واجهت الموازنة التي صادقت عليها حكومة الحمد الله قبل أيام، انتقادات عدة، أهمها تجاهل قطاع غزة وعدم ادراجه في الموازنة، فضلا عن العجز الكبير في الميزانية وكثرة الديون والاقتراض من القطاع الخاص.
وتنوي الحكومة اتخاذ اجراءات تقشفية لمواجهة العجز، إلا أن خبراء اقتصاديين أكدوا أنه يستحيل مواجهة العجز في ظل مشكلة توزيع الهيكلية وسيطرة الرواتب على الجزء الأكبر منها.
وكان مجلس الوزراء وافق مبدئيا على مشروع الموازنة في جلسته الأسبوع الماضي، موضحا أنها بلغت 4.25 مليارات دولار، منها 3.9 مليار دولارات للنفقات الجارية، و350 مليون دولار للنفقات التطويرية.
وتبدأ السنة المالية للسلطة الفلسطينية، مطلع يناير/ كانون ثاني، وتنتهي في 31 ديسمبر/ كانون أول من كل عام.
تجاهل غزة
رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي النائب عاطف عدوان، قال إن الموازنة التي اعتمدتها حكومة الحمد الله غير قانونية وانتقائية.
وأوضح عدوان لـ"الرسالة" أنها ليست المرة الأولى التي تتجاهل فيها حكومة الحمد الله قطاع غزة، فالعام الماضي أيضا لم ينل القطاع أي حصة من ميزانية الحكومة.
وأكد أن تجاهل غزة من الموازنة يعني أن حكومة الحمد الله هي لحركة فتح وليس للشعب الفلسطيني بأكمله، مشددا على أنها ليست حكومة توافقية وهي لجناح واحد من الوطن فقط.
وأضاف: "قانونيا لا يجوز اعتماد موازنة دون اخضاعها للتشريعي، وحتى حكومة الحمد الله لم تعرض على التشريعي للموافقة عليها".
وذكر مجلس الوزراء أن الفجوة التمويلية تبلغ 386 مليون دولار بمعدل شهري 32 مليون دولار، مما سيضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية لتغطية الفجوة.
وتوقع المجلس أن تكون زيادة في الرواتب والأجور هذا العام بنسبة 3.1% مقارنة بالعام 2015، في حين توقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات بـ11.63 مليار شيكل (نحو 3 مليارات دولار) أي زيادة بنسبة 2.8% مقارنة بأداء العام 2015.
وقال وزير المالية والتخطيط شكري بشارة إن المنح الخارجية تقلصت خلال العام 2015 إلى نحو 700 مليون دولار أي تغطي 60% من العجز المالي للموازنة بعدما كانت في الفترة بين 2013 و2014، مليار دولار، ووصلت في الفترة من 2007 إلى 2012 إلى حوالي 1.2 مليار دولار (تغطي 80% من العجز المالي).
تجاهل الوزارات
بدوره، قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني حاتم عويضة إن حكومة الحمد الله لم تخصص أي مبلغ للوزارة في غزة ضمن موازنة السلطة لعام 2016 التي تم الإعلان عنها قبل أسبوعين، مؤكداً أن الوزارة تسير أوضاعها بأقل القليل وبموازنة لا تتجاوز 13 ألف شيكل شهرياً.
وأكد عويضة أن عام 2016 إن لم يشهد تطوراً على مستوى رفع الحصار وفتح المعابر وإدخال كافة احتياجات المصانع والشركات، سيبقى الواقع الاقتصادي في قطاع غزة على حاله.
وأوضح عويضة أن حكومة الحمد الله لم تخصص أي مبالغ مالية لوزارة الاقتصاد في غزة ضمن موازنتها السنوية لعام 2016 والتي بلغت 4.25 مليارات دولار أمريكي، وأن مصاريف الوزارة التشغيلية والرأسمالية لا تزال غير مدرجة على سلم أولويات الحكومة.
ولفت عويضة إلى أن وزارة الاقتصاد تسيّر أوضاعها بالحد الأدنى، وأنه رغم حاجة الوزارة إلى 300 ألف شيكل سنوياً كما كان نصيبها قبل الانقسام، إلا أن ما توفر لها لا يتجاوز 13 ألف شيكل شهرياً خلال عام 2015.
وأظهر تقرير الميزانية الفلسطينية، للشهور الأحد عشر الأولى من العام الماضي، أن المنح المالية العربية، شكلت 45٪ من إجمالي المساعدات المالية التي وصلت السلطة الفلسطينية، بهدف دعم الموازنة (العامة التطويرية).
وبحسب التقرير الصادر عن وزارة المالية، فإن إجمالي المنح المالية العربية لدعم الموازنة الفلسطينية (العامة والتطويرية)، بلغت 1.283 مليار شيكل (330 مليون دولار أمريكي).
وبلغ إجمالي الدعم الأجنبي الذي تلقته الخزينة الفلسطينية، منذ مطلع العام الماضي، حتى نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني الفائت، 1.548 مليار شيكل (398 مليون دولار أمريكي).
انتقادات الموازنة
وكان البنك الدولي قد حوّل 22 مليون دولار للسلطة من أموال الصندوق الائتماني للخطة الفلسطينية للإصلاح والتنمية.
وبهذه الدفعة لدعم الموازنة الفلسطينية يكون الصندوق قد صرف نحو 1.4 مليار دولار.
ومن جهته، ذكر الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى أن أبرز الانتقادات التي تحيط بموازنة السلطة لعام 2016 وهو العجز الكبير فيها، كما السنوات السابقة.
وقال موسى إن الفقراء وذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة يتحملون الضرائب على شكل ارتفاع في أسعار السلع المستوردة والتي تأخذ شكل السلع الاستهلاكية.
وتحدّث عن حصة الأسد للرواتب من موازنة العام الحالي قائًلا: "أكثر من 70% من الموازنة تذهب للرواتب التي لا يمكن تخفيضها".
وأشار إلى أنه من الصعب رفع الايرادات المحلية بسبب هشاشة الاقتصاد الفلسطيني، منوّهًا إلى أن الاقتصاد يقف أمام "عجز هيكلي".
وبيّن موسى أن ضعف تحصيل الايرادات الداخلية من المواطنين جعلها تعتمد على الدعم الخارجي بشكل أكبر.
ويشكو الاقتصاد الفلسطيني وفق موسى؛ من تراكم ديون القطاع الخاص على السلطة، وزيادة حجم الديون والفوائد سنويًا.
ولفت إلى أن السلطة تضع النفقات التطويرية على الهامش "في حال توفر تمويل لها يتم تنفيذها، واذا لم تُوفّر لا تُنفّذ"، مؤكدًا أنها لا تمتلك الأموال اللازمة لتنفيذها.