يبدو أن التطور النوعي في القدرات العسكرية لكتائب القسام يرافقه تطور مواز في المشهد الاعلامي وادارة الحرب النفسية مع الاحتلال لاسيما من قبل الاعلام العسكري للكتائب.
آخر صور الحرب الاعلامية بين أدمغة القسام واستخبارات الاحتلال كانت من خلال كشف الكتائب عن وحدة الظل، وظروف اعتقال شاليط التي كان أبرزها ظهوره وهو يشوي الدجاج برفقة آسريه، مما وجه ضربة قوية لأركان جيش الاحتلال الذي تعددت رواياته سابقا، بأن شاليط كان محتجزا داخل نفق، ولم ير وجوه آسريه طيلة خمس سنوات.
ويعتقد أن ذلك المشهد الذي أظهر صورا مظللة الى جانب صورة الجندي الاسير شاؤول آرون يأتي جزءا من معركة جديدة قررت الكتائب خوضها في إطار الحرب النفسية التي تشنها ضد قادة الاحتلال، وذلك تمهيدا لأي صفقة تبادل أسرى مقبلة.
ويتضح التطور في لغة غموض البناء والتقنيات الحديثة التي تستخدمها كتائب القسام في التصوير والمونتاج ورسم السيناريو والاخراج، والدمج بين المشاهد الواقعية والتمثيلية.
ومن الممكن أن يكون توظيف هذا الانتاج الاعلامي ضمن سياق الضغط على الاحتلال واستغلال الظروف السياسية الصعبة التي يعيشها في ظل انتفاضة القدس.
وتعود بداية النقلة النوعية في الرسالة الاعلامية للقسام الى الفيديوهات التي بثتها خلال عدوان صيف 2014، وما تبعها في ذكراها الاولى والتي هدفت من خلالها ايصال رسائل في أكثر من اتجاه.
ومن أبرز تلك الرسائل اعلان ابو عبيدة المتحدث العسكري باسم القسام عن اسر الجندي شاؤول أرون الذي فتح الباب امام تفسير لغة جسد ابو عبيدة وظهوره مشمرا عن ساعديه، ومن ثم التفت المحللون الى الرسوم الخلفية التي كانت تظهر احكام مقاتل من القسام قبضته على جندي اسرائيلي.
ورغم أن الرسائل خلال الحرب كان يعلن عنها قبل وقت قصير من خروجها على الهواء، بحكم أنها مرتبطة بالتطورات المتسارعة على الارض ، الا انها كانت مدروسة بشكل دقيق من حيث المحتوى والاخراج.
المشاهد السابقة تفصح عن نقلة نوعية في إعلام القسام الذي ادار الحرب النفسية الابرز مع الاحتلال، وتفتح المجال لرسم سيناريو في كيفية تخطيط وتنفيذ الرسائل الاعلامية للكتائب.
ويبدو أن من يقف خلف اعلام القسام وحدة متخصصة تضم بين افرادها اصحاب خبرة تراكمت لديهم على مدار السنوات الماضية، درسوا خلالها علم النفس وكيفية التأثير في الرأي العام الاسرائيلي.
وقد تمتزج تجارب وخبرات وحدة التخطيط والتطوير الاعلامي القسامية ما بين غزة والضفة والخارج، وتعتمد على التأثير في الابعاد النفسية للاحتلال من خلال لغة الجسد واستخدام مصطلحات بعينها مثل "ابن اليهودية".
ويعتقد أن اعداد واخراج المشاهد المصورة يعتمد على خطة توظيفية وضعها مختصين وتحمل رسائل ذات دلالة، ولا يقتصر الامر على عمل هواة، انما ينم عن جهد مدروس من حيث الشكل والمضمون والسيناريو والاخراج التلفزيوني، يقف خلفه أصحاب تجربة استفادت من تجارب الحروب السابقة، وتخصصوا بشكل أفضل في مجال عملهم.
وتتلخص قوة الضربات الاعلامية المتتالية التي وجهتها القسام للاحتلال عندما طرقت رسائل الكتائب جدار الصمت الاسرائيلي الذي حاول عدم الخوض في الحديث عن أسراه لدى المقاومة، وذلك من خلال مجسم الدبابة التي دشنته الكتائب في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة واحتوى على ثلاث قلائد احداها ضمت صورة شاؤول حملت علامات استفهام.
أيا كانت تركيبة الوحدة الاعلامية القسامية، الا أنها استطاعت أن تؤذي قادة الاحتلال بمحتوى رسائلها المصورة، وتمكنت من ان تكسر قواعد الحرب النفسية في المعركة.