قائمة الموقع

11 عاما على رئاسة عباس.. هل تنتهي بإنهيار السلطة؟

2015-12-21T16:50:24+02:00
عباس
الرسالة نت- شيماء مرزوق

بالانقسام والإقصاء ينهي الرئيس الفلسطيني محمود عباس العقد الأول من فترة حكمه، التي شهدت أكبر عدد من الانقسامات في التاريخ الحديث للقضية الفلسطينية، ويضع قدمه في العقد الثاني الذي يبدأ بمرحلة جديدة عنوانها الأبرز "الانهيار".

والانهيار هنا لا يشمل فقط السلطة التي تشكلت بعد اتفاقيات أوسلو في العام 1993، انما انهيار المنظومة السياسية التي نشأت بموجبها السلطة، بمعنى انهيار منظومة التسوية التي استمرت عقدين من الزمن، ولم تنتج للمواطن الفلسطيني إلا المزيد من جبروت الاحتلال وسطوته على كل الارض الفلسطينية.

سنوات عجاف قاد خلالها ابو مازن القضية الفلسطينية، وليس من المبالغة القول إنه أوصلها إلى مرحلة غير مسبوقة من التراجع.

سلاح الاقصاء

خلال سنوات حكم أبو مازن تعزز حكم الفرد والاستحواذ على المناصب الرسمية وجمعها بيد الرئيس وحاشيته والإطاحة بأي آراء تتعارض مع توجهات هذا الفريق، إلى جانب تهميش منظمة التحرير وتحويلها إلى بند مصروفات تابعة للسلطة وليس العكس ضمن مكانتها التي تنص على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتحويل المؤسسات الوطنية إلى وسيلة لتصفية الحسابات بين الرئيس وخصومه.

الانقسام والاقصاء هما اللعبة التي أتقنها عباس في ادارة الملف الفلسطيني الداخلي، واعتمدها كنهج ومبدأ في حربه الداخلية، سواء مع خصومه السياسيين من الفصائل وأبرزهم حماس، أو في داخل حركة فتح، خاصة غريمه محمد دحلان.

ومن المفارقة أن عباس اعتمد سياسة السلام الفائض مع الاحتلال والولايات المتحدة، التي قبل بها كوسيط أوحد في المفاوضات، وحاول أن يحافظ على استمراريتها وبقائها ولو شكلياً للتغطية على فشل مشروعه السياسي، بينما خاض حربا بلا هوادة طوال فترة حكمه ضد خصومه، الذين كان بعضهم حلفاءه سابقاً.

حرب الاقصاء الأبرز خاضها ضد دحلان الذي جرده عباس من جميع مواقعه السياسية، ثم أتبعه رئيس الوزراء السابق سلام فياض، وأخيرا ياسر عبد ربه الذي أقاله من أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأغلق العديد من المؤسسات المحسوبة على خصومه، وتشير التوقعات أن الباب لا يزال مفتوحاً امام إقصاء خصوم جدد.

السلاح الوحيد الذي امتلكه الرجل وخاض به كل حروبه هو المال السياسي، فحرص على تركيز كل الصلاحيات في يده، وزاد من نفوذه وخاصة المالي ووظفه في تهديد خصومه، وشن حملة لقطع رواتب كل معارضيه.

ويبدو أن الحديث العلني عن خليفته ووريثه في مناصبه الثلاثة الأهم وهي "رئاسة السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح" فيه استفزاز واضح له، لذا يرفض أن يكون خارج هذه اللعبة، ويحاول أن يرتب كرسي الرئاسة لمن سيأتي بعده، وهذا ما يفسر اصراره حتى النهاية على طرد كل المغضوب عليهم من قبله خارج مراكز التأثير والنفوذ في السلطة والمنظمة.

ويقول مراقبون إن الرئيس الفلسطيني يخطئ كثيراً باستثمار نفوذه وما تبقى له من وقت في موقعه كرئيس للسلطة، في صراعاتٍ داخليةٍ سواءً مع أشخاص أو تيارات أو فصائل سياسية أخرى، فاستثمار كهذا سيعزز الانقسام إلى درجة يمكن أن تكون السمة الوحيدة لإرثه السياسي.

هذا الصراع والانقسام إلى جانب أزمة القضية الفلسطينية ومواقفه المعادية للمقاومة والمقدِسة للتنسيق الأمني جعلت شعبيته تنخفض لأدنى نسبة منذ دخوله مبنى المقاطعة مطلع العام 2005. فقد أظهرت نتائج استطلاع الرأي الأخيرة في الاراضي الفلسطينية ان أكثر من ثلثي الفلسطينيين ما نسبته 65% يطالبونه بالاستقالة ويؤيدون المقاومة المسلحة وهو ما يظهر حجم الرفض الشعبي لمسيرته ونهجه السياسي.

السخط الشعبي على عباس تزايد مع اندلاع احداث الانتفاضة الثالثة أكتوبر الماضي، والتي زادت من الحديث عن فرص انهيار السلطة، خاصة وأن كل انتفاضة فلسطينية كانت تنتهي بأحداث تاريخية يكون لها تأثير كبير على القضية الفلسطينية.

الانتفاضة الأولى في العام 1987 والمتشابهة إلى حد كبير مع الانتفاضة الحالية أنتجت اتفاق أوسلوا وقيام السلطة، بينما انتهت انتفاضة الأقصى عام 2000 باغتيال ياسر عرفات، فهل تنتهي الانتفاضة الحالية بانهيار السلطة؟

اجابة هذا التساؤل والتي ستتبلور بوضوح أكثر في قادم الأيام مرهونة بمجريات وتطورات الأوضاع على الأرض خاصة في مدن الضفة الغربية معقل السلطة والتي تشهد عمليات مقاومة شبه يومية، ومن المتوقع في حال استمرارها ان تضعف القبضة الأمنية للسلطة وتؤدي تدريجياً إلى انهيارها خاصة اذا ما أقدم الاحتلال على اجتياح الضفة بالكامل على غرار عملية السور الواقي عام 2002 للقضاء على العمليات والتي ستنهي فعلياً وجود السلطة.

الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أكد أن حدوث تطورات دراماتيكية، مثل مجزرة إرهابية إسرائيلية، أو تغيير جوهري في وضع ومكانة الأقصى الشريف، أو عملية استشهادية تؤدي إلى عدد كبير من القتلى في صفوف الإسرائيليين، أو وفاة الرئيس أو استقالته قبل الاتفاق على الخلافة، أو تغيير السياسة الفلسطينية الحاليّة من المناوشة إلى المجابهة للاحتلال؛ كل هذه التطورات أو بعضها قد تؤدي إلى انهيار السلطة.

وبين أن الانتفاضة الحالية من اهم التحديات التي تواجه السلطة لأنه في حال قمعت أجهزة السلطة التحرك الشعبي مثلما كانت تفعل سابقًا يمكن أن ترتد الانتفاضة عليها، وفي هذه الحالة يمكن أن تنهار السلطة.

وقال المصري في مقال له " انهيار السلطة في الضفة لا يعني انهيارها في غزة، لأن انسحاب القوات الاحتلالية من داخل القطاع ومحاصرته من الخارج تجعل من الظروف مختلفة بين الضفة والقطاع، بحيث من المرجح أن تبقى السلطة في غزة حتى لو انهارت في الضفة".

وذهب المصري بعيداً في توقعاته موضحاً أنه من الضروري إعادة بناء منظمة التحرير على أسس جديدة وتحضيرها لتأخذ مكان السلطة إذا انهارت، أو قام الاحتلال بحلها، وذلك بأن تضم مختلف أطياف الشعب الفلسطيني لتصبح في هذه الحالة سلطة مقاومة، أو مجاورة للمقاومة، أي سلطة تخدم البرنامج الوطني.

 

 

 

 

 

 

 

 

اخبار ذات صلة