قائمة الموقع

تلفزة إسرائيلية للتحريض على الفلسطينيين برعاية نتنياهو

2016-01-24T09:02:55+02:00
الأرشيف
د. صالح النعامي

في خطوة أخرى تدلل على مدى التزامها بتمكين اليمين الديني من إحكام سيطرته على سوق الإعلام، خرجت الحكومة الإسرائيلية عن طورها في تقديم التسهيلات لقناة تلفزة جديدة ذات توجه يميني ديني متطرف، على حساب قناة رسمية كانت تبث باللغة العربية.

 وتحظى القناة الجديدة التي أطلق عليها "قناة 20" بدعم مباشر من ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب وزير الاتصالات.

 وبناء على تعليمات نتنياهو، فقد قررت وزارة الاتصالات السماح بتسويق قناة "20" ضمن منظومة "عيدان بلوس" التي تختص بتسويق قنوات البث التلفزيوني بدلا من قناة "33"، وهي قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية التي تبث باللغة العربية.

 وعلى الرغم من أن منح الترخيص لـ"قناة 20" جاء على اعتبار أنها تعنى بالتراث والتقاليد اليهودية ولا تعنى بالسياسة، إلا أن القناة شرعت فورا في تجاوز شروط الترخيص وباتت تبث برامج ذات طابع سياسي وأيديولوجي وتعنى بتقديم برامج اقتصادية في مسعى لجذب أكبر قطاع من الجمهور.

 وقد شرعت القناة الجديدة في الترويج للخط الدعائي والأيديولوجي والسياسي للتيار اليميني الديني المتطرف من خلال تبني مواقف هذا التيار.

 وقد أضفت الحكومة ووزراؤها شرعية على تجاوزات "قناة 20" القانونية والانضباطية من خلال تهافت الوزراء وكبار المسؤولين على المشاركة في البرامج الحوارية التي تبثها القناة، والتي باتت تستحوذ على اهتمام قطاع واسع من الجمهور الإسرائيلي، سيما من ذوي التوجهات الدينية واليمينية.

 وتسمح القناة عبر حسابها على تويتر والفيسبوك واليوتيوب بتفاعلات للجمهور من خلال طرح أسئلة انتقائية تستدعي المواقف العنصرية والتحريض.

 ومما يدلل على أن القائمين على القناة معنيون بتوظيفها بالترويج للأفكار اليمينية المتطرفة، فقد عنت القناة بشكل خاص استيعاب الصحافيين من ذوي التوجهات اليمينية والدينية، سيما الصحافي ومقدم البرامج أرئيل سيغل.

 ويقول الصحافي نتنئيل شلوموفيتش أن منح الأفضلية لقناة "20" لا ينحصر في التسهيلات التقنية والإدارية، والقانونية، بل أيضاً يتجسد في حرص الوزراء وكبار المسؤولين على منح هذه القناة عددا من السوابق الصحافية لتكريس مصداقيتها، إلى جانب عدم تردد المسؤولين الذين يتولون مناصب حساسة في الموافقة على طلب القناة بإجراء مقابلات معهم، كما فعل مسؤول ملف الموازنة في وزارة المالية الذي كشف تفاصيل مهمة في مشروع الموازنة.

 ويشير شلوموفيتش في تقرير نشرته صحيفة هارتس إلى أن ما يفاقم خطورة السماح ل "قناة "20 ببث برامج أخبارية وسياسية أنها تعتمد التحريض الفج على الفلسطينيين؛ ليس فقط لأن مقدمي البرامج هم من النخب اليمينية المتطرفة، بل لأن هذه القناة تحرص أيضاً على استضافة المرجعيات الدينية المشهورة بتحريضها على العنف والقتل.

واعتبرت صحيفة "هارتس" أن الممارسة التمييزية ضد قناة "33"، التي تبث بالعربية، والتي يفترض أن تلبي حاجة جمهور فلسطيني "تعد سلوكاً عنصرياً، يعكس نمط التعاطي الدائم للحكومة الإسرائيلية مع هؤلاء الفلسطينيين".

 ونوهت الصحيفة إلى أن وكلاء الوزارات من ذوي العلاقة بالبث الذين تجندوا لخدمة "قناة 20" تنكروا لحاجة الجمهور الفلسطيني "في خطوة تشي بعمق الاعتبارات السياسية والأيديولوجية التي تتحكم في معايير التعاطي مع البث في (إسرائيل)".

 ونوهت الصحيفة إلى أن (إسرائيل) تجفف منابع المصادر الإعلامية التي كانت مخصصة لخدمة جمهور فلسطينيي الداخل.

 وهناك الكثير من الشواهد التي تدلل على أن التمييز ضد برامج البث المخصصة لفلسطينيي الداخل في مؤسسات البث التي تديرها الدولة واسع وراسخ.

 فحسب الموازنة المخصصة لمجمع البث الجماهيري الجديد الذي تديره الدولة، والذي سيبدأ العمل ابتداءً من مارس القادم، فإنه قد تم تخصيص مبلغ 180 مليون شيكل (حوالي 45 مليون دولار) لشراء برامج ومسلسلات باللغة العبرية، في حين تم تخصيص 20 مليون شيكل فقط (ستة ملايين دولار) للبرامج باللغة العربية؛ وهو ما يمثل 10% من المخصصات لشراء البرامج؛ في حين أن فلسطينيي الداخل يمثلون 20% من نسبة السكان في (إسرائيل).

 ومن أصل 15 محطة إذاعة مناطقية تبث في (إسرائيل)، هناك إذاعة واحدة فقط تبث بالعربية.

وفي السياق كشفت الإذاعة العبرية أن نخب حكم يمينية تجري اتصالات مع عدد من رجال الأعمال اليهود في أرجاء العالم لتمويل إقامة المزيد من قنوات البث التي تخدم الخط الدعائي لليمين.

 وأشارت الإذاعة إلى أن على رأس الأشخاص الذين توجهت إليهم هذه النخب الملياردير اليهودي الأمريكي شيلدون أدلسون، مالك صحيفة "يسرائيل هيوم" أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً وأثرياء يهودا آخرين.

 ونوهت الإذاعة إلى أن النخب اليمينية، وضمنها نواب ووزراء في الحكومة، يتكتمون على نتائج الاتصالات مع اليهود، مرجحة أن تحظى هذه الاقتراحات بترحيب رجال الأعمال من ذوي التوجهات اليمينية المتطرفة.

 ولم تستبعد الإذاعة أن يلعب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دوراً في اقناع رجال الأعمال اليهود بتبني هذه الاقتراحات، وتوظيف ثقله في اقناعهم.

 وأوضحت الإذاعة إلى أن نتنياهو يحتفظ بعلاقات صداقة قوية مع أدلسون، الذي يسهم في تمويل حملاته الانتخابية.

 ويشار إلى أن أدلسون أمر بتوزيع صحيفة "يسرائيل هيوم" مجاناً لضمان وصولها إلى أكبر عدد من الإسرائيليين في مسعى منه لتسويق أيدلوجية اليمين الإسرائيلي.

اخبار ذات صلة