وصف أحمد حسين مدير مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سوريا، عام 2015، بالأشد وطأة على الفلسطينيين في سوريا، وتفاقمت فيه معاناتهم.
وقال حسين في حوار خاص بـ"الرسالة نت"، من لندن، إن العام الجاري أضاف مزيداً من الانحدار إلى الرسم البياني للسنوات الماضية، فتعقيدات الساحة السورية انعكست بحذافيرها على المخيمات الفلسطينية التي نالت نصيبها من تبعات الحرب وتم دفعها نحو منعطفات خطيرة غيّرت من خارطة توزع الفلسطينيين وساهمت في إعادة تموضع كتلة اللاجئين داخل وخارج سورية"
وأوضح أن مخيمات سوريا قسمت خلال العام الحالي الى ثلاثة اقسام، وهي مخيمات تحت سيطرة النظام مثل (النيرب، وحماه، وحمص، واللاذقية، والسيدة زينب، وخان دنون)، وأخرى تحت سيطرة المعارضة (مخيم اليرموك، ومخيم خان الشيح، ومخيم درعا وتجمع المزيريب)، ومخيمات مفرغة بالكامل من سكانها (مخيم الحسينية، وحندرات، وسبينة).
فقر شديد
وأكدّ حسين أن عام 2015 شهد تأزما كبيرا في الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في سوريا، إذ يعيش أغلب سكان المخيمات تحت بند الفقر الشديد أي عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية.
وأشار الى خضوع المخيمات لقبضة أمنية شديدة عند الحواجز وحملات اعتقال متكررة في المخيمات الواقعة تحت سيطرة النظام، يضاف لها ارتفاع في مستوى الأسعار وشحّ في السلع في المخيمات المحررة، وكلاهما يعاني من نسبة بطالة مرتفعة.
3087 ضحية من فلسطينيي سوريا منذ اندلاع الاحداث
ولفت إلى نشوء ظواهر جديدة على المخيمات منها النزوح والهجرة والسكن التشاركي للفقراء إضافة إلى الاضطرار للانخراط في أعمال عسكرية مع هذا الطرف أو ذاك، منوهًا إلى أن جميع المؤشرات السابقة انعكست سلباً على مناحي الحياة في التعليم والصحة والخدمات.
وبيّن أنهم يعانون من صعوبة عملية التوثيق للمشهد بلغة الأرقام، نظرًا لكثرة الأطراف الفاعلة على الأرض والتي تحرك الفعل الميداني، فمن النظام إلى التحالف الدولي إلى روسيا وصولاً إلى داعش ثم المعارضة، بالتالي أصبح من الصعب الحصول على المعلومة الكاملة والدقيقة لأسباب كثيرة منها تعقيدات الميدان وتكتم العائلات خوفاً من الانتقام وحالة الاستهداف المستمر والتصفيات بحق النشطاء الميدانيين.
ضحايا بالمئات
ولكن في ضوء ما تمكنت مجموعة العمل من توثيقه نجد أن العام 2015م شهد سقوط نحو 493 ضحية فلسطينية على الأقل، لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 3087 ضحية على الأقل، وكان شهر مارس آذار الأشد وطأةً مع حادثة تسريب 6500 صورة لضحايا قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري استطاعت المجموعة أن تحصي منهم 78 ضحية فلسطينية بالاسم والتفاصيل، بينما يعتقد أن الأعداد الحقيقية للضحايا تبقى أكبر بكثير من الاحصائيات الرسمية، وفق حسين.
وقال إن مخيم اليرموك على رأس قائمة الضحايا بواقع 1241 ضحية من أبنائه، ثم مخيم درعا 229 ضحية وثالثاً مخيم خان الشيح 142 ضحية، أما عن مسببات الوفاة فإن القصف يأتي أولاً وقد حصد أرواح 1056 ضحية فلسطينية حتى الآن، ثم الطلق الناري 691 ضحية ويليه الموت تحت التعذيب 427 ضحية، ولا يمكن المرور عن 185 ضحية جوع ونقص رعاية طبية بسبب حصار مخيم اليرموك.
وأوضح أن أقسى المحطات التي عاشها فلسطينيو سوريا كانت نكسة مخيم اليرموك، فبعد تنفيذ سلسلة اغتيالات بحق النشطاء الإغاثيين والسياسيين تمكن تنظيم داعش بالتآمر مع فرع جبهة النصرة في المنطقة من اقتحام مخيم اليرموك والسيطرة عليه مرتكباً المئات من الانتهاكات بحق المدنيين والنشطاء على حد سواء.
وذكر أن التنظيم تسبب باستهداف المؤسسات الإنسانية وسرقة مخازنها وإيقاف عمل المستشفيات ومحطات توزيع مياه الشرب، فضلاً عن التسبب بنزوح بقية المدنيين لينخفض العدد من 20 ألفاً إلى 6 آلاف فقط.
مخيم اليرموك تعرض لأقسى معاناة خلال العام الجاري
ولفت إلى وجود تخوف من تسليم مخيم اليرموك للنظام السوري، بعد تسريبات متلاحقة حول إتمام إتفاقية بين النظام وداعش تنص على انسحاب الأخيرة باتجاه الرقة دون الإفصاح عن مصير المخيم، الذي فقد 185 مواطنًا نتيجة الجوع الشديد، كان آخرهم المسنة نبيلة خطاب.
وأشار إلى تعرض مخيمات أخرى الى الحصار والقصف اليومي، مثل مخيم درعا والمزيريب التي شهدت قصفا مستمرا على مدار العام بالبراميل والصواريخ وكذلك مخيم خان الشيح الذي تلقى عشرات البراميل المتفجرة والقذائف المدفعية وأخيراً غارات الطيران الروسي.فيما حوصرت جزئياً مناطق أخرى مثل مخيم النيرب في حلب وبلدة قدسيا في ريف دمشق.
وقد تسببت القبضة الأمنية المشددة في تهجير حوالي 70% من سكان مخيم حمص، إضافة الى تهجير سكان مخيم الرمل نحو تركيا وأوروبا، عدا عن تفريغ مخيم الحسينية بالكامل من سكانه، بحسب افادة حسين.
مهجرون بلا أمان
وشهد صيف العام 2015م موجة هجرة جماعية ضخمة من سورية باتجاه أوروبا عبر تركيا ومصر وليبيا، حيث بلغ عدد الفلسطينيين المهاجرين إلى أوروبا نحو 71 ألفاً وفق إحصائيات مجموعة العمل، توزعوا على ست دول أساسية هي (السويد، ألمانيا، هولندا، النمسا، النرويج والدنمارك).
وقال حسين إن المئات من اللاجئين فقدوا خلال عملية الهجرة، نتيجة غرقهم في البحر، مبينًا نزوح حوالي 280 الف فلسطيني داخل سوريا، إضافة الى 45 ألفا آخرين نزحوا الى لبنان ويعيشون في ظل ظروف إنسانية قاهرة.
وأكدّ توقيف الأونروا في لبنان منح مساعدات السكن عن 1100 عائلة بحجة ضعف التمويل، وليس انتهاء بالاشتباكات والوضع الأمني المتردي ومشاكل التسرب الدراسي وعمالة النساء والأطفال وتحديات التعليم.
أما في تركيا، فلفت أن البلاد تمنع دخول الفلسطيني السوري إلى أراضيها منذ مطلع العام 2014م، وتشير إحصائيات المجموعة إلى أن نحو 6 ألاف إلى 8 ألاف فلسطيني يعيشون على أراضيها جميعهم دخلوا بطريقة غير شرعية، نحو 70% منهم يعيشون في المحافظات الحدودية الجنوبية بينما يتوزع البقية على اسطنبول ومدن متفرقة في الأناضول.
وقال إن اللاجئين يعانون من أوضاع معيشية قاسية بسبب الفارق الضخم في تكلفة الحياة وغلاء المعيشة وكذلك انعدام الصفة القانونية السليمة التي تخولهم من دخول سوق العمل قانونياً إضافة إلى تحديات متعلقة باللغة وصعوبة استخدامها في بيئة العمل وكذلك تحديات التعليم للأطفال.
وذكر حسين أن مؤشرات نهاية العام تشي بأن الحكومة التركية متوجهة نحو فرض مزيد من القيود قد تطال السوريين أنفسهم وتحرمهم من حق الدخول دون تأشيرة.
وشدد على أن هذا الواقع المؤسف لحال الفلسطينيين السوريين لم تتحرك له السلطة الفلسطينية والأونروا ومنظمة التحرير، موضحا أن تلك الجهات لم تسخر علاقاتها لتحييد المخيمات والحفاظ على خصوصية الصفة القانونية للاجئين المتواجدين مؤقتاً على الأراضي السورية لحين العودة إلى قراهم في فلسطين عام 1948م.