بصوت خافت وأنين بالكاد يسمع، طالب محمد القيق الصحفي المعتقل إداريا لدى الاحتلال برؤية وسماع صوت طفله البكر "اسلام" الذي لم يتجاوز الأربع سنوات.
طلبه قد يكون الأخيرة الذي يخرج من حنجرته الضعيفة، لاسيما وأن وضعه الصحي بعد 84 يوما من الإضراب عن الطعام يزداد سوءًا ومن المحتمل أن يفارق الحياة في أي لحظة نتيجة إصراره الاضراب عن الطعام حتى نيل الحرية.
على سرير المرض بمستشفى العفولة يعتصر القيق ألما، فهو لا يستطع الحديث إلا بكلمات غير واضحة، ويعاني نوبات حادة بالصدر، وكذلك تشنجات كاملة بيديه، بالإضافة إلى أن وجهه مخدّر.
محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين حنان الخطيب، قالت إنها لم ترَ القيق بهذا الشكل منذ إضرابه عن الطعام، وطيلة الوقت ينادي "مشان الله سمعوني صوت ابني"، مؤكدة أن وضعه مؤلم وفي غاية الخطورة.
ووفق قول أحد الشباب المتضامنين مع القيق، أكّد أنّ "جنود الاحتلال يصرون على إغلاق نوافذ غرفة الصحفي، مما سبب له حالة اختناق وموجة التشنجات وذبحات صدرية حادة، يعانيها القيق منذ أسبوع.
في حين أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيان صحفي لها أن القيق لا يزال يرفض مساس الأطباء له أو فحصه، أو تلقي العلاج، الأمر الذي أظهر على ملامح الأطباء علامات الخوف والإرباك، ولا يزال يرفض المدعمات لكنه يشرب الماء فقط.
وناشدت الهيئة للإسراع بالتدخل وزيادة الضغط على حكومة الاحتلال؛ لإنقاذ حياة القيق، لأن وضعه لم يعد يحتمل.
من ناحيته، أفاد مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس، أنه وبعد بدء جلسة المحكمة ظهر اليوم، وسماع قضاة الاحتلال لموقف الطرفين بخصوص نقل الأسير القيق إلى رام الله؛ فقد قرر القضاة وبشكل مفاجئ أن يجتمعوا مع النيابة العامة وممثلي جهاز المخابرات على انفراد، وأفرغوا القاعة من الحضور ومحامي الدّفاع.
الوضع الذي يعيشه القيق جعل المواطنين في أنحاء الوطن يتضامنون معه، لا سيّما أنّه في نظرهم نشر الحقيقة وفضح انتهاكات الاحتلال "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين.
ومؤخرا واصل المتضامنون في قطاع غزة فعاليتهم وكان آخرها العرض المسرحي الصامت الذي حمل عنوان "الحرية لمحمد القيق" ونظمه فريق وافي الشبابي.
وتمثلت المشاهد بعدد من الأسرى يرتدون الثياب ذات اللون البني الغامق، ويحيطهم الأسلاك الشائكة، والحواجز الحديدية، وهم يطرقون بالملاعق على الأطباق في رمزية للإعلان عن حالة الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال.
وأظهر المشهد قوّة الأسرى، وذلك بعد إحاطتهم من جنود الاحتلال، وضربهم بكل وحشية على أنحاء جسدهم، ورغم ذلك إلا أنخك واصلوا إضرابهم عن الطعام.
والمشهد الآخر، تمثل بأسير مضرب عن الطعام فتح باب السجن، وحمل لافتة بيضاء مكتوب عليها الحرية لـ"محمد القيق"، وباليد الأخرى رفع إشارة النصر، حيث جسد بذلك مطلبه الذي أكد عليه الأسير الصحفي تحت عنوان "حرا أو شهيد".
والجدير ذكره، أن الاحتلال اعتقل القيق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو يلتزم إضرابا عن الطعام منذ تحويله للاعتقال الإداري، رافضًا تعليق إضرابه حتى يتم الإفراج عنه ونقله الى مستشفى فلسطيني للعلاج.
وكانت المحكمة "الإسرائيلية" العليا التي نظرت بالرابع من شباط/فبراير الجاري في التماس الإفراج عن القيق نتيجة تدهور وضعه الصحي، قررت تعليق اعتقاله بشروط منها تحديد مكان علاجه.