يبدو أن رئيس السلطة محمود عباس يريد استغلال الظرف السياسي القائم؛ لتمرير انعقاد جلسة المجلس الوطني، المزمع عقدها نهاية هذا العام، تماما مثلما فعل في التعديل الوزاري الأخير على حكومة التوافق.
يتضح ذلك من تصريحات عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح بأن عباس طلب من سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني، إرسال رسائل إلى كل الفصائل للمشاركة في المجلس، وأن حماس تحديدا لم ترد.
لكن إسماعيل رضوان القيادي بحماس نفى وجود أي اتصالات معهم بشأن جلسة الوطني، وقال: "إن الحركة لا يمكنها المشاركة بأي أطر خارج التوافق الفلسطيني، الذي نص على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير وإحيائها، بإجراء انتخابات الوطني حيثما أمكن إجراؤها، إضافة إلى التوافق على المناطق التي ستجري فيها الانتخابات.
مع العلم أن الفصائل كانت قد اتفقت على إرجاء موعد انعقاد الوطني حتى نهاية العام الجاري، بانتظار انعقاد الإطار القيادي المؤقت للتحضير لاجتماعات المجلس، وهو الأمر الذي كلف به رئيس السلطة محمود عباس دون أن ينفذ لهذه اللحظة.
وليس خافيا أن عبث الرئيس عباس بالنظام السياسي هو نتيجة طبيعية لاستمرار حالة الاستفراد بالقرار الفلسطيني، بديلا عن الشراكة السياسية، ثم صمت الفصائل والقوى الوطنية على ذلك.
وسبق أن أعلن الرئيس عباس في 24 أغسطس/آب الجاري، أنه قدم استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، مع آخرين من أعضائها، في خطوة فسرها المراقبون على أنها وسيلة لتبرير عقد اجتماع للمجلس الوطني، حسبما ينص قانون المنظمة.
وكان مئات الشخصيات الأكاديمية والمستقلة قد وقعوا على عريضة تطالب بتأجيل هذا الاجتماع؛ لأن الهدف من عقده كما أجمعوا، هو الإطاحة ببعض أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة المعارضين للرئيس عباس.
وقد نفى عزام الأحمد أن يكون هناك تحديد لموعد انعقاد الوطني، قائلا إن ما يجري الآن هو التحضير له، علما أن الزعنون كان قد برر التأجيل الأخير لجلسة الوطني قبل ثلاثة شهور بإفساح المجال لكل القوى الفلسطينية للمشاركة في المجلس وتحمل مسؤولياتها، وهو ما يبدو أنه لن يحدث البتة.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير، أعلنت أمس الأحد، أنها ستقاطع جلسات المجلس الوطني.
والأهم أن أبو مازن يواصل التعنت بعدم تفعيل الإطار القيادي المؤقت، المتفق عليه في اتفاق المصالحة بمايو/أيار 2011، ولا يرغب بأن يقوم بدوره، لأسباب لا تخرج عن سياق ما أورده نبيل عمرو نائب رئيس وزراء حكومة التوافق، بأن "حماس تريد هذا الإطار لأنه يوفر المشاركة من موقع فعال في توجيه وقيادة منظمة التحرير، دون ان تلوث يديها بما تصفه بالتنازلات التي تصل احيانا حد التخوين".
ومن المهم الإشارة إلى أن المجلس الوطني، الذي يُفترض رسميا أن يجتمع بشكل سنوي، وأن يتم تجديده كل ثلاث سنوات، لم يجتمع طوال الـ24 سنة الماضية (منذ 1991) إلا اجتماعا واحدا سنة 1996، كما التقى أعضاؤه بشكل "احتفالي" في 14 ديسمبر/كانون الأول 1998 بحضور الرئيس بيل كلينتون "ليباركوا" إلغاء بنود الميثاق الوطني؛ ثم التقوا لقاءً طارئا في رام الله في 25 أغسطس/آب 2009 بحضور أقل من نصف الأعضاء لتنفيذ طلب واحد، هو استكمال أعضاء اللجنة التنفيذية بعد شغور ستة مقاعد بالوفاة.
ويعلق محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات، بأن المجلس الوطني، هو غائب عندما يتعلق الأمر بدوره الأساسي والمهام التي وجد من أجلها، فلا رقابة ولا متابعة ولا محاسبة، ولا قدرة على الانعقاد، ولا تمثيلا حقيقيا لأوزان وقوى وشرائح الشعب الفلسطيني، وهو نفسه مُنتهي الصلاحية.
ويقول إن المجلس حاضر و"ملء السمع والبصر" عندما يتعلق الأمر باستحقاقاتٍ، تريد قيادة المنظمة أو قيادة فتح تمريرها، حيث يتم إيقاظه من "غرفة الإنعاش" أو "ثلاجة الموتى" ليوفر لها الأختام اللازمة.