انتظر المواطن نائل حميد مدة أسبوعين للحصول على حصته من أسطوانات غاز الطهي لصالح مخبزه البسيط وسط غزة، حتى اكتشافه تهرب موزع الغاز من منحه حصته، ليتوجه للجهات الرسمية والمختصة بالرقابة على الغاز وتوزيعه، والتي أفادته بأن الموزع قد حصل على كميته من الغاز، لكن الأخير نفى ذلك.
الحالة السابقة وغيرها التي نرصدها في هذا التحقيق تضع علامات استفهام: "أين ذهب الغاز؟ ومن المستفيد من اشتداد أزمة الغاز والتلاعب بحصص الموزعين؟ وهل هناك تجاوزات من شركات الغاز في القطاع؟".
أزمة غاز الطهي في غزة تعد إحدى أكبر أزمات القطاع والتي يعاني منها نحو مليوني مواطن، منذ عام 2012 بعد تقنين الاحتلال (الإسرائيلي) كميات الغاز الواردة وتحويل العمل إلى معبر "كرم أبو سالم" التجاري.
الأزمة أغضبت المواطنين مع ورود شكاوى تفيد باستغلال بعض محطات الغاز للأزمة في رفع أسعار الأسطوانات والتعاون فيما بينهم مع موزعين، وورود شبهات في قضية عدالة توزيع الغاز وتجاوزات حصلت عليها "الرسالة" من خلال هذا الملف.
وللتوضيح فإن قطاع غزة يحتاج 450 طنا من الغاز يوميا، ليسد حاجة القطاعات المختلفة، ويسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال 250 طنا في الأيام العادية، ما يعني عجزا في توفير كميات الغاز المطلوبة في السوق، وفي ذروة الازمة يدخل فقط 20 طن غاز فقط.
"الاقتصاد": 90 % من محطات تعبئة الغاز ارتكبت تجاوزات وانسحبنا من رقابة المحطات
"الرسالة" وضعت عددا من التساؤلات بشأن أزمة غاز الطهي على طاولة الهيئة العامة للبترول والغاز، ليجيب مدير عام الإدارة العامة للهيئة في غزة، أحمد الشنطي إنه كان من المفترض الاستفادة من الأزمة بعدم تكرارها مجددا منذ أربع سنوات واشتدادها في فصل الشتاء، بتخزين الغاز للظروف الطارئة، إلّا أن تقنين الاحتلال الإسرائيلي لكميات الغاز جعل ذلك مستحيلا.
أسباب الأزمة
وقال الشنطي إنه في الأيام العادية دون إغلاق للمعابر يصل غزة يوميا 200 -250 طن من الغاز، لكن الكمية تتقلص من الجانب (الإسرائيلي) في الشتاء وتحول دون تغطية حاجة القطاع، مضيفا "لاشتداد الأزمة في الفترة الماضية، أقرّت الهيئة آلية جديدة لتوزيع الغاز بتعبئة الأسطوانات (6 كيلو بدلا من 12 كيلو)".
وتتعدد أسباب اشتداد أزمة الغاز بغزة في فصل الشتاء، ومنها تقليص عدد سيارات الغاز الواصلة لغزة بقرار من المدير (الإسرائيلي) لمعبر كرم أبو سالم، وتأخر وصول شاحنات النقل للمعبر، بزعم أن البواخر تنسحب من الموانئ البحرية إلى عرض البحر خوفا من تلاطم الموج وضرب رصيف الميناء، وفق الشنطي.
وأوضح أن ثمن الغاز يدفع من غزة مقدما، ولا مشكلة من إدخال حتى 20 شاحنة غاز يوميا، بل إن ذلك مطلب المواطنين وأصحاب الشركات، مشيرا إلى أن عدد محطات الغاز المرخصة يبلغ 38 محطة في القطاع تتوزع حسب المناطق الجغرافية.
وتشرف الهيئة العامة للبترول ودائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد على آلية توزيع الغاز، والكمية الواردة للمحطة والحصص الخاصة بالموزعين، حسب التسجيل والكشوفات الرسمية التي تطلب من المحطات والموزعين.
وتصدر وزارة المالية والهيئة العامة للبترول والغاز أسعار الغاز شهريا، بحيث يحصل صاحب المحطة على ربح 8 شواكل -تصله الأسطوانة بسعر 39 شيكل، ويحصل الموزع على ربح 5 شواكل، لتصل المواطن بسعر 52 شيكلا.
أين يذهب الغاز؟
معدّ التحقيق بحث أيضا عن مسببات وصول الأزمة ذروتها وتتبع شكاوى عديدة من مواطنين وموزعين بشأن تعبئة الغاز بأسعار مرتفعة وبيعه في السوق السوداء، لنكتشف أن ما يمكن أن يطلق عليهم (حيتان الغاز) من بعض محطات الغاز وموزعين يستغلون حاجة المواطنين وتهافتهم لشراء الغاز بأيّ أسعار أو كميات ممكنة، لكسب أرباح إضافية، علاوة على بيع الغاز للسيارات.
"البترول": أوقفنا موزعين عن العمل وبعضهم يخشى أصحاب المحطات
واشتكى المواطن طارق عماد لـ "الرسالة" من استفزاز موزع الغاز وعرضه عليه شراء أسطوانة الغاز (6 كيلو) بمبلغ 30 شيكلا، قائلا له "لا بديل لديك"، علما أن سعر التعبئة 26 شيكلا كما أقرّته هيئة البترول والغاز، ودفعته الحاجة لشراء الغاز بالسعر المعروض، متسائلا "أين البديل وما الحل؟".
المدخل الأساسي الذي بدأت به بعض محطات الغاز هي الكمية المسموح لها بامتلاكها والتصرف بها غير التي تباع للموزعين، وهي 100 أسطوانة وهي التي تسمى "الحصص الفردية"، حيث أكّد عماد الباز مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بغزة لـ "الرسالة" أن من المحطات من تبيع مئات الأسطوانات على أنها حصّة المحطة الفردية، وقد ضُبطت العديد من المحطات تقوم بذلك، ما يعني ضياع حق موزعين وتجاوز في بيع الغاز في السوق السوداء ورفع لأسعار الأسطوانات.
ويضيف الباز: "الحصص الفردية للمحطات هي الإشكالية التي لم تنته بعد"، ويرى أن هناك عدم عدالة في توزيع كميات الغاز على المحطات، حيث تحصل بعضها على خزانيّ غاز شهريا وأخرى يصلها كميات أكبر قد تصل لـ 7 خزانات".
90 % مخالفين!
وكشف مدير دائرة حماية المستهلك أن نحو 90 % من محطات الغاز في القطاع ارتكبت تجاوزات فيما يتعلق بتوزيع غاز الطهي، مؤكدا "لدينا الادلة الكاملة في هذا الموضوع".
وعدّ الباز أزمة الغاز بأنها ملف أسود تم فتحه قبل عام، وإلى اليوم لم يتم الانتهاء من حل كل الألغاز الموجودة فيه، حيث كان الموزعون طرف خيط للوصول للمستفيد الحقيقي من الأزمة الداخلية، مضيفا "اكتُشف أن العدد الأكبر من الموزعين غير ملتزمين بالتسعيرة المحددة مسبقا من الهيئة العامة للبترول"، ليرتفع سعر الاسطوانة 5 شواكل عن سعرها الحقيقي.
أصحاب المحطات: كميات من الغاز تُسرق في الجانب (الإسرائيلي) ونُحمَل مسؤوليتها
وتزداد المرابح التي يجنيها مستغلو الأزمة حين اشتدادها، رغم مرور القطاع بأزمة على مدار العام، وما شكل فارقا حقيقيا واشتدادا للازمة هو ما كشفه مدير حماية المستهلك بتهريب ما يقارب من 40 - 50 % من كمية غاز الطهي الواردة للقطاع إلى السيارات العاملة على الغاز والتي تستهلك كميات هائلة يمكن أن يستفيد منها المواطنون لفترات طويلة.
تجاوزات موثّقة
وتستعرض "الرسالة" جملة من التجاوزات والمخالفات التي ضبطتها الجهات المختصة، ومنها أن بعض المحطات تزن الاسطوانة بأقل من 12 كيلو، فيما ضُبطت إحدى المحطات تقلّص 300 جرام من وزن كل أسطوانة، وبالنظر لعدد الاسطوانات فهناك كمية كبيرة من الغاز تم قضمها من حق المواطن.
علاوة على ذلك فإن الباز كشف النقاب عن متاجرة بعض المحطات في الاسطوانات الجديدة، وعند وقوع أزمة يعملون على تعبئة الاسطوانات الجديدة، ليرتفع سعرها في السوق السوداء.
وأضاف "غالبية أصحاب المحطات يأتون بموزعين من الممكن أن يكونوا وهميين، أو يأتوا بعمال من المحطة ويتم تشغيلهم على أنهم موزعين مقابل أجر شهري"، وحسب تتبع وزارة الاقتصاد فإن هؤلاء الموزعين المحسوبين على المحطة يستغلون وقت الأزمة لتحقيق مرابح اضافية، وتحرص المحطات على اعطائهم أكبر كميات من الغاز.
اتهامات مرفوضة
وقال الباز "بعدما بدأنا بتسجيل العديد من المخالفات للموزعين وصلتنا شكاوى بحق أصحاب المحطات" فاكتشفنا لغزا آخر وهو أن عددا كبيرا من المحطات على الرغم من تحقيقها أرباحا كبيرة إلا أن منها ما تبيع كميات بالآلاف من الاسطوانات بشكل فردي، وتحقيق ربحا يقارب 13 شيكلا في الأسطوانة الواحدة".
وفي السياق رفض سمير حمادة مسؤول لجنة الغاز في جمعية أصحاب شركات البترول والغاز، الاتهامات الموجهة لمحطات الغاز، موضحا أن كميات من الغاز تُسرق في الجانب الإسرائيلي قبل وصولها القطاع، وهذه الكميات يتم تحميلها لأصحاب المحطات، معتبرا أنهم الحلقة الأضعف في هذه القضية.
وقال حمادة لـ "الرسالة"، إن شركات الغاز في غزة دفعت مئات آلاف الشواكل بفعل سرقة أو فقدان كميات الغاز في الجانب الاسرائيلي.
وأشار إلى أن محطات الغاز تدفع ثمن الوقود والغاز مسبقا الى شركة باز الإسرائيلية عبر هيئة البترول برام الله، فيما لم يكن هناك دور للحكومة بمساندة الشركات، رافضا التمييز بين شركات الضفة وغزة، مضيفا "لكن للأسف لا ظهر لنا يحمينا ".
وشدّد حمادة على أن تعاقد الهيئة العامة للبترول برام الله مع شركة باز الاسرائيلية، دون شرط جزاء يحمي الشركات وقطاع الغاز، هو ما سبب لهم خسارة كبيرة بفعل اغلاق المحطات لعدم وصول الغاز يوميا.
إلى ذلك، فإن بعض محطات الغاز اتفقت مع بعض الموزعين على تهريب الغاز الى السوق السوداء وكسب مئات الالاف من الدولارات، كما يقول الباز، اضافة لتهريب بعض المحطات تنكات كاملة، ما دفعهم لإعادة النظر في الكشوفات المعدة من جانب المحطات.
إقصاء الاقتصاد
وقبل يومين من نشر "الرسالة" لتحقيقها اكتشفت تطوّرا مفاجئا، ومن خلال التحري تبيّن أن ضغطا كبيرا جرى لإقصاء وزارة الاقتصاد عن المشهد، واخلاء ساحة الرقابة.
وقد أكّد الباز في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الوزارة انسحبت من مراقبة ومتابعة ملف الغاز وخاصة المحطات بناءً على طلب من هيئة البترول والغاز، "دون معرفة الأسباب".
وعبّر الباز عن أسفه لطلب هيئة البترول انسحاب الاقتصاد من مراقبة المحطات، واصفا ما جرى بأنه "المعبد الذي تم بناؤه قد هدم"، بعد أن شددت الوزارة رقابتها على المحطات والموزعين وضبطت التوزيع بشكل أكبر من السابق.
وأضاف: "اسطوانات الغاز بدأت تباع بطريقة غير معقولة وبدأ موزعون ببيع الاسطوانات (6 كيلو) بسعر 30 شيكلا بزيادة عن سعرها المعلن، وأصحاب المحطات (أكلوا) الموزعين في الكميات لعدم وجود مراقبة وبالتالي ارتفع سعر الغاز على المواطن"، معتبرا أن الأمر بات في غاية التعقيد.
وبعد خروج وزارة الاقتصاد من مراقبة المحطات وقلّة كوادر هيئة البترول العاملة على التفتيش والمتابعة، مع اقرار الموزعين على لسان رئيس جمعيتهم، بازدياد التجاوزات من جانب المحطات، يُطرح تساؤلٌ مهم: أين البديل عن مفتشي الوزارة، وأين الرقابة والمتابعة؟".
موزعون: أصحاب المحطات يبيعون الغاز بأسعار مرتفعة
من جهته، قال رئيس هيئة البترول والغاز في غزة إن الاقتصاد لم تنسحب بالكامل من الملف، وإنما اقتصرت متابعتها على مراقبة الأوزان والأسعار فقط؛ لأن مسؤولية الرقابة على المحطات والموزعين تقع على عاتق الادارة العامة للبترول والغاز.
وأشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يوقف عمل مفتشي وزارة الاقتصاد وبإمكانهم العمل على مراقبة أوزان وأسعار الغاز، وأخذ عينات وضبط الموزعين المخالفين، مضيفا "نفذنا مع البلديات والدفاع المدني جولات مراقبة على المحطات".
وتأكّدت "الرسالة" من وجود تجاوزات جديدة بعد قرار سحب "الاقتصاد" من المراقبة على المحطات، من خلال رئيس جمعية موزعي الغاز أبو رائد الششتري والذي أكّد أن التلاعب والتجاوز قد ازداد في الأيام الأخيرة عن السابق.
وأوضح أن الجمعية قدّمت كتابا رسميا لمدير هيئة البترول والغاز، بتبرئة الموزعين من أيّ تفاقم للأزمة؛ لأن أصحاب المحطات لا يزودوهم بحصصهم، لكنّه رفضه جملة وتفصيلا.
وذكر الششتري أن لديه شكوى من موزع ضد محطة غاز، وقد قلّصت المحطة حصة الموزع من كل كمية غاز تصلها للنصف (15 أسطوانة بدلا من 30)، اضافة لوجود تجاوزات كبيرة في محطة "م" وقد خفضت المحطة أعداد اسطوانات الغاز التي يحصل عليها الموزعون، مضيفا "هذه الملفات بانتظار متابعة إدارة هيئة البترول والغاز".
موزعون يكشفون
وأفاد الششتري أن بعض المحطات تبيع الغاز مباشرة للمواطنين بسعر 52 شيكلا ويتحصل من خلاله على هامش ربح اضافي 5 شواكل.
ولفت الششتري إلى أن الموزعين خلال الاسابيع الماضية قد حصلوا على كميات الغاز ووزعوها على المواطنين بشكل كامل، لكنّ السيارات التي تعمل على الغاز لم تتوقف عن العمل، معبرا عن استغرابه قائلا: "مصدر آخر زودهم بالغاز غير الموزعين"، في اشارة للبيع بالسوق السوداء.
وقال الششتري إن عدد الموزعين في القطاع ما بين نقطة وموزع يبلغون نحو 1200، مشيرا إلى وجود تلاعب مع بعض الموزعين الذين ظهروا بعد عام 2012، فيما غُرِّم نحو 50 موزعا لارتكابهم تجاوزات في قضية توزيع الغاز.
مواطنون: ندفع مبالغ إضافية للحصول على الغاز
والتقى معد التحقيق بموزعين للغاز في مناطق من غزة والوسطى وجنوب القطاع، وأكدوا أن محطات الغاز هي من تبيع للسيارات والمواطنين، إضافة لرفعها الأسعار كما تشاء بشكل علني، ونفوا أن يكونوا قد استغلوا الأزمة لبيع الغاز في السوق السوداء.
ونوّه رئيس جمعية موزعي الغاز إلى أن بعض الموزعين لديهم طمع في تحقيق الربح، وهم ذاتهم من يحصل على الغاز من بعض أصحاب المحطات لضخها في السوق السوداء، متعجبا: "كيف يحصل موزع على الغاز إن كانت محطات الغاز لا تزوده بالغاز بشكل رسمي؟!".
عدم مبالاة!
حاولنا التواصل مع ثلاثة من كبار أصحاب محطات الغاز، لكنّهم رفضوا الحديث مطلقا حول ملف توزيع الغاز، واكتفوا بتبني ما تحدّث به مسؤول لجنة الغاز سمير حمادة، فيما رفض صاحب إحدى أكبر محطات الغاز في غزة الحديث "للرسالة"، متهكما بالقول: "وكأنك سترفع هذا التحقيق لمجلس الأمن!".
وأثناء تقصي "الرسالة" حول الأزمة، اعترف أحد أصحاب محطات الغاز -دون الافصاح عن اسمه-بأن ما أسماهم كبار السوق لا يريدون انهاء الازمة بقوله: "ولا واحد من الكبار بده فك الازمة"، في إشارة لاستفادتهم الكبيرة من استمرار الازمة؛ تحقيقا لمكاسب مادية.
ومن خلال المتابعة في أحد أقسام وزارة الاقتصاد في غزة، استمع معد التحقيق لشهادة أحد المواطنين الذي اشتكى من تعبئة إحدى محطات الغاز -القريبة من منزله في مدينة غزة والتي يملكها أحد أقربائه-لاسطوانات غاز للسيارات، بشكل علني، دون تعبئة غاز للمنازل، وقدّم شكوى رسمية لدى الوزارة ليتم متابعتها من جانب حماية المستهلك بشكل آني، كما عايشه المعدّ.
ضبط موزعين ومحطات
وبالنظر لرقابة هيئة البترول والغاز في غزة ووزارة الاقتصاد، قال مدير الهيئة: يتم معاقبة الموزعين المتجاوزين وأيّ شخص يبلّغ عن موزع يرفع أسعار الغاز المعلنة يتم متابعة شكواه، وأضاف: "خلال الأزمة، أيّ موزع يبيع للسيارات سيتم اتخاذ اجراءات قانونية بحقه ومنعه من العمل في مهنة توزيع الغاز".
وتابع "تم ضبط محطتين وتغريم أصحابهام وتعهدهم بعدم تكرار المخالفة وفي حال المخالفة يتم إغلاق المحطة بشكل نهائي، فيما يزود بعض أصحاب المحطات الموزعين بكميات أقل من المتفق عليها، حيث أجبرنا أصحاب المحطات على اعطاء الموزعين المشتكين حقهم بالكامل ومنهم من تم تغريمه".
وأوقفت الهيئة العامة للبترول عددا من الموزعين عن العمل لفترات، بينما يخشى بعض الموزعين من المحطات خوفا من منعهم من استلام كميات الغاز، ما يمنعهم من تقديم شكوى.
واعتمدت وزارة الاقتصاد في غزة فرض الغرامات المالية لردع المخالفين أو توقيفهم عن العمل، في حين تم تحويل بعض الملفات للنيابة العامة للنظر فيها، وعاد مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد للقول "نحاول الوصول إلى أن الغاز الذي تستورده المحطات يوزّع للمواطنين عن طريق الموزعين".
ومن طرق التحايل على الرقابة في ملف الغاز، فإن بعض المحطات لديها قائمة مطاعم تزودها بالغاز، بحيث تزوّد المحطة وزارة الاقتصاد والهيئة العامة للبترول والغاز بكشوفات بأرقام وكميات أكبر من اللازم للمطاعم، لتبيع تلك الكميات؛ لتحقيق أرباح كبيرة، وهو ما أكّدته وزارة الاقتصاد.
وردا على ما تحدث به الباز، قال رئيس لجنة الغاز في جمعية شركات البترول والغاز: "يجب معاقبة المخالفين، التعامل بالكشوفات على مسار كل اسطوانة غاز؟".
وعبر عن غضبه مما تواجهه شركات ومحطات الغاز قائلًا: "الجميع يتطاول علينا، أين دور من يتهمنا وماذا يفعل لنا؟ ولا يعقل الاستخفاف بعقول الناس والحديث عن تجمد الغاز!".
بيع للسيارات
موزع آخر التقى به معدّ التحقيق، قال إن بعض المحطات تبيع الغاز للسيارات، ويرفضون الكشف عنها خشية منعهم من الحصول على كميات الغاز، وهو ما وافق حديث مدير حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد أن بعض المحطات ضُبطت تبيع للسيارات وقد يصل سعر اسطوانة الغاز للسيارات 100 شيكل، "وهو ممنوع قانونيا".
جمعية الموزعين: المحطات ضبطت التلاعب بحصص الموزعين
فيما عدّ مدير هيئة البترول والغاز أحمد الشنطي المتابعة التي جرت من جانب وزارة الداخلية غير كافية لضبط عمل السيارات على الغاز، وقال إنه منذ بداية فصل الشتاء توجهنا بطلب لوزارة الداخلية لممارسة دورها جديا في موضوع توزيع الغاز.
بدوره، قال سمير حمادة، إن الحلّ النهائي لهذه الازمة يتمثل في إدخال كميات الغاز المطلوبة والتعاقد مع شركات أخرى لضمان الحقوق، وهو ما وافقه الشنطي والباز بالقول إن ادخال الكميات المطلوبة سيتيح تخزين الغاز للأزمات وإنهاء القضية.
وعلى ضوء ما سبق، يقع على عاتق الهيئة العامة للبترول والغاز والجهات المختصة، ضبط آلية توزيع الغاز في غزة، والعودة مجددا لإشراك جميع الجهات القادرة على ضبط العملية بما فيها وزارة الاقتصاد، والعمل على ردع مخالفي اللوائح المتبعة، منعا لاستمرار فوضى التوزيع واستغلال البعض لحاجة المواطنين تحقيقا لمكاسب مادية كبيرة من وراء أزمة الغاز التي تعدّ من أهم الازمات التي تضيّق الخناق على المواطنين في قطاع غزة.