"لم نختر الحرب بأيدينا (...) هي فرضت علينا، وعلى المسؤولين أن يحافظوا على دم الشهداء وكرامتهم، وألا نتحول إلى متسولين"، بهذه الكلمات نطقت الحاجة أم علي القايض، معربةً عن غضبها من تعطيل منظمة التحرير ورئاسة السلطة صرف مستحقاتهم كبقية ذوي الشهداء.
الحاجة القايض فقدت اثنين من أطفالها -ولاء "15 عاما" وأحمد "12 عاما"-بقصف طائرة استطلاع في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة خلال العدوان الأخير، بعد أيام من تدمير منزلهم بشكل كامل، ولجوئهم إلى مدارس الإيواء التابعة للأونروا.
ليس ذلك فحسب، بل إن الأحداث مجتمعة، تسببت بجلطة قلبية لزوجها محمد القايض، خضع على إثرها لعملية قسطرة بعد حوالي شهرين من انتهاء العدوان، لتضاف المآسي لذاكرة العائلة.
وكان الاحتلال قد خرق جسد نجلهم محمود "13 عاما" بـ 17 رصاصة عام 2003، أثناء صيده للطيور على حدود غزة.
تشارك الحاجة القايض في الاعتصام الأسبوعي الذي تنظمه لجنة أهالي الشهداء والجرحى بغزة، احتجاجا على تعطيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى التابعة لها، صرف مخصصاتهم المالية الشهرية أسوةً بباقي ذوي شهداء فلسطين.
وتتساءل القايض: "هل شهيد الضفة شهيد، وشهيد غزة غير شهيد؟، لطالما كنا نسمع من المسؤولين قولهم بأن (الشهداء أكرم منا جميعا)، لكن في الحقيقة نحن اليوم نُهان وتُستغل دماء أبنائنا في صراعاتهم السياسية وعلى المناصب".
حال هذه العائلة، لا تختلف كثيرا عن أحوال ذوي أكثر من 2360 شهيدا ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على غزة صيف عام 2014، يُحرمون دون غيرهم من استلام مخصصاتهم من مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى.
وتعبيرا عن نفاد صبر ذوي الشهداء، بعد أكثر من عام على الاحتجاجات السلمية شبه الأسبوعية، وتلقي الوعود من جهات مختلفة في قطاع غزة والضفة المحتلة، علّق بعضهم مشانق أمام مقر مجلس الوزراء في غزة مؤخرا، ما أثار أنظار القيادة الفلسطينية، ودفع جهات عدة للتحرك لإيحاد حل لقضيتهم.
وتطورت احتجاجات الأهالي ليصاب عدد منهم بحالات إغماء جراء تدافعهم أمام المشانق المعلقة، ونُقل عدد منهم إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة لتلقي الرعاية الصحية.
التصعيد في الاحتجاج، جاء بعد أيام من إقرار الحكومة في رام الله لموازنة عام 2016، والتي تجاهلت فيها قضية ذوي شهداء العدوان على غزة، وتناست ملفات كبيرة ومهمة تخص القطاع.
المتحدث باسم لجنة الشهداء والجرحى، علاء البراوي، أوضح أن تعليق المشانق يمثل أول خطوة احتجاجية إذا ما استمرت السلطة الفلسطينية وحكومة رام الله في تجاهل مطالب ذوي الشهداء.
وأشار البراوي إلى أن تحركا سريعا جرى بعد الاحتجاج من بعض ممثلي الفصائل، الذين اجتمعوا برئاسة زكريا الآغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتبنوا مطالب أهالي الشهداء وأجمعوا على ضرورة ايجاد حل سريع لقضيتهم.
وبين أنه تم تكليف محمود الزق أمين سر هيئة العمل الوطني، بالمتابعة بين اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والفصائل، وتم الاتفاق بدايةً على أن تُطلق الجبهة الشعبية مبادرةً لإنهاء ملف ذوي الشهداء، والضغط على الجهات المسؤولة عن تعطيله.
وشدد البراوي على أن الخطوات التصعيدية ستستمر فيما لو بقي ملف ذوي الشهداء عالقا، قائلا إن: "إذا لم تُحل قضيتنا سنستكمل خطواتنا التصعيدية ولن ننتبه لأي فصيل أو شخص سيحاول ايقافنا، واعتصاماتنا مستمرة حتى يذهب كل أهالي شهداء عام 2014 إلى البنوك لاستلام مخصصاتهم".
وبحسب البراوي، فإن مشكلة اعتماد ذوي الشهداء مقتصرة على من اُستشهدوا خلال العدوان الأخير على غزة، مبينا أن مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى تعتمد شهداء انتفاضة القدس الحالية دون أي إشكاليات.
بذكر أن أهالي شهداء عام 2008 أقدموا على نفس الخطوات التصعيدية أواخر عام 2013، إلى أن تم ادراجهم ضمن قوائم شهداء الشعب الفلسطيني.