قائمة الموقع

اعترافات "فرج".. حين تصبح الخيانة وجهة نظر

2016-01-21T06:57:27+02:00
الرسالة نت-محمود هنية

في اطلالة نادرة لرئيس جهاز المخابرات في السلطة، ماجد فرج، عبر مجلة (ديفنس نيوز) الأمريكية، أقر بدور أجهزته الأمنية في إحباط 200 عملية ضد الاحتلال منذ بداية انتفاضة القدس، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها محاولة من الرجل لتسويق نفسه امريكيًا كرجل قادر على حماية أمن (إسرائيل) وتوفير متطلباتها في المرحلة المقبلة، في ظل احتدام التنافس على رئاسة السلطة خلفًا لمحمود عباس.

المفارقة أن تصريحات فرج جاءت عقب كشف الجهاز الذي يترأسه، عن عميل في مكتب أمين سر منظمة التحرير صائب عريقات، في خطوة اثارت التساؤلات حول توقيت الكشف عنه، ومدى استفادة المخابرات من ذلك.

عريقات نفى بداية لـ"الرسالة نت"، وجود معلومات لديه حول فحوى التحقيق مع العميل، ثم بعد ذلك أعلن لاحقًا عن معلومات اطلع عليها في المخابرات، في وقت نفت فيه مصادر من داخل فتح علم النيابة العامة باعتقال "ع.م"، ويرجح فرضية أن الخبر سرب من داخل الجهاز الذي يعتقله، وهو المخابرات العامة.

ولم يستبعد مختصون تورط ماجد فرج بالكشف عن العميل؛ لتوريط عريقات والمساهمة في تخفيض أسهمه في بازار الـمنافسة على الرئاسة، مستغلًا ذلك لكي يعلن موقفه بأنه الاقوى والأكثر حضورًا وحصانة على الاختراق، ويتجاوز بذلك منافسه عريقات الذي يعد ليكون خليفة عباس.

ووضعت تصريحات فرج حدًا لحفلة أجهزة امن السلطة، التي حاولت استغلال "عميل عريقات" كورقة لـ"تطهير" دور الاجهزة الأمنية، باعتبارها موجهة ضد العملاء، لكنه سرعان ما أماط الـلثام عنها، ليكشف عن دورها في وأد الانتفاضة والعمل على قبرها، بوصف عبد العليم دعنا القيادي في الجبهة الشعبية لـ "الرسالة".

تأكيد فتحاوي

ورغم ما تنطوي عليها اعترافات فرج من خطورة حول دور السلطة في ملاحقة المقاومين، الا انها لم تثر استغراب المراقبين والفصائل، كونها أكدّت المؤكد، وافصحت عما هو معلوم لدى الجميع في الضفة المحتلة، كما قال متحدثون باسم الفصائل للرسالة.

فأغلب قادة السلطة ومن شغلوا مواقع أمنية فيها أمثال توفيق الطيراوي وجبريل الرجوب، جاهروا في علاقتهم الأمنية مع الاحتلال، حتى وصل الامر لاعتباره أمراً طبيعيًا "كما يتم بين أي دولتين في العالم"، كما قال الطيراوي في مقابلة متلفزة لـقناة تابعة لحركة فتح.

تصريحات فرج هي تأكيد عملي على مبدأ " التنسيق المقدس" الذي تحدث عنه رئيس السلطة محمود عباس، ونبه اليه فرج خلال حديثه مع المجلة الامريكية.

وإزاء تباين الموقف الفتحاوي اتجاه الالتحام بانتفاضة القدس، الا ان قيادة السلطة حسمت امرها بمواجهة الانتفاضة التي ترفض الاعتراف بتسميتها، وتقتصر على اعتبارها "هبّة شعبية"، ورغم ما تشهده الضفة من اعدامات ميدانية ومشاهد تعذيب وصلت الى حد اجبار فتيات على خلع ملابسهن، الا ان السلطة تتفاخر بـسحب سلاح المقاومة وتخريب عملياتها الفدائية.

هنا يستحضر الفلسطينيون مقولة أحد قادة فتح ومسؤوليها التاريخيين ابو الهول، عندما تساءل" مين الحمار الي برمي سلاحه وبتفاوض مع عدوه"، غير أن " الحمار هنا ألقى بسلاحه ويسعى لانتزاع سلاح شعبه، ولا يرجى من عدوه ان يتفاوض معه".

خيانة أمنية

فطبقًا للشواهد والوقائع الميدانية بالضفة، فإن أكثر من اسير اعتقل خلال انتفاضة القدس، أشار بأصابع الاتهام الى اجهزة امن السلطة في التورط باعتقاله، وتقديم معلومات عنه، حتى ان بعضهم وجد ملفات جاهزة لتحقيقات سابقة اجريت معه في سجون السلطة على رف اجهزة مخابرات الاحتلال.

ويكشف الاسير المحرر عاصم أبو الهيجا لـ"الرسالة نت" ، أثناء التقاءه بعدد من هؤلاء الأسرى من بينهم أحد معتقلي خلية نابلس منفذ عملية (ايتمار)، أن ضابطًا في السلطة جاء ليحقق مع احد افراد هذه المجموعة وقد كان مصابًا، وامر بالتحفظ عليه، ثم سرعان ما وصلت دوريات الاحتلال والقت القبض عليه.

ويشير أبو الهيجا إلى ان امن الاحتلال استند على افادة مسؤولين في المخابرات الفلسطينية شاركوا في التحقيق مع اعضاء في خلية بمخيم جنين، وقدموا معلومات وافية عند التحقيق مع اعضاء الخلية.

وكان موشيه يعلون وزير الحرب الاسرائيلي، قد أشاد بالعلاقة الأمنية التي تربطهم مع السلطة، حتى إنه قال أثناء مطاردة الشهيد نشأت ملحم" لو هرب الى الضفة لكان اسهل علينا القاء القبض عليه لوجود من يساعدنا في ذلك".

ما ارتكبه أمن السلطة سابقًا، يعتبر جريمة وخيانة يستوجب على فاعلها المحاكمة والمحاسبة، طبقًا للمادة (1و 2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام 1979.

وتصل العقوبات الجنائية العادية إلى حد الاعدام، ويندرج من بينها أي عمل من شأنه المساس بالثورة أو العاملين فيه، بينما تصل العقوبات الجنائية السياسية الى السجن المؤبد، ويندرج تحتها أي تعاون سياسي مع الاحتلال.

كما جرمت اتفاقات المصالحة وفي مقدمتها اتفاق القاهرة 2005 أي علاقة أمنية مع الاحتلال، بما في ذلك تقديمات معلومات عن المقاومة او تسليم المقاومين، عدا عن دعوة الـمجلس المركزي لمنظمة التحرير، السلطة بضرورة التوقف عن التنسيق الأمني، وهي خطوات ضربت بها السلطة عرض الحائط.

اخبار ذات صلة