يبدو أن (إسرائيل) أقرّت رسميًا أن ما يجري في مدن الضفة المحتلة في الفترة الراهنة، ليست موجة عابرة تنتهي خلال أيام، كما اعتقد القادة السياسيون والأمنيون والعسكريون، وعلى رأسهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، منذ انطلاقتها مطلع أكتوبر العام الماضي.
فدخول الانتفاضة شهرها الخامس وتزايد العمليات الفردية، وأبرزها إطلاق النار، دفع نتنياهو إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الوزاري المصغر (الكابينيت)، نهاية الأسبوع الماضي، لتقييم الأوضاع الجارية في مدن الضفة المحتلة.
وأصدر نتنياهو خلال الاجتماع الذي دام لساعات، عدة قرارات، أبرزها إعادة تقييم الموقف من الانتفاضة هل ما زالت تلقائية أم منظمة.
وكان ثلاثة شبان قد نفذوا عملية إطلاق نار قرب قبل عدة أيام قرب باب العامود في مدينة القدس، ما أدى إلى مقتل مجندة اسرائيلية وإصابة اثنين آخرين، وصفت جراح أحدهما بالخطيرة.
ويرى مراقبون أن قرار "الكابينيت" يعني اعتراف (إسرائيل) بأن ما يحدث في مدن الضفة حالة دائمة وليست هبة عابرة.
الكاتب والمختص في الشأن الاسرائيلي أكرم عطا الله، قال إن (إسرائيل) سلّمت بأن الامور في حالة تصاعد مستمر، لذلك يجب عليها اتخاذ اجراءات وقائية للحد منها، حتى لا تتسع أكثر داخل الاراضي المحتلة.
وذكر عطا الله لـ "الرسالة نت"، أن (إسرائيل) اعتقدت في بداية الامر ان الاوضاع السائدة في الضفة "مؤقتة" لذلك كانت تخشى اتخاذ أي اجراءات قاسية، خوفاً من تزايد نقمة الفلسطينيين.
وقد تتجه (إسرائيل) لاتخاذ اجراءات عقابية جديدة ضد الفلسطينيين، مثل استخدام اسلوب العقاب الجماعي، وعزل مدن الضفة عن بعضها، في محاولة منها لوقف الانتفاضة واضعاف الشبان المنتفضين.
واستبعد عطا الله نجاح تلك الاجراءات، خاصة في ظل تصاعد وتيرة الانتفاضة، مشيراً إلى أن (إسرائيل) ستزيد من القوة التي استخدمتها في الأشهر الأولى من الاحداث الجارية.
علاء خضر المختص في الشأن الاسرائيلي، وافق عطا الله الرأي، قائلاً إن استمرار الأوضاع على هذه الشاكلة فاجأ قادة الاحتلال وباتوا غير قادرين على اتخاذ قرارات رادعة ضد الفلسطينيين.
وأضاف خضر لـ "الرسالة نت"، أن ما يحدث الآن في الضفة تجاوز مرحلة الهبة الشعبية، ويمكن القول بأننا في مرحلة "انتفاضة حقيقية".
وعقب القرارات "التعسفية" التي نتجت عن اجتماع الكابينيت الاسرائيلي برئاسة نتنياهو، فإنه يمكن القول بأن (إسرائيل) متجهة نحو تصعيد قوتها في وجه المنتفضين الفلسطينيين في الوقت الذي استبعد الكاتب خضر ان يلجأ الاحتلال لسياسة العقاب الجماعي بهدف عدم تصعيد وتيرة الاحداث.
مناورة سياسية
ولا شك أن (إسرائيل) تسعى لإنهاء "الصراع الدائر" في الضفة هذه الأيام، بأي وسيلة تراها مناسبة، ف من الممكن أن تلجأ للحل السياسي لتخفيف حدة الاحتقان، وفق خضر.
في حين توّقع عطا الله ، أن تلجأ "اسرائيل" لحل الخلافات عبر مناورة سياسية قد تجريها من خلال الاستعانة بطرف دولي آخر.
ورغم كل الوسائل التي يستخدمها الاحتلال لاخماد وتيرة الانتفاضة فإن الشبان المنتفضين لايزالون يواصلون التصدي للاحتلال بأدواتهم البدائية كالحجارة والمولوتوف، والتي باتت تتطور شيئاً فشيئًا.