتاح فضاءات السياسة والاعلام في المنطقة وتفرض نفسها في حديث الشارع الذي بات يرقب حربًا تلوح في الأفق، بما طغى على الشأن الفلسطيني وغطّى على وهج الانتفاضة المستعرة في الداخل المحتل.

وبتقدير المراقبين، فإن سخونة الأوضاع السياسية في دول الطوق والمحيط، أزاح القضية جانبًا عن عمق اهتمامات الشارع العربي، وفرض تقدم ملفات أخرى على رأس أولويات المتابعة، ما فرض سؤالا برسم السياسة حول سبل وكيفية ابراز القضية والانتفاضة بما يعيدها مجددًا الى صدارة القضية، وكيف يمكن التغلب على التحديات التي تواجهها؟!

يؤكد المختصون في الشأن السياسي أن الضمان الوحيد لتقدم القضية الفلسطينية واستمرار تصدرها، يكمن في مدى الفعالية التي تختزنها الإرادة الفلسطينية، وهو امر مرتبط بالجهد الجمعي للفصائل الفلسطينية المدعوم بزخم الحراك الجماهيري ومواصلة الدعم الشعبي في مواجهة الاحتلال.

ويرتكز العنصر الأساسي في استمرار المواجهة، بمدى الوعي الذي تمتلكه النخب السياسية والإعلامية الفلسطينية وخارجها، في مواصلة تصدير اهتمامات القضية الى الخارج، وتسليط الضوء على الواقع الفلسطيني بشكل مركز، بما يضمن بقاء انشغال الإقليم فيها.

ويدرك الفلسطينيون من اللحظة الأولى لاندلاع الانتفاضة قبل شهر، بتعقيدات المنطقة وطبيعة ظروفها القاسية، والتي من شأنها ان تتجاهل معاناتهم الى حد كبير، بفعل الظروف السياسية المحيطة، وهو امر تجاوزته الانتفاضة وجعلته خلف ظهرها، بدليل استمرار الانتفاضة وفق ما يعتقد مختصون في الشأن الفلسطيني.

ويؤكد شاكر الجوهري المختص الاستراتيجي في الشأن الفلسطيني، أن الانتفاضة تجاوزت مرحلة الرهان على الظرف الإقليمي لمساعدتها، بينما هي امام اختبار حقيقي في إمكانية تجاوز تأثير الاحداث المجاورة عليها وإمكانية التغلب على مسارات تجاهلها في غمرة احتدام المواقف المحيطة.

ويعتقد الجوهري في حديثه لـ "الرسالة نت"، أن من أخطر التحديات التي تواجه الانتفاضة، هي الانشغال الفلسطيني بالظرف المحيط عوضًا عن القضية، وهو امر متعلق بمدى نجاح النخب في تجاوز هذه القضية والتركيز على مسار الاحداث الداخلية بكل السبل المتاحة.

وبرأي متابعين سياسيين في الساحة الأوروبية، فإنّ العالم لا يمكنه إغفال ما يجري في الأراضي الفلسطينية رغم احتدام الملفات الأخرى، لأن الامر يتعلق بشكل أساسي في مصير أهم حليف للمجتمع الدولي بالمنطقة وهي (إسرائيل) التي تستنجد وتستصرخ بشكل لا تخطئه عين المراقبين بالولايات المتحدة لإنهاء الوضع الراهن والتخلص من نيران الانتفاضة التي أتت على المجتمع الإسرائيلي بكافة مناطق تواجده.

ويؤكد المختص في الشأن الفلسطيني في أوروبا زاهر البراوي، أن الأولوية التي تقدمها أمريكا في المنطقة، تنطلق من أساس حفاظها على امن الاحتلال الذي يعد حليفها الاستراتيجي والذي لا يمكن أن تتخلى عنه، مهما بلغت ذروة التفاعلات السياسية في الإقليم.

غير أن ثمة ما يرتكز عليه البراوي في حديثه لـ"الرسالة نت"، من عوامل يمكن أن تسهب في تعزيز فرصة تصدر القضية، وفي مقدمتها ضرورة تغير موقف السلطة الفلسطينية بشكل عملي لتبني الانتفاضة، والضغط على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتعامل مع القضية الفلسطينية.

ويشير الى أن أمريكا غير معنية التدخل في الوقت الراهن في القضية الفلسطينية، لعدم احراج (إسرائيل) او ممارسة الضغط عليها، سيما في ظل اخفاق السلطة استثمار المناخ الشعبي والسياسي في تحريك ملفات سياسية وقانونية يمكن الاعتماد عليها في تحريك الموقف الدولي لصالح القضية الفلسطينية.

ويوصي المراقبون، بضرورة استمرار حالة الزخم الإعلامي لتغطية الانتفاضة، والوصول الى تشكيل قيادة ميدانية فاعلة للانتفاضة، مع بقاء استمرار الضغط السياسي على السلطة لتصعيد موقفها السياسي، بغرض ضمان استمرار جذوة الانتفاضة وتصاعد لهيبها.

 

 

البث المباشر