كشف محمد جميل نائب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من لندن مقرا لها، تفاصيل القضية التي رفعتها المنظمة في محكمة الجنايات الدولية ضد النظام المصري بفعل اجراءاته تجاه قطاع غزة.
وبيّن جميل في حديث خاص بـ "الرسالة نت"، معطيات القضية، مشيرا الى أن المنظمة التقت مع مسؤول قسم تحليل المعلومات في محكمة الجنايات الدولية هيري كروزر، وسلمته دعوى قضائية رسمية بموجب اختصاصها تتضمن مسألتين (الأولى اغلاق معبر رفح والثانية اغراق الحدود مع غزة بمياه البحر).
وأوضح جميل أن هاتين القضيتين تعتبران جرائم ضد الإنسانية، بموجب اتفاق روما.
معطيات الدعوى
وأشار الى ان رفع الدعاوي يأتي استنادًا إلى قبول فلسطين طرف في المحكمة الجنائية منذ التحاقها بها في الأول من ابريل 2015م، إضافة الى إعطاء فلسطين محكمة الجنايات اختصاص النظر بالجرائم التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، بموجب اعلان اودعته في الأول من يونيو 2015م.
وأكدّ جميل أن الجرائم المذكورة هي "جرائم ممنهجة" ترتكبها السلطات المصرية بحق السكان، وتعتبر عقوبات جماعية ضد القطاع، خاصة وأنها تسببت في تفاقم المعاناة الإنسانية هناك وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وحرم السكان من التنقل لتلقي العلاج والتعليم.
ونوه إلى أن معبر رفح لم يفتح طيلة العام المنصرم سوى 39 يومًا، بمعدل عمل 4 ساعات يوميا، مشيرا الى ان هذه القضايا ستنظر المحكمة فيها بموجب اختصاصها ان كانت جرائم حرب أم ضد الإنسانية، وفقًا للتأصيل القانوني لها.
وأضاف جميل أن هذه القضية لا يمكن نقضها بموجب القانون الدولي، مبيًنا أن أي طرف يحاول التحريض على اغلاق المعبر ويقر بدوره في ذلك، يمكن ملاحقته قانونيًا باعتباره شريكًا في الحصار، وفق قوله.
وكان محمود عباس رئيس السلطة قد أقر في تصريحات صحفية وقوفه خلف فكرة إغراق حدود القطاع بالمياه، معتبرا في الوقت ذاته أن اغلاق معبر رفح هو حق خالص للجانب المصري.
أطراف القضية
وبيّن جميل أن السلطة الفلسطينية لا يمكنها سحب الدعوة المقدمة من المنظمة ضد السلطات المصرية، فهي تلتزم بما وقعت عليه في اتفاق روما، مشيرا الى ان كل فرد ومؤسسة ومنظمة يحق لهم التقدم بشكوى للنائب العام بأي معلومات تفيد بأن جرائم ارتكبت بحقه.
وأكدّ نائب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين من السلطات المصرية، وصلت الى حد الإعدام المباشر، من خلال اعدام متعمد للشاب المختل عقليا إسحاق حسان والصياد محمد مقداد وآخرين.
وقال جميل إن من يبرر سلوك النظام المصري ضد غزة فهو شريك في الجريمة بالمعنى القضائي والقانوني، وتوجه له ذات التهم، منبهًا الذين يبررون للنظام ان يحتاطوا في المرات القادمة كي لا تلحق بهم العواقب القانونية، وفق تعبيره.
وأشار الى أن المحكمة لا يمكنها ابطال الدعوى، سيما وأنها محل اختصاص، ومن الواضح ان القرار السياسي لدى الجانب المصري والسلطة الفلسطينية تجميد الملف لأجندات سياسية وابتزاز سياسي، وهو امر محرم في القانون الدولي.
ولفت إلى أن السلطة لا تملك سوى الالتزام بما نصت عليه القواعد والتعاون مع المحكمة لملاحقة المجرمين والقاء القبض على المسؤولين.
جرائم ضد الانسانية
وقال جميل إن اللجوء الى المحاكم الدولية يأتي بعد عشرة سنوات من الحصار الذي تسبب بإزهاق أرواح المئات من الفلسطينيين في القطاع، وحرم الالاف منهم فرص التعليم، عدا عن تسببه في تعطيل أكثر من موسم عمرة وحج خلال المرحلة الماضية.
وأضاف جميل أن الدعوى موضح فيها تداخل الموقف السياسي والقانوني، خاصة وأن الجهة التي تحكم مصر اليوم، تتعامل مع الـقطاع بشكل أكثر وحشية لأسباب سياسية.
وأشار الى أن النظام يرغب في التضييق على سكان القطاع للانقضاض على الجهة الحاكمة، وهو امر مرفوض في القانون الدولي.
وأوضح أن القضية في مراحلها الأولى، حيث أن الخطوة الجنائية ستبدأ بتحليل المعلومات والتحقق منها، والانطلاق بعد ذلك لمراحل تحقيق مختلفة، منوهًا بأن المدة التي ستستغرقها القضية لن تساوي شيئًا أمام الفترة التي عاشها القطاع في أتون الحصار وقد فاقت عشر سنوات.
ودعا جميل المسؤولين في مصر الى التفكر والتدبر في القضية الجنائية المرفوعة، لأن الامر جد خطير، وفق قوله.
وقال إن كل من اشترك في الحصار وعمليات الحفر، والشركات، وكل من أعطى أمرًا أو شارك في تنفيذه بشأن الحصار على غزة، سيكون في موضع الملاحقة القانونية.
وأضاف أن القرار السياسي في مصر سيجر مؤسسات بأكملها واعداد كبيرة الى المحكمة الجنائية وهو امر في غاية الخطورة.
ونبه جميل إلى أن القانون الدولي نص على معاقبة أي شخص يتورط في عمل عدائي من الجرائم المذكورة ضد غزة، حتى لو تذرع بأن هذه الجريمة تمت بأوامر عليا، "فلا مشروعية لأي قرار عدائي ضد الإنسانية".
يذكر أن النظام المصري بدأ بحفر قناة مائية على الحدود بين غزة ومصر، الأمر الذي يهدد بكارثة بيئية وإنسانية ضد القطاع.
وترفض السلطات المصرية فتح معبر رفح، بذرائع سياسية وأمنية مختلفة، في الوقت الذي تسبب فيه الاغلاق بزهق أرواح أكثر من 450 مريضًا طيلة عقد من الحصار.