يتأكد للجميع اليوم أن ما كُشف عبر الإعلام من خسائر (إسرائيلية) خلال العدوان الأخير على قطاع غزة صيف 2014، ما هو إلا جزء مما تكبّده الاحتلال في الداخل المحتل، عدا عن أن المقاومة تحمل في جعبتها الكثير، وقد واتضحت لها الصورة أكثر عن دقة تصويب صواريخها.
وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو كشف النقاب عن تعرض محطات توليد الكهرباء في الخضيرة شمالاً، وعسقلان جنوب الأراضي المحتلة، لرشقات من صواريخ كتائب القسام خلال العدوان الأخير، وهو ما اعتبره مراقبون أمرا يخدم حركة حماس ويثبت قوة مقاومتها، تزامنا مع ذكرى انطلاقتها الـ 28.
وضربت صواريخ المقاومة الفلسطينية، حسبما أقرّ نتنياهو ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت، خلال العدوان الأخير، محطتي توليد الكهرباء بالخضيرة وعسقلان، دون توقف عملهما، علاوة على محاولة استهداف محطات الغاز (الإسرائيلية) في عرض البحر.
ويعلم الاحتلال أن أيّ استهداف لمنصات الغاز في البحر أو تعطّل عمل محطات توليد الكهرباء أو غيرها من المواقع الاستراتيجية، سيشكل رادعا اقتصاديا وعسكريا.
وفي السياق، قال الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي إن هذه المواقع إذا وضعت في بنك أهداف المقاومة ستسبب مشاكل كبرى، إذا جرى التصويب عليها واغراقها أو تدميرها.
ورأى الشرقاوي أن قادة الاحتلال يحذرون من استهداف منصات الغاز ويدعون على الدوام إلى تحصينها؛ لتسببها في أزمة بين نتنياهو وحكومته بشأن توزيع عائداتها، التي تشكل قوة اقتصادية عسكرية لـ(إسرائيل).
وأضاف أن "العدو قادر على تنفيذ (عمليات جراحية) ضد المقاومة، لكنّ ردها سيكون مرعبا، فلديه من آخر مواجهة أكثر من ألف جندي خارج الخدمة من جرحى ومعاقين ومفقودين".
وأكد أن غزة إذا أجادت التعامل مع الاحتلال فإنها ستستنزفه بما لديها من قدرات متطورة، "والعدو يخشى من الرد المرعب للمقاومة حال أقدم على ضرب المقاومة أو اغتيال قياداتها".
وأشار الشرقاوي إلى أن (إسرائيل) بدأت منذ سنوات تستغل وجود (تنظيم الدولة) وبعض الانظمة العربية خاصة التي ترتبط بقطاع غزة وجنوب لبنان؛ للتشكيك في صواريخ المقاومة وزعزعة استقرار قيادتها.
واختتم الشرقاوي بتأكيده أن الاحتلال يتحاشى حاليا أيّ مواجهة مع المقاومة في غزة، ويعمل بمعاونة أنظمة عربية على خنق القطاع ووقف إمداده العسكري، والتي كان آخرها إعلان مصر تدمير الأنفاق عبر ضخ مياه البحر على الحدود برفح، وزعمه ضبط أسلحة كانت في طريقها إلى حماس.
ويوافقه الرأي الخبير العسكري اللواء واصف عريقات، الذي أكد أن قيادة الاحتلال حين تعجز عن مواجهة ما يجري من انتفاضة بالضفة، تحاول إبعاد الانظار عن الفشل العسكري والاستخباراتي بتوجيه البوصلة إلى غزة.
وحول دواعي تسريب المعلومات المتعلقة بقصف المواقع الاستراتيجية، بعد قرابة العام ونصف على العدوان، رأى عريقات أن (إسرائيل) تختار الزمان والمكان المناسبين لها لتسريب بعض المعلومات التي قد تكون صحيحة أو كاذبة، "لكنها هذه المرة خدمت المقاومة، وأثبتت جدوى صواريخها".
ومن المهم الإشارة إلى أن وزير الجيش (الإسرائيلي) موشيه يعلون كان قد أعلن مؤخرا وبصورة مفاجئة أنّ الجيش سيشرع ببناء جدار أمنيّ على حدود غزّة؛ لمواجهة الأنفاق الّتي يحفرها الفلسطينيّون، ويمنع استمرار تسلّلهم من غزّة إلى (إسرائيل).
ويعتقد مراقبون أن إقامة الجدار (الإسرائيلي) عند حدود غزّة يشير إلى أن (إسرائيل) لا تزال تتخوّف من هواجس أمنيّة قادمة من غزّة، سواء أكان من خلال اندلاع حرب جديدة مع "حماس".