قائمة الموقع

ضابط مصري يكشف حالات تعذيب نادرة ضد الفلسطينيين

2010-05-18T15:23:00+03:00

غزة/لندن – الرسالة نت

كشف ضابط مصري في جهاز أمن الدولة، النقاب عن ظروف اعتقال يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في السجون المصرية غاية في الشدة و القسوة للمعتقلين الفلسطينيين موضحا تفاصيل لأساليب التحقيق والتعذيب التي تنتهجها أجهزة المخابرات المصرية بحقهم .

وقال الضابط المصري الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "إن قيادة جهاز أمن الدولة المصري طلبت التركيز في التحقيقات مع المعتقلين الفلسطينيين على بنية حركة "حماس" ومكان الأسير جلعاد شاليط".

وأكد أن الشهيد يوسف أبو زهري تم إعدامه في سراديب التعذيب في مقر جهاز أمن الدولة في القاهرة . وعن ظروف اعتقال الفلسطينيين في السجون المصرية قال الضابط الإداري في جهاز أمن الدولة في القاهرة "الظروف الاعتقالية سيئة للغاية، حيث يتم وضع المعتقلين الفلسطينيين في زنازين انفرادية تسمى المخزن موجودة بين عنابر السجناء الجنائيين المصريين وهم غالبا من القتلة وتجار المخدرات".

وأضاف "السجين الجنائي المصري يعامل بشكل حسن مقارنة بالمعتقل الفلسطيني، فلديهم فرصة للزيارات من قبل الأهل والخروج إلى مكتبة السجن للقراءة وصلاة الجماعة كما أن وجباتهم الغذائية أفضل، وهذه الأمور لا يمكن أن يحصل عليها المعتقلون الفلسطينيون، فهم معزولون عن العالم الخارجي ويعيشون في ظلام مطبق بشكل مستمر في زنازين ضيقة ورطبة وقذرة للغاية لا يستطيع حتى السجان المكوث فيها لدقائق معدودة بسبب رائحتها الكريهة في حين يسجن المعتقل الفلسطيني فيها لأشهر متواصلة دون أن يرى الشمس".

وتابع "كما أنهم ممنوعون من الصلاة بشكل نهائي وأثناء التحقيق يجبر المعتقل الفلسطيني على الصلاة وهو عاري بشكل كامل".

الزنازين

وقال الضابط "تعرفت على المعتقل أيمن نوفل بعد أن تناولت هذا الاسم وسائل الإعلام لأكثر من مرة وقد رأيته مرتين وهو يقاد إلى غرفة للتحقيق الدوري وهو مكبل اليدين والقدمين".

وتابع "ما استطعت أن اعرفه عن أيمن أنه مكث وحيدا لمدة تزيد عن العام ونصف في زنزانة داخل معتقل أبو زعبل في القاهرة لا تتعدى مساحتها متران مربعان لا يوجد فيها مصدر للتهوية أو إنارة، سوى دلو حديدي يستخدمه في قضاء حاجته".

وأضاف "وفي الشهور الستة الأخيرة شارك أيمن معتقل فلسطينيي آخر مقرب من حركة "حماس" في زنزانة مشابهة لها داخل سجن المرج في القاهرة، فأصبحا ينامان بشكل متناوب كون مساحة الزنزانة  لا تسمح لكليهما بالنوم في وقت واحد".

وعن وضع المعتقل أيمن نوفل قال "عندما رايته كان محمولا من قبل جنديين في ممر قسم التحقيق لا يستطيع المشي لوحده من أثر التعذيب الذي تعرض له أثناء التحقيق، وكان هزيل الجسد لم يحلق شعره أو لحيته منذ شهور ويرتدي ثياب السجن الزرقاء وكانت قذرة بشكل غير محتمل لدرجة أن الجنديان اللذان كانا يحملانه لم يتحملا رائحتها".

وتابع "مع أنني ضابط في أمن الدولة فذلك لا يمنع أن أقر أن هذا الجهاز لا يوفر أي اهتمام صحي للمعتقلين الفلسطينيين بشكل متعمد، فلا يوجد نظام للكشف الدوري على صحة المعتقلين ولا يوجد زيارات دورية من قبل الصليب الأحمر أو مؤسسات حقوق الإنسان، كما أن إدارة المعتقلات تنكر وجود المعتقلين الفلسطينيين لديها حيث يتم نقلنهم إلى زنازين خاصة تحت الأرض في أوقات زيارة المؤسسات الحقوقية للمعتقلات".

وأضاف الضابط "الوجبات الغذائية التي أوعزت إدارة معتقل أبوزعبل لتقديمها للمعتقلين الفلسطينيين عبارة عن أرز مليء بالرمل والقش يطبخ بمياه غير نظيفة لذالك لا يمكن أكله، فيضطر المعتقلون لشراء أي شيء يصلح للأكل من كافتيريا المعتقل بواسطة عسكري مقابل مبالغ مالية باهظة وقد يوافق على الذهاب وقد يرفض، وفي مرات كثيرة تعرض المعتقلون لنزلات معوية أو أعراض سوء التغذية الحادة والجفاف دون سماح إدارة المعتقل بزيارة الطبيب".

وكشف الضابط المصري عن أوامر وصلت لأقسام اعتقال الفلسطينيين في سجن المرج وبرج العرب و أبو زعبل وأمن الدولة في القاهرة تتركز على تشديد الإجراءات والتضييق وفعل كل ما يمكن أن يمتهن كرامة المعتقل خصوصا معتقلي حركة "حماس"، وذلك بعد رفضها التوقيع على ورقة المصالحة المصرية.

وقال: "في شهر كانون ثاني (يناير) الماضي وصل تعميم من جهات عليا لضباط التحقيق بتشديد الإجراءات والتعذيب بشكل يومي متكرر بعد رفض حركة "حماس" التوقيع على ورقة المصالحة مع حركة فتح".

وأكد الضابط تعرض المعتقلين لأشكال عديدة  من التعذيب الجسدي والنفسي بشكل مستمر من أبرزها الشبح وتعليق المعتقل متدلي من قدم واحدة أو يد واحدة على أنبوب حديدي في سقف الغرفة لمدة ساعات.

وقال: "يتم ضربهم على الوجه والمناطق الحساسة بالعصي الكهربائية أو عصي "البيسبول" السميكة ويتم عصب أعينهم لأيام وقد تمتد لأسابيع وربط الأيدي بالأقدام".

وتابع "في مرات كثيرة يمنع المعتقل من النوم فيربط على عمود إنارة خارج سرداب الحبس لأيام وإذا حاول النوم أو بدأ بالانهيار يقوم العسكري بسكب مياه باردة جدا أو ساخنة على جسده. وكل ذلك يحدث والمعتقل مغطى الرأس بكيس من القش يوضع  لأيام في مياه الصرف الصحي". 

وأضاف: "أما التعذيب بالكهرباء فيتم بشكل شبه يومي بحيث يعرى المعتقل من ملابسه بشكل كامل ويوضع جهاز كهربائي في المناطق الحساسة أو على القلب والرقبة حتى يصاب المعتقل بعدها بوهن وآلام جسدية وقد يعجز عن الوقوف والحركة ليصل به الحال أن يحتاج لمساعدة من باقي المعتقلين لقضاء حاجته".

وأشار إلى أن جهاز أمن الدولة في القاهرة يشهد حالة أو حالتي وفاة يوميا بسبب التعذيب .

موجة التعذيب

ونوه الضابط أن موجات التعذيب تسبق عمليات التحقيق مع المعتقلين من قبل جهاز أمن الدولة  كأسلوب استباقي للضغط على المعتقل، موضحا أن أبرز أسئلة التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين كما طلبت من وزارة الداخلية المصرية تتركز على هيكلية حركة "حماس" في قطاع غزة، مصادر تمويلها، نوعية الأسلحة التي تمتلكها كتائب القسام.

وقال: "لقد تم التركيز على نوعية الصواريخ ومداها ومصادر الحصول عليها وعلاقة "حماس" بحزب الله، أما السؤال المشترك لكافة المعتقلين فهو مكان إخفاء الأسير الإسرائيلي في قطاع غزة جلعاد شاليط , وكيفية أسره والأشخاص المشاركون في عملية الأسر".

وأشار إلى أن عدد من المعتقلين الفلسطينيين تم التحقيق معهم في مركز أمن الدولة في القاهرة موضحا أن من يرسل إلى هناك فإن حياته تصبح في خطر حقيقي لقسوة أساليب التحقيق المتبعة، كما حدث مع الشهيد يوسف أبو زهري الذي أعدم بحسب تأكيده  أثناء التحقيق في سراديب هذا الجهاز.

وقال: "يوسف أبو زهري لم يتوفى  كما أشاعت وزارة الداخلية بسكتة قلبية في سجن برج العرب، بل تم قتله في مقر جهاز أمن الدولة في القاهرة أثناء التحقيق". وتابع " كنت متواجدا في مقر أمن الدولة يوم وفاة يوسف أبو زهري وفي ذلك اليوم أحضر 10 معتقلين فلسطينيين من سجني أبو زعبل والمرج، وكانوا جميعا  معصوبي الأعين وتم تجميعهم في مكان خاص تحت الأرض بجوار غرفة التعذيب، حتى يسمعوا أصوات الصراخ وبالتالي يدلون بالمعلومات المطلوبة بشكل أسرع". 

وأضاف: "نقل لي أحد الزملاء أن أول من تم اقتياده إلى غرفة التحقيق هو يوسف أبو زهري وكان يحمل حينها الرقم 19 وبدأت جلسة التحقيق معه بالضرب المبرح وهو عاري بشكل كامل، ومن ثم استخدام الكهرباء في المناطق الحساسة واستمر على هذه الحال لمدة تزيد عن 45 دقيقة حتى فارق الحياة" .

وأكد أن الضابط الذي حقق مع الشهيد أبو زهري يكنى "المعلم علي" ألقى جثمانه لفترة على الأرض داخل غرفة التحقيق ودخن "السجائر" ومن ثم أوعز إلى 3 عسكريين بنقل جثمانه بالقول "تعال يابني خود الحاجة دي من هنا وارميها جوّا ."

وتابع الضابط " وبعد الإعلان داخل مقر الجهاز عن وفاة يوسف أبو زهري تم تشغيل "موسيقى الموت " في أرجاء قسم التحقيق في مقر الجهاز وهي من الطقوس التي  تستخدم للإعلان عن وفاة معتقل جديد "، مؤكدا أن هذه الموسيقى يتم تشغيلها مرة أو مرتين في الأسبوع .

ونوه أن التحقيق مع يوسف أبو زهري تركز حول هيكلية حركة حماس وكتائب القسام , خصوصا انه شقيق الناطق باسم حماس سامي أبو زهري . 

مساعدة من رام الله

وعن وجود تعاون بين سلطات الأمن المصري والسلطة في رام الله قال الضبط المصري "يوجد تنسيق على مستويات مختلفة بين وزارة الداخلية المصرية والسلطة الفلسطينية وحكومة سلام فياض خصوصا فيما يتعلق بقوائم أسماء مواطنين من قطاع غزة لهم علاقة بحركة "حماس" أو الجهاد الإسلامي ممن يعتقد ارتباطهم مع جهات خارجية كحزب الله أو إيران".

وأضاف: "في مرات كثيرة تعاونت السفارة الفلسطينية في القاهرة مع أمن الدولة المصري وزودته بأسماء مواطنين من قطاع غزة ونصحت بأن يتم اعتقالهم فور دخولهم الأراضي المصرية لعلاقتهم المباشرة مع حركة "حماس"، وكل ذلك يحدث تحت بند إضعاف حركة حماس في قطاع غزة".

وتابع: "لا يخفى على أحد أيضا وجود تعاون بين عناصر في السلطة متواجدة في قطاع غزة مع المخابرات وأمن الدولة المصري، وهذه الجهات تختص في رصد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، واعتقد أيضا بان لها دورا في إثارة بعض الأمور الميدانية بما يخدم مصالح أطراف معينة" .

وكشف عن دخول ضباط مصريين بصورة غير قانونية إلى قطاع غزة لتنفيذ ما وصفها " مهمات محددة " ومن ثم العودة بصورة سرية أيضا .

وختم الضابط المصري حديثه بالقول "حسب قراءتي لكل ما يحدث فالنظام المصري غير معني باستقرار الأوضاع في قطاع غزة اقتصاديا وسياسيا وميدانيا أيضا، كما أنه في نفس الوقت غير معني بانفجار الوضع بصورة غير مسيطر عليها لان ذلك سيؤثر على الاستقرار في مصر أيضا، وبالتالي فما يحدث حاليا هو الحفاظ على مستوى من الضغط على قطاع غزة ومواطنيه سيظهر تأثيره حسب القراءة المصرية مع الوقت بما يسمح بعودة السلطة الفلسطينية وبسط سيطرتها على  قطاع غزة"، على حد تعبيره.

 

المصدر/ قدس برس

 

 

اخبار ذات صلة