قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: مصر قدرنا المحتوم

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

فتح أول من أمس السبت معبر رفح، وفتحت معه جراح مليونين من المواطنين هم سكان قطاع غزة سواء من قدر الله له السفر، ومن لم يتمكن من ذلك لكثرة المسجلين لدى وزارة الداخلية ولضيق الفترة المسموح فيها للسفر، وهي لا تتجاوز اليومين، مما يعني أن كثيرين لم يتمكنوا من السفر، وقد ينتظروا شهورا حتى يفتح المعبر، وقد لا يلحقهم الدور إذا استمر فتح المعبر على نفس المنوال الأمر الذي سيشكل أضرارا جسيمة ومشاكل اجتماعية لا حصر لها، إضافة إلى فقدان البعض لمصادر رزقهم، وتعرض البعض للموت نتيجة عدم تلقيه العلاج بالخارج لخطورة حالته.

 المعبر حاجة ملحة لسكان قطاع غزة وفتحة أمس وأول أمس دليل واضح على أن المبررات التي يسوقها النظام المصري ليست مقنعة لأن شيئا لم يتغير على الحالة الأمنية في سيناء وأن فتح المعبر وإغلاقه يخضع للمزاجية واعتبارات أخرى، بعضها متعلق باحتفاظ مصر بالورقة الفلسطينية التي لا غنى لها عنها، وأخرى متعلقة بمصالح بعض كبار الضباط على المعبر من خلال حصولهم على رشاوى من خلال التنسيقات التي تجري على الجانب المصري عبر سماسرة تصل قيمة الرشوة نحو ثلاثة آلاف دولار، وهي تجارة رابحة؛ ولكن على حساب المواطن المحتاج للعبور إلى مصر للوصول إلى العالم الخارجي الذي ارتبطت حياته به، هذا إلى جانب التجارة المسموح بها من توريد اسمنت من صناعة الصناعات الحربية المصرية.

البعض قد يقول أن فتح المعبر الجانب المصري هو لدواعي إنسانية، لكن الدواعي الإنسانية لا تتوقف، وهناك الآلاف من هذه الدواعي الإنسانية تنتظر منذ شهور ولم تتمكن من الوصول إلى المعبر نتيجة الإغلاق المستمر والطويل والفتح المحدود والمحدود جدا ، ورغم ذلك نقول شكرا مصر؛ ولكن أملنا أن يفتح المعبر مدة أطول كي تنتهي الأزمة الناتجة عن الإغلاق المستمر، والذي أصاب القطاع في مقتل وحوله إلى سجن كبير لمليونين من البشر.

البعض يتساءل لماذا عندما يفتح المعبر تحدث عمليات إطلاق نار أو تفجيرات في المناطق القريبة من المعبر (سيناء، العريش) ويسقط فيها قتلى وجرحى من الجيش المصري، أو حتى من المواطنين المصريين، نقول أن هناك في مصر من لا يريد للمعبر أن يفتح ، ويريد أن يبقى هذا الحصار وهذا الإغلاق مستمرا حتى لو أدى إلى كوارث إنسانية داخل القطاع ولا يعنيه كثيرا إنسانية أو جوار بقدر ما يعنيه تحقيق أهداف خبيثة خدمة للاحتلال الصهيوني، لأن هذا الإغلاق، وهذا الحصار ليس في صالح لا النظام المصري، ولا الشعب المصري الشقيق، ونعتقد أنها حوادث مفتعلة حتى لو سقط فيها قتلى وإصابات لأن ما يعني هذه الفئة هو تحقيق مصالحها ومصالح أسيادها دون النظر إلى مصالح الشعبين المصري والفلسطيني.

البعض ربط بين فتح المعبر وما جرى من لقاءات بين فتح وحماس لتفعيل ملف المصالحة، وهذا في نظرنا اعتقاد خاطئ لأن مصر أكثر الناس معرفة أن الجانب الفلسطيني لا يفكر بهذه الطريقة لا فتح ولا حتى حماس ، والجميع يدرك أهمية ودور مصر لأسباب كثيرة وعلى رأسها دكتاتورية الجغرافية، التي تفترض أن لا غنى لأحدهما عن الآخر، لذلك الجانب المصري يريد أن يبقي على شعرة معاوية مع قطاع غزة رغم أن حماس تديره ، أما أن المعبر فتح كرمال عيون محمد دحلان أو محمود عباس فهذا أمر مستبعد بدليل أن الفتح الحالي والسابق كان بقرار مصري خالص رغم اعتراض محمود عباس.

نقولها لمصر وسنبقى نرددها أننا قدر بعضنا لبعض وأن أمننا مشترك وأن مصالحنا مشتركة رغم حجمنا الصغير بالقياس لمصر الكبير، ولكنها مهمة وضرورية، وأيضا نؤكد المؤكد أننا لم ولن نتدخل في شئون مصر ولا يوجد أي تحالف من أي نوع كان بين حماس أو غيرها وأي طرف خارجي أو داخلي يريد الإضرار بمصر ومصالحها وهذا الذي نقول يقينا يعلمه الجانب المصري الرسمي السياسي والأمني.

البث المباشر