يبدو أن كابوس التعرض للاعتقال والمحاكمة سيبقى يطارد قيادات وضباط الجيش الإسرائيلي في بريطانيا، وذلك عقب تكرر حوادث توقيف سياسيين وعسكريين إسرائيليين على ذمة التحقيق.
وقد أعاد تسرب خبر تعرض ضابط احتياط إسرائيلي للتوقيف والاستجواب عقب وصوله الشهر الماضي لبريطانيا الأمل لدى النشطاء الفلسطينيين بإمكانية اعتقال ومحاكمة المتورطين في جرائم الحرب في غزة.
ووصف ناشطون فلسطينيون اعتذار بريطانيا عن توقيف هذا الضابط، وإطلاق سراحه لاحقا بالأمر "المخجل والمعيب".
وكانت صحيفتا "جويش كرونيكال" التي تعنى بأخبار اليهود ببريطانيا و"يديعوت أحرونوت" أوردتا خبر توقيف ضابط احتياط إسرائيلي واستجوابه لدى وصوله المملكة المتحدة قبل نحو شهر، ليطلق سراحه عقب تدخل الخارجية الإسرائيلية.
وحذرت يديعوت أحرونوت من تعرض الضباط الذين شاركوا في حرب غزة 2014 ونشروا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي للاعتقال على خلفية قضايا رفعها ضدهم نشطاء فلسطينيون في أوروبا.
وفي حديث للجزيرة نت وصف البروفيسور كامل حواش نائب رئيس حملة التضامن مع فلسطين اعتذار بريطانيا للضابط عقب إطلاق سراحه بالأمر المخجل والمعيب رغم تصويت بريطانيا في مجلس حقوق الإنسان لصالح اعتبار جرائم الحرب في غزة كجرائم حرب دولية.
وعزا حواش هذا الأمر للعلاقات القوية بين حكومة المحافظين وإسرائيل، مدللا على ذلك بزيارة عمدة لندن لإسرائيل قبل شهر وتصريحاته الداعمة لها، واستخفاف العمدة في تلك التصريحات بالنشطاء اليساريين الذين ينظمون حملات مقاطعة لإسرائيل.
ولفت حواش إلى أن جهود المنظمات الفلسطينية في أوروبا تؤتي أكلها في مطاردة مجرمي الحرب الاسرائيليين، حيث إن هناك عريضة حاليا في إسبانيا تطالب باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حال وصوله أراضيها.
كما أشار إلى أنه كان يتوجب على بريطانيا اعتقال هذا الضابط لأنه لا حصانة له، حيث تذرعت الحكومة البريطانية عند رفضها المذكرة التي وقعها أكثر من مئة ألف بريطاني في سبتمبر/أيلول الماضي للمطالبة باعتقال نتنياهو بأن القانون الدولي يوفر له حصانة، متسائلا لماذا لم يعتقل هذا الضابط الذي لا يتمتع بأي حصانة.
وتنشط المنظمات الحقوقية الفلسطينية والمحامون الدوليون للإفادة من القوانين الأوروبية المحلية والدولية في ملاحقة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين المتورطين في جرائم حرب، في مسعى لاعتقالهم وتوقيفهم لدى وصولهم إلى الدول الأوروبية، وتقديمهم لمحاكمات عادلة.
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير القانوني الدولي توبي كادمان للجزيرة نت إنه لم يتم اعتقال وتوقيف هذا الضابط، بل تم استجوابه بشأن شكوى مقدمة ضده بمزاعم ارتكابه جرائم حرب خلال حرب غزة.
ورأى الخبير القانوني أن هذه الدعاوى تحتاج تحقيقات وأدلة، ولا يمكن التنبؤ بالخطوة المستقبلية دون معرفة طبيعة الأدلة المتوفرة.
وأكد كادمان أن المهم في هذه الحادثة، والذي لا يمكن إنكاره، هو زيادة الجهود المبذولة على الصعيد الدولي لتحقيق العدالة للفلسطينيين، لافتا إلى التطور الكبير ذي الدلالة بهذا التوقيف، فقبل ثلاث سنوات -حسب رأيه- كانت مساءلة جندي أو ضابط إسرائيلي في بريطانيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب أمرا بعيد المنال ويصعب التفكير فيه.
وأضاف المتحدث ذاته أن الجهود على المستويين المحلي والدولي جنبا الى جنب مع انضمام فلسطين لعضوية محكمة الجنايات الدولية، ضاعفت من فرص توقيف مجرمي الحرب وإنهاء الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة من قبل أي شخص، سواء أكان إسرائيليا أو فلسطينيا.
ودعا كادمان إلى عدم الاستسلام للعبة السياسة الدولية التي تعطل مسار العدالة، حتى لو لم يعتقل نتنياهو في بريطانيا أو إسبانيا، مؤكدا وجوب الاستمرار في العمل جنبا إلى جنب مع المجتمع المدني على المدى الطويل لدعم العدالة ورفض الإفلات من العقاب.
يشار إلى أن الصحافة الإسرائيلية تتخوف من ملاحقة كل من شارك في العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014، ممن نشروا صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تم الكشف عن هويتهم، كما تحذر من توقيفهم على خلفية قضايا تقدمت بها جمعيات ومنظمات مناصرة للفلسطينيين في أوروبا.