قائمة الموقع

نافع: السلطة أداة للاحتلال وقدّمت تنازلات غيرمسبوقة

2016-01-04T18:56:00+02:00
المفكر العربي بشير نافع كبير باحثي قناة الجزيرة
الرسالة نت- محمود هنية

يقبل العام الجديد 2016 مثقلا بكثير من الملفات الفلسطينية الساخنة، على وقع احتدام الصراع والمواجهة المحلية والإقليمية، وسط تفاقم للأزمات الداخلية والخارجية وتأثيرهما سويًا على مسار القضية وخياراتها المستقبلية.

وعلى ضوء التحديات الراهنة، وضعت "الرسالة نت"، واقع القضية واحداثها خلال العام الماضي، تحت مجهر النقاش مع المفكر العربي بشير نافع كبير باحثي قناة الجزيرة، لتقرأ معه الحصاد وتستشرف المستقبل في ظل تسارع الاحداث.

يقول نافع إن مشروع التسوية أغلق ملفه منذ فترة طويلة، وذلك بعد اخفاق جولة كيري التي أعقبت توليه منصب وزير الخارجية عام 2012م، مؤكدًا أن فشل هذا المسعى جمّد الملف.

واستبعد وجود أي أفق سياسي لـمستقبل التسوية في الأعوام القليلة القادمة على الأقل، بمعزل عمّا ستفرزه الانتخابات الرئاسة الامريكية القادمة، وذلك بسبب وجود مزاج عام لدى واشنطن بتجنب الانخراط في تعقيدات الشرق الأوسط، والتمحور فقط حول ما يسمى بمكافحة الإرهاب.

المفاوض الفلسطيني قدم تنازلات غير مسبوقة حول الضفة المحتلة

أمّا عن الموقف الإسرائيلي تجاه عملية السلام، فأوضح أن الموقف الاستراتيجي لدى الكيان، يتجه نحو عدم احياء المسيرة السياسية، خاصة في ظل شعوره بالراحة جراء حالة الفوضى والصراع في المنطقة، وانشغال الأطراف العربية بالحروب الداخلية، الامر الذي صبّ في صالح ميزان القوة لدى الاحتلال.

وأشار نافع الى عدم وجود رغبة لدى قيادة (إسرائيل) أو استعداد لكي تتنازل للفلسطينيين عن الضفة المحتلة، خاصة بعد تخلص الاحتلال من غزة التي تشكل مصدر صداع كبير للأمن الإسرائيلي.

واستبعد وجود اطراف إسرائيلية تؤمن بإقامة دولة فلسطينية متماسكة على الضفة المحتلة أو حتى في اغلب اجزائها.

مستقبل السلطة

وعن مستقبل السلطة في ضوء فشل التسوية، يجيب نافع: "اتفاق اوسلو الذي وقعت عليه السلطة لم يكن فيه ما يشير الى احتمال إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة بالضفة الغربية، خاصة أن هناك نصوصا غامضة حول الموضوع".

ولفت نافع إلى أن قيادة السلطة تصورت انه بإمكانها مع مرور الوقت العمل على تأسيس كيان فلسطيني مستقل وكامل السيادة ان حازت على دعم عربي، ولكنها امنيات باءت بالفشل.

وأكدّ أن (إسرائيل) أرادت من خلال إقامة السلطة وجود شريك فلسطيني يساعد على حفظ الأمن وإدارة شؤون الفلسطينيين، وتشكل جسرًا في العلاقات بين الكيان ودول المنطقة، منوهًا إلى أن السلطة لعبت هذا الدور، وقبلت به في البدايات، رغم تراجع حدته مع مرور سنوات الانتفاضة الثانية.

ورأى نافع أن دور السلطة محصور في إدارة الشؤون البلدية والتعليمية، منبهًا إلى ان الاحتلال يراهن مع مرور الزمن على قضم المزيد من الأراضي وبناء المستوطنات، وخلق وضع مختلف على أرض الواقع لا يسمح بميلاد دولة فلسطينية

فيتو مصري على الميناء والمطار ومباحثات لتوسعة الـدور التركي في غزة

وقال نافع في حديثه لـ"الرسالة نت"، لا توجد مؤشرات لإمكانية احياء جدي لعملية التفاوض يمكن أن تؤدي الى قيام دولة فلسطينية، مشيرًا إلى أن الخيار الوحيد المتبقي لدى السلطة هو احياء وتعزيز المقاومة الشعبية للاحتلال، في محاولة لكسر الامر الواقع الذي يسعى الاحتلال لفرضه في الضفة المحتلة.

وشدد على أن الوضع الراهن للسلطة يشير الى أنها أداة من أدوات الاحتلال، مطالبا قيادتها بالانحياز للقوى الشعبية التي تحاول كسر المرحلة الراهنة، إن كانت حريصة فعلا على القضية.

أمّا فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، أكدّ الباحث الاستراتيجي، أن القطاع يشكل مخزونًا استراتيجيًا للمقاومة، ويتطلب منه بعض الهدوء في لحظات معينة، معتقدًا أنه لا يؤثر جوهريًا على ما يحدث في الضفة، التي تتأثر بسلوك السلطة الفلسطينية في المقام الأول وممارساتها ومدى انحيازها للمعطيات الراهنة سلبًا او ايجابًا.

وبيّن نافع أن ما يضغط على مسار السلطة هي قواعد حركة فتح، التي ينبغي أن تتحرك وتحدث تغييرًا جوهريًا في سياسات السلطة، وأن تستعيد آليات النضال مجددًا، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الشعب سيقود معركته بكل قوة بمعزل عن توجهات السلطة وارادتها.

لا يمكن للفلسطينيين النأي بأنفسهم عن متغيرات المنطقة الكبرى

فضائح المفاوضات

وعاد نافع للتذكير بالتنازلات التي قدمها المفاوض الفلسطيني التي أضرت بالقضية، فيما عرف آنذاك بـتسريبات الجزيرة لفضائح المفاوضات، والتي اشرف نافع على قراءتها والتأكد من حقيقتها بوصفه كبير باحثي ومفكري قناة الجزيرة القطرية.

يقول نافع عن تلك الحقبة من التفاوض التي بدأها أحمد قريع وانتهى بها صائب عريقات، إن المفاوض قدم خلالها تنازلات كبيرة جدًا على مستوى السيادة على الضفة المحتلة، خاصة فيما يعرف بقضية الحدود، وكذلك قدم تنازلات غير عادية فيما يتعلق بماهية الدولة والكيان السياسي المنشود، سواء فيما يتعلق بسيادته ومنافذه الحدودية، أو بشكله والأمور المرتبطة به.

وقال نافع " تلك المرحلة التي بدأت عام 2005م، تعرضت لأدق التفاصيل المتعلقة بالمفاوضات، وهي الفترة الأكثر تفصيلًا وشمولية في تاريخ التفاوض الحديث، مستبعدًا أن تكون المراحل التي اعقبتها قد تعرضت لتفاصيل ادق منها خاصة وأنها كانت جولات قصيرة جدًا.

السلطة تحولت الى أداة للاحتلال وغزة لا تؤثر على مسار الاحداث

وبيّن نافع أن هناك محاولات من السلطة للوصول الى "اتفاق تحسيني" مع الاحتلال يمكن من خلاله الوصول الى أوضاع اكثر قبولا لدى السلطة، ولكنه شدد على انها ستكون مجتزأة، مبينا أن عملية التفاوض لم تصل الى اتفاق قريب يمكن عرضه على استفتاء شعبي كما يتحدث بذلك عباس.

وأمام فشل العلاقة مع الاحتلال، سلط الباحث الفلسطيني الضوء على مستقبل العلاقة داخل البيت الفلسطيني، إذ أكدّ أن الصراع الداخلي لدى حركة فتح خاصة بين عباس ودحلان، أوصل الحالة الفلسطينية الى حالة تضييق غير مسبوقة، حتى أصبح القرار الفلسطيني بمجمله في يد شخص واحد فقط سواء تفعيل المصالحة أو عدمه.

وقال نافع إن الدائرة بدأت تضيق اكثر في القيادة بسبب نزعة عباس وحبه للتحكم، ما يعني أن الرجل قد يضع علاقته مع حماس في مهب الريح ان رغب في ذلك.

 أمّا فيما يتعلق بقضية خلافة عباس، فأكدّ أن الأمر بحاجة الى عدة موافقات، وليست مقتصرة على الطرف الفلسطيني فحسب، وهي بحاجة لموافقة عربية خاصة من السعودية ومصر اضافة الى الاحتلال والولايات المتحدة، متوقعًا أن يتم اختيار الخليفة من داخل فتح بطرق غير معهودة دستوريًا.

الوضع الإقليمي

وتطرق نافع خلال حديثه مع الرسالة الى الوضع الإقليمي وتأثيره على مسار القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن الفلسطينيين لا يمكنهم النأي بأنفسهم عن المتغيرات التاريخية الكبرى التي تجري في منطقتهم، التي أدت لتراجع اهتمام المنطقة بالقضية الفلسطينية.

يقول نافع لـ"الرسالة نت"،: إن الفلسطينيين يواجهون تحديًا غير مسبوق، في ضوء الصراع المحتدم بين محاور المنطقة، وخاصة بين حركة الثورة العربية والأخرى المضادة، مؤكدًا أن الفلسطينيين لا يمكنهم سوى الوقوف الى جانب الشعوب العربية.

ورأى أن حركة حماس اتخذت قرارًا صائبًا في موقفها الذي انحازت فيه لخيار الشعب السوري، على عكس عباس الذي حاول بشكل انتهازي اللعب على أوراق الخلاف بين حماس والنظام السوري لاحقًا.

حماس اتخذت موقفًا ايجابيًا بشأن سوريا والسلطة تعاملت بانتهازية

وبيّن أن حماس لم تنحز لأي محور على حساب الآخر، وليس لها علاقة مباشرة بالصراعات الجارية في المنطقة، مضيفًا "هناك ثورة وحركة كبرى اندلعت في المنطقة من أربع سنوات، لا يمكن تجاهلها، وأي موقف لحماس ليس مرتبطا بالمحاور بقدر ما هو انحياز للموقف التاريخي للمنطقة".

ونوه نافع إلى ان الانخراط في معارك المحاور ليس لصالح الفلسطينيين، وان المنطقة في الوقت الراهن ليست في وارد دعم القضية الفلسطينية لانشغالها في أتون صراعاتها الداخلية.

وفي قراءته للعلاقة بين السعودية وحماس، أكدّ نافع أن قرار إعادة العلاقة وشكلها مرتبط بالموقف الدولي وليس برغبة الجانب الفلسطيني، مؤكدًا حاجة حماس لكل جهد عربي واسلامي، غير أنه رفض ربط موقف تأييد الثورة العربية بالموقف السعودي.

وأكدّ على ضرورة أن تفصل كل من ايران والسعودية بين علاقتهما بحماس ومواقفهما حول قضايا الثورة والتحول الديمقراطي في المنقطة.

مفاوضات تركيا (إسرائيل)

وفيما يتعلق بمجريات التفاوض بين (إسرائيل) وتركيا، أوضح نافع لـ"الرسالة نت"، أن المفاوضات بدأت قبل أكثر من عام، عندما ضغط أوباما على نتنياهو وطلب منه الاعتذار لتركيا للاعتداء على سفينة مرمرة التركية.

وقال نافع "أول شروط تركيا المتمثلة باعتذار (إسرائيل) تحققت، إضافة الى اتفاقهما على قيمة محددة من التعويضات".

وكشف ان النقاش يدور حول دخول مساعدات غير مقيدة لتركيا الى غزة، خاصة فيما يتعلق بالكهرباء والمياه والزراعة، منوهًا إلى أن تركيا اشترطت لاستئناف علاقاتها مع (إسرائيل) حصولها على رد مرضي فيما يتعلق برفع الحصار عن غزة.

لا يوجد افق قريب لبدء عملية تفاوض تؤدي لإقامة دولة

اما فيما يتعلق بـالميناء والمطار فأكدّ نافع أن الامرين غير خاضعين للنقاش، وذلك بسبب وجود فيتو مصري على ذلك.

وأوضح أن تركيا لا يمكنها أن تحقق هذين المطلبين دون موافقة مصرية او تأييد من السلطة وهي أمور غير متاحة هذه اللحظة.

اخبار ذات صلة