لا شك أن استمرار الانتفاضة وتصاعدها بات يشكل تهديداً كبيراً لمشروعي السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، لا سيما وأن دخولها الشهر الخامس أصبح يُفقد الطرفين السيطرة على زمام الأمور شيئاً فشيئا.
ورغم محاولات الاحتلال وحتى السلطة وضع حد لتصاعد الانتفاضة إلا أنها استطاعت التغلب على كل محاولات وأدها والحفاظ على ديمومتها، من خلال طابعها الفردي والعفوي الذي يساعدها على البقاء.
وليس غريباً أن يجري لقاء بين قيادة الأجهزة الأمنية للسلطة ورئيس حكومة الاحتلال "نتنياهو" لبحث احتواء الانتفاضة، فمحاولات السلطة لوأدها لم تتوقف لحظة واحدة، وما يؤكد ذلك تصريحات رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج قبل أيام عن إحباط أجهزته الأمنية لأكثر من 200 عملية فدائية كانت ستنفذ ضد الاحتلال خلال الأشهر الماضية.
تصريحات ولقاءات تسعى السلطة من خلالها لإثبات ولائها للاحتلال واسقاط الحجة عن نفسها؛ طمعاً في دفع الأخيرة لاستئناف المفاوضات العقيمة معها، والعودة لمشروع التسوية من جديد.
وكان وفد أمني يضم رئيس الشؤون المدنية حسين الشيخ واللواء ماجد فرج ورئيس جهاز الأمن الوقائي اللواء زياد هب الريح، قد التقى نهاية الأسبوع الماضي رئيس حكومة الاحتلال في القدس، وتناول معه قضايا من شأنها إعادة الهدوء لمناطق الضفة الغربية كسابق عهدها قبيل بدء المواجهات في تشرين أول (أكتوبر) الماضي.
وفي ظل محاولات السلطة والاحتلال المستمرة وقف انتفاضة القدس يبقى السؤال المطروح إلى أي حد يمكن لتلك المساعي أن تنجح، وما مستقبل الانتفاضة خلال الأيام المُقبلة؟
وهنا استبعد المحلل السياسي ومدير مركز الخليل للأبحاث والدراسات الميدانية عدنان أبو تبانة أن تنجح تلك اللقاءات في وقف الانتفاضة، مرجعاً ذلك إلى تميز الانتفاضة بطابعها الشعبي والفردي الذي يجعل من الصعب احتواؤها.
وأكد أبو تبانة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن جميع الجهود الأمنية الفلسطينية و"الإسرائيلية" باءت بالفشل كون أن العامل الفردي وليس الفصائلي هو من يشعل الانتفاضة على عكس سابقاتها.
وأوضح أن الانتفاضة تستمد ديمومتها وبقاءها من الأسباب التي أدت لانطلاقها والتي لا تزال مستمرة وهي اقتحامات المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين واستمرار الاستيطان.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون مع سابقه، مبيناً أن مساعي السلطة الحثيثة لوأد الانتفاضة حالت دون تطورها ومنعتها من الانتقال لمرحلة العمل المسلح، لكنها لم تنجح في اخمادها والقضاء عليها.
ويلفت المدهون في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن فشل عملية التسوية وادراك الفلسطينيين أن لا خيار أمامهم سوى خيار المقاومة وعفوية المنتفضين؛ من أهم الأسباب التي مكنت بقاء الانتفاضة ومنعت تطويقها.
ويتوقع أن تتغلب الانتفاضة على جميع العقبات التي تحاول حكومة الاحتلال والسلطة وضعها، وتتوسع داخل المدن المحتلة؛ مما ستؤدي لانفلات الأوضاع في المنطقة وتشكل تداعيات كبيرة على الاحتلال.
وبالعودة إلى أبو تبانة فقد بيّن أن الانتفاضة ستأخذ مدى أكبر في الفترة المٌقبلة، قائلاً:" قد تتغير اشكالها ومعاييرها لكنها ستبقى بمعناها الشامل وتتطور حتى تأخذ زخم أكبر كي تحقق أهدافها".
ونهاية المطاف يمكن القول إن جميع جهود السلطة والاحتلال في منع الانتفاضة لن تنجح في ظل حالة الغليان والسخط الشعبي على جرائم الاحتلال المستمرة بحق الفلسطينيين.