تنهي صحيفة الرسالة عامها التاسع عشر بمداد الدم الذي نزف حزنا على شهيدها الصحفي محمد ضاهر، الذي استشهد خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وتطوي صفحة جديدة من حياتها، مستذكرة محطات فارقة في مسيرتها.
انطلقت مسيرة مؤسسة الرسالة للإعلام مع انطلاق صحيفة الرسالة، وهي فلسطينية يومية تصدر نصف اسبوعية مؤقتا، تأسست في يناير 1996 لتحمل الهم الفلسطيني، واطلاع المواطن على الحقائق ومساعدته في تكوين رأي عام صائب.
وتعرضت الرسالة منذ انطلاقتها لحملة اعتداءات شرسة، ومرت بمحطات وظروف صعبة، يوضحها وسام عفيفة المدير العام للمؤسسة، الذي انضم للعمل في الصحيفة عام 1997 كصحفي، "وواكب عملها منذ الولادة وحتى بلوغها سن الرشد"، وفق تعبيره.
وعاد عفيفة بذاكرته للوراء، منذ بداية قدوم السلطة الفلسطينية وما تعرضت له الصحيفة من اجراءات التضييق وقرارات الاغلاق، التي طالت العاملين فيها أيضا، كونها الصحيفة الأولى التي تتحدث بلسان المعارضة.
وقال عفيفة: "تعرضت الجريدة للإغلاق، وعلى فترات متفاوتة كان يتحول العاملون فيها الى مناضلين من أجل فتح مقر الصحيفة"، وأشار إلى مرحلة تجدد انطلاقتها، التي واكبت انتفاضة الأقصى، حيث لعبت دوراً مهما كإعلام مقاوم.
ودفعت الصحيفة ضريبة ذلك، بقصف مقرها للمرة الأولى، ومنعها من الطباعة والصدور في الضفة، بقرار من الاحتلال بتهمة التحريض.
ومع فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، وما تلاه من مضايقات لكوادرها وأفرادها، والمؤسسات القريبة منها، كان للرسالة النصيب الأكبر منها، حيث أوضح عفيفة أن "الرسالة احتفظت بصبغتها كإعلام مقاوم رغم قربها من السلطة الحاكمة".
وأضاف أن الرسالة مرت بمراحل صعبة حرصت فيها على البعد المهني، رغم تواضع الامكانات، مشيرا الى أن أحداث الانقسام أثرت بشكل كبير على الصحيفة، بعدما أكدت السلطة القرار الاسرائيلي بمنع صدورها في الضفة.
كما عانت الصحيفة من الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة، "وتأثرت أسرة الصحيفة مثل أي اسرة فلسطينية، وخصوصا من شح الورق وعدم وجود كهرباء، لكنها تأقلمت مع ذلك، واستمرت"، وفق عفيفة.
وتعرضت الرسالة للقصف مرة ثانية إبان العدوان الإسرائيلي عام 2008؛ الأمر الذي دفع المؤسسة للبحث عن منصات اخرى، فكان الاعتماد على موقع "الرسالة نت" الالكتروني الذي أطلق عام 2004، ثم إنشاء راديو الرسالة عبر الانترنت، إلى جانب الاهتمام بتطوير الأداء الاعلامي، من خلال تدشين مركز الرسالة للتدريب الإعلامي.
وتم استحداث قناة جفرا للإنتاج المرئي عبر الانترنت، لا سيما مع بروز أهمية الاعلام الجديد كأداة ووسيلة اعلامية جماهيرية، وهذا ما دعا الرسالة لإنشاء حسابات لها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
ويختزل عفيفة دور الرسالة في الإعلام الفلسطيني فيقول: "إنها لعبت دوراً مهما في نقل هموم الناس ومعاناتهم"، مضيفا: "أخفقنا ونجحنا واعتمدنا على قوانا الذاتية، لا سيما كادر العمل الشبابي".
وعبر عفيفة عن طموح المؤسسة بالاستفادة من التطور الحاصل في مجال الميديا والاعلام والتكنولوجيا، مؤكدا أن تركيز العمل في العام الجديد على تحويل الكلمة الى "صورة متحركة"، من خلال إعداد كادر العمل.
وتفتتح الرسالة عامها العشرين، مستذكرة شهيدها ضاهر، الذي توج مسيرة المؤسسة في الملاحقة والاعتقال والاغلاق رغم سنوات عمله المعدودة فيها، ليبعث برسالة مفادها أن الطريق معبدة بالأشواك ومخضبة بالدماء.