شهد العام المنصرم ارتفاع غير مسبوق في أعداد الأسرى داخل سجون الاحتلال، ما تسبب في اكتظاظ كبير بين الأسرى، كما تصاعدت الاجراءات القمعية بحقهم، وصدرت قوانين عنصرية تمس أبسط مقومات الحياة الإنسانية لهم.
أوضاع معيشية قاسية، وافتقار لأدنى مستلزمات الحياة الأساسية، وافتتاح أقسام جديدة لتتسع لأعداد الأسرى المتزايدة وتجديد عقوبات كانت مفروضة سابقا، هي أبرز ملامح المعاناة للأسرى خلال عام 2015.
ظروف الأسرى تزداد تعقيدا بحسب هيئة شؤون الاسرى والمحررين التي كشفت عن ارتفاع مضطرد في نسبة الاعتقالات منذ خمس سنوات، وأن غالبية المعتقلين هم من الاطفال القاصرين.
وجاء في تقرير للهيئة ان سلطات الاحتلال اعتقلت خلال عام 2015 (6830) فلسطينيا جميعهم تعرضوا لشكل أو أكثر من اشكال التعذيب الجسدي أو النفسي الأمر الذي يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وازدادت حالة الاعتقال بنسبة (12.7%) عن العام الماضي بالرغم مما جرى من اعتقالات واسعة في 2014 عقب حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة في الخليل.
وأوضح التقرير أن غالبية الاعتقالات كانت في محافظات الضفة الغربية حيث سُجل فيها (4075) حالة، يليها محافظة القدس التي اعتقل فيها (2353) حالة، ويليها في قطاع غزة حيث بلغ عدد الحالات (232)، كما سجلت قرابة (170) حالة في المناطق المحتلة عام 1948.
اعتقالات الانتفاضة
وذكرت الهيئة أنه منذ اندلاع الانتفاضة في الأول من تشرين أول/اكتوبر الماضي شهدت أعلى نسبة اعتقالات خلال السنوات الخمس الماضية، حيث وصلت الى (3285) حالة اعتقال، بمعدل يتراوح ما بين (35-40) حالة يوميا، وبحسب التقرير فإن الرقم السابق غير مسبوق ولم يحدث في الأشهر الأولى للانتفاضتين الأولى والثانية.
وقد سجل عام 2015 ارتفاعا ملحوظاً في اعتقال الأطفال، حيث رصدت الهيئة (2179) حالة اعتقال لأطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 سنة، وهو ما يشكل زيادة تصل الى (72.1%) عن العام الماضي، وهو رقم غير مسبوق لم يسجل منذ سنوات، كما سُجل اعتقال (225) فتاة.
قوانين جائرة
وفي ظل هذه الأرقام يجد الأسرى أنفسهم أمام موجة اجراءات قمعية تفرضها ادارة سجون الاحتلال، تمثلت في تصاعد سياسة الاهمال الطبي بحق الاسرى المرضى، والتنقلات التعسفية المتواصلة لبعض الاسرى بشكل شبه أسبوعي، بالإضافة لسن قرارات وتشريعات تخدم السياسة الاسرائيلية للانتقام منهم، وفق أمينة الطويل الناطقة باسم مركز فلسطين لدراسات الأسرى.
وبينت الطويل في حديث "للرسالة" أن الاحتلال يفرض عقوبات على الأسرى بذرائع أمنية، كالاقتحامات اليومية ومصادرة الممتلكات الخاصة، وتركيب ما يقارب 24 جهاز تشويش اضافي، اضافة لزيادة أحكام سابقة لأسرى بعضهم محكوم بالسجن عقدين من الزمن.
من جهتها، لفتت ميسر عطياني الناشطة في مجال الأسرى، الى خطورة القوانين التعسفية والعنصرية التي يسنها الكنيست الاسرائيلي والتي تستبيح حقوق الأسرى وكرامتهم، حيث بلغت 15 قانون وآخرها قانون اعتقال الاطفال من عمر 14 سنة ومحاكمتهم بالسجن ورفع سقف الأحكام بحق القاصرين ما بين 3 سنوات وعشرين سنة.
ويتصدى الأسرى لقرارات واجراءات الاحتلال بحقهم عبر سلسلة من الوسائل، بحسب الطويل، أبرزها الاضرابات الفردية، واعادة وجبات جماعية لأعداد كبيرة منهم، وكذلك اضرابات تضامنية مع مضربين عن الطعام.
قتل ممنهج
من ناحيته أكد قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني، أن الاحتلال يتصرف بجنون بعد فشل كل محاولاته لإخماد انتفاضة القدس، موضحا أن الانتهاكات المتكررة لم تعد كافية لدى المحتل فرفع معدلات الاعتقال ليعذب الأسرى في سجونه.
وكشف فارس في حديث "للرسالة"، أن 95 % من المتعلقين يتم تعذيبهم لدى الجهات الرسمية الإسرائيلية منذ بداية الاعتقال، وحتى دخوله السجن، مبيناً أن مسلسل التعذيب يكون أقوى وأكثر وحشية داخل المعتقلات نفسها.
وقال إن نادي الأسير يقوم بكل الطرق الممكنة لعرض أشكال التعذيب التي يتعرض لها الأسرى على المحافل الدولية كافة، مشيرا إلى أنه قدم مذكرة للمحكمة الجنائية الدولية منذ شهر يونيو الماضي، ولم يعلم حتى هذه اللحظة ماذا تم بشأنها من إجراءات.
ونوه إلى وجود مطالبات لوقف التعامل مع المحكمة العسكرية الإسرائيلية لأن أحكامها مضللة بحق الأسرى الفلسطينيين، مبدياً أسفه لغياب الدعم العربي عن قضية الأسرى.
وحول مطالب الأسرى مع بداية العام الجديد، أكد الناطق باسم مركز فلسطين لدراسات الأسرى، أن مطالبهم تتمثل بإنهاء العقوبات بحقهم وإعادة الانجازات التي تم سحبها منهم، والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية التي تضمن للأسير كافة حقوقه الانسانية، ومضاعفة الجهود للإفراج عنهم وانهاء معاناتهم داخل السجون.