قائد الطوفان قائد الطوفان

تروي معاناة الهجرة والنكبة

الثمانينية "أم سامي" ما زالت محتفظة بكواشين البيت والبيارة

الرسالة نت _ رائد أبو جراد

"كنا نجلس آمنين في بيتنا الأرضي المبني من الحجارة ، وفجأة انهالت صواريخ الطائرات تضرب فينا من كل جهة" هكذا بدأت اللاجئة الثمانينية زينة عبد ربه أبو جراد "أم سامي" حديثها للرسالة مستعيدةً ذاكرة النكبة ومعاناة التشرد وفراق بيتها وأرضها التي هجرت منها ببلدة المجدل عام 48 بعد هجوم العصابات الصهيونية على قريتها والقرى المجاورة لها.

لننجو بأرواحنا

وتروي الحاجة "أم سامي" قصة معاناتها وأبنائها وأقاربها من بداية الهجرة من المجدل وصولاً لمخيمات اللجوء برفح جنوب قطاع غزة قائلةً :"سقطت إحدى القنابل على بيتنا أدت لهدم الحائط بيننا وبين جيراننا من عائلة جبريل، والي ربنا كتبلو يومها يموت مات(..) ولما شاهدنا كل هذا القصف والدمار خرجنا من منازلنا لننجو بأرواحنا وأبنائنا الصغار خوفاً من المجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية وكنا نسمع عنها تحدث في القرى والمدن المجاورة لنا".

وتشير إلى أنها وعائلتها حينها لم يتمكنوا من أخذ شئ من منزلهم الذي اغلقته واحتفظت بمفتاحه لأنها كانت تأمل بالعودة بعد أيام أو أشهر معدودة اعتمادا على وعودات الجيوش العربية.

وتستذكر أبو جراد بيتها الذي تبلغ مساحته 500 متر بالمجدل وما زرع بداخله من أشجار البرتقال والرمان والليمون بالإضافة إلى دونمين على تلة جبلية وسط المجدل.

وتضيف بصوت متقطع من شدة الحزن والألم على ترك الديار:"أثناء خروجنا هاربين من المنزل سقطت قنبلة وسط بيتنا ولحسن الحظ لم تنفجر .

ذهب احد اقاربنا واحضر لنا باصين من شركة للباصات بالمجدل كان يعمل فيها وصعد الجميع للباصات وطيلة مشوارنا كانت اصوات القنابل تدوي في بلدتنا والقرى المجاورة لها حتى وصلنا لقرية الجورة الساحلية بالقرب من المجدل".

وتقول "أم سامي" أنهم تركوا بلدة الجورة متوجهين إلى "نعليا" ليمكثوا في بيارة تعود لعائلة العلمي وتبين أنهم مكثوا خمسة أيام متواصلة وأن الضرب والقصف من الطائرات متواصل.

وتابعت الحاجة و تجاعيد وجهها تجسد آثار المعاناة وتعب السنين :"ذهب زوجي رحمه الله لبيتنا بالمجدل وتوجه مباشرة ناحية شجرة التين الكبيرة التي كانت تملأ ارجاء المنزل وملأ كيسا بثمار التين وجلبه لنا وقال: خذي كلي أنت والأولاد من هذا التين فتفاجئت مما فعله كيف يحضر تيناً ومن منزلنا في المجدل رغم القصف واحتلال اليهود لها".

 آخر ثمرات أرضي

بعناء التشرد وقسوة حياة اللجوء عندما علمت أن زوجها "أبو سامي" أحضر التين من منزلهم الذي تركوه على أمل العودة إليه ثانية، ولم تكن تعلم بأنها أكلت يومها آخر حبة تين من الشجرة التي زرعتها بكلتا يديها ببيتها بالمجدل.

وتابعت رواية التشرد واللجوء لتقول لـ"الرسالة نت" :"بعد مكوثنا في نعليا اياما قليلة تركناها متوجهين إلى قطاع غزة لأنها كانت اقرب المدن الآمنة للجوء اليها بالنسبة لنا، وكنا طوال الطريق نسير مشياً على اقدامنا التي تفطرت من طول المسافة، وقبل وصولنا لحدود بيت حانون شمال غزة صادفنا في طريقنا الصحراوي اثنين من البدو بصحبة جملين لهما قام زوجي باستئجار أحدهما بسبب عدم قدرتي وولدي "سامي وسمير" على مواصلة المشوار بسبب صغر سنهما.

ولفتت إلى أنها وصلت وعائلتها مدينة غزة حيث يقطن والدها وعائلتها بعدما تركته عندما تزوجت قبل الهجرة بعشر سنوات، مضيفة:" كان أهلي في انتظاري وفي شوق لرؤيتي بعدما سمعوا عما حل بنا من معاناة وما ارتكبه الصهاينة بحقنا وبحق القرى المجاورة لنا".   

وبينت أنهم بعد أيام توجهوا جنوباً قاصدين مخيمات رفح للاجئين بعدما مكثوا يومين ببيت عائلتها بغزة، موضحةً أن رفح كانت عبارة عن جبال من الرمل وأنهم استأجروا قطعة من الأرض بجانب مركز "البوليس المصري" وبدأوا منذ ذلك يوم حياة المعاناة في مخيمات اللجوء.

وتابعت "أم سامي" حديثها:" بعد أيام قدمت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) وجلبوا لنا معونات اغاثية عبارة عن بطانيات وخيم ومؤن وطعام وطحين ..."، موضحةً أنها كانت متمكنةً من حياكة وتطريز الملابس منذ صغرها فأحضرت ماكينة الخياطة الخاصة بها من منزل والدها لتعمل عليها وتساعد زوجها وعائلتها في مصروف معيشتهم.

 عائلة يهودية

وأوضحت أنها سافرت للمجدل قبل عشرين عاماً بصحبة نجلها البكر الذي يكتوي بنار الفراق والغربة بدولة الامارات العريبة المتحدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وتفاجئت بأن منزلها باق على ما تركته عليه في عام 48 إلا أنها وجدت عائلة يهودية تسكنه ورفضت تلك العائلة السماح لهم بدخول منزلهم ولو لرؤيته لبضع دقائق مدعين بأنهم يسكنون على أرض أجدادهم التي ورثوها منذ آلاف السنين، حسب كذبهم وافترائهم.

وما زالت الحاجة أم سامي تأمل في العودة ثانيةً لدارها وبيارتها التي تركتها، مؤكدةً أن طريق حمل السلاح ومواجهة اليهود هو الذي يجدي نفعاً ويفيد في عودة جميع اللاجئين لبيوتهم وقراهم التي هجروا منها.

وطالبت الدول العربية والإسلامية وسائر العالم للإسراع في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين والمساهمة في عودتهم لبيوتهم التي هجروا عنها قسراً، داعية للتمسك بالثوابت وعدم التفريط بشبر واحد من ارض فلسطين لأنها ارض رباط اسلامية مقدسة.

البث المباشر