قبل أن تكمل الطفلة "سجى البطة" عامها الثاني صعدت روحها إلى بارئها، نتيجة خلل في تشخيص حالتها ومنحها ادوية تسببت في شلل كامل لجسدها الصغير أدى إلى غيابها عن الوعي، رغم أنها وصلت المستشفى لإصابتها بارتفاع حرارة جسدها ليس الا.
والد الطفلة الإعلامي بسام البطة ينشط في المجال الخيري بغزة، لم يقف مكتوف الأيدي لما حدث مع ابنته فقد طرق ابواب المؤسسات الحقوقية الرسمية لوضع حد للأخطاء الطبية، فابنته ليست الاولى التي تفارق الحياة، حيث سبقتها عشرات الحالات التي لم يحاسب الطبيب المعالج على فعلته وبقي يمارس مهنته، وفق قوله.
راح البطة يبحث عن الحالات التي تعاني الشلل للاهتمام بها وتقديم المساعدات اللازمة، لكنه فجع بواقعهم المأساوي فمنهم تفككت عائلته بسبب وجودهم ضمنها، واخرون لم يقو ذووهم على جلب العلاج اللازم لهم أو خدمتهم.
يقول البطة "للرسالة" صدمت خلال عملي في المجال الخيري بوجود حالات شلل دماغي تعاني قلة الاهتمام نتيجة فقدان الاسرة الحاضنة، مما كان له اثر سلبي على حياة المريض".
ويروي أنه خلال زيارته لإحدى العائلات المستورة، وجد أربعة أطفال يعيشون داخل بيت لا يصلح للحياة، فوالدهم لا يقوى على العمل كونه يعاني شللا نصفيا بينما والدتهم تركت البيت ولم تقو على رعايتهم".
حاول البطة البحث عن مؤسسات تحتضن الاطفال الاربعة وتقدم الخدمات اللازمة لهم، لكنه صدم بالواقع فلا يوجد مأوى لرعاية هؤلاء الاطفال وغيرهم من مصابي الشلل الرباعي، وشكلت هذه الاسرة المفصل الحقيقي لإنشائه مركز "سجى" لرعاية مصابي الشلل الرباعي".
ويحكي أن معاناة ابنته جعلته يبحث عن مصابي الشلل الرباعي، لاحتضانهم داخل مركز سجى وتقديم الخدمات اللازمة لهم، فكانت البداية باستئجار شقة عادية لكن مع زيادة عدد المرضى تم استئجار عمارة من طابقين لتقديم الغذاء والعلاج والرعاية لهم.
ومن خلال متابعة البطة الذي يشغل مدير عام الجمعية، وجد أن مصابي الشلل الدماغي لديهم معاناة اجتماعية في الاسرة الحاضنة، فإما انهم فقدوا اسرهم نتيجة غياب المعيل او يتواجدون في بيئة غير صالحة للعيش مما يمثل خطرا على حياتهم.
ووفق قوله فإن الطاقة الاستيعابية للمركز تصل أقصاها إلى 28 حالة، بينما يأوي في الوقت الحالي 22 شخصا من الاطفال وكبار السن بشكل دائم، بالإضافة إلى خدمات الرعاية اليومية حيث تجلب الاسر ابناءها من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثالثة عصرا وتقدم لهم الخدمات اللازمة من ملبس وغذاء وتوفير العلاج الوظيفي وتعليمهم ما يتناسب مع قدراتهم.
اما المرضى الآخرين الذين يهتم مركز سجى بهم، يعانون من حالات شلل صعبة ولا يستطيع المركز ايواءهم بشكل كامل، لأنهم يتنفسون من انبوبين ولا يمكنهم مغادرة غرفهم.
وعن المشكلة الكبرى التي تواجه مركز "سجى" الجديد، يقول البطة:" نعتمد على تبرعات أهل الخير سواء من داخل قطاع غزة أو خارجه لجلب الاحتياجات الاساسية لمصابي الشلل الرباعي، ورغم أننا نبحث عن كفالات للأطفال الا أننا نخشى فقدان المتبرعين".
ويبحث البطة وفريقه عن مشاريع تجارية تخص مركز "سجى" لتدر دخلا لهم، وذلك للاعتماد على أنفسهم في تقديم الاحتياجات كافة بدلا من رهنها بالتبرعات المقدمة من اصحاب الخير.
ويختم حديثه "للرسالة" بنصيحة يوجهها لمن تعرض لفقدان عزيز نتيجة خطأ طبي، بتحويل ردة فعله إلى دافع ايجابي لرسم ابتسامة فقدت من وجوه الاخرين، فهو مع بسمة كل طفل يعالج في مركز "سجى" يرى ابنته حاضرة.