تتواصل فعاليات المعلمين المطالبين بحقوقهم في الضفة الغربية، وسط مؤشرات على اتجاه حراكهم النقابي نحو المزيد من التصعيد رغم جهود السلطة الفلسطينية لإفشال خطوتهم النقابية عبر استخدامها لعدة أساليب إعلامية وأمنية.
ورد المعلمون بإعلان الإضراب عن العمل في خطوة تصعيدية رداً على تجاهل الحكومة للاتفاق المبرم مع اتحاد المعلمين عام 2013، وشن الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات في صفوف المعلمين، فضلاً عن استخدام الحكومة أسلوب الاتفاقات الصورية والهجمة الإعلامية، وتسييس الفعاليات.
وتشهد محافظات الضفة الغربية المحتلة حراكًا نقابياً يقوده المعلمون في المدارس الحكومية منذ مطلع الأسبوع الماضي؛ مطالبين بالعدالة الاجتماعية أسوةً بموظفي الوزارات الأخرى.
وتتلخص مطالب المعلمين في فتح باب الدرجات أمام المعلمين للارتقاء بالسلم الوظيفي، وصرف ما نسبته 5% من الراتب بأثر رجعي اعتبارًا من 1/1/2014م، كذلك صرف علاوة غلاء المعيشة، وإجراء انتخابات لاتحاد المعلمين، بينما ترفض الحكومة تطبيق الاتفاق الذي يؤكد أحقية هذه المطالب بزعم عجز ميزانياتها.
وسعت السلطة لتحويل القضية من نقابية إلى سياسية من خلال الزّج بحركة حماس في آتون المواجهة الحاصلة معها، الأمر الذي اعتبرته منى منصور النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس، محاولة بائسة لزرع الفرقة بين المعلمين.
وقالت منصور في حديث لـ "الرسالة"، "إن السلطة تتعامل بإجرام مع المعلمين، ولا تلتفت لمطالبهم، بل تسعى لإفشال فعالياتهم من خلال تسييس القضية".
وبعد فشل المحاولة الأولى، اتجهت السلطة للسيطرة على الموقف من خلال اعتقال عشرات المعلمين من منازلهم بعد انتهاء الفعاليات، إلا أنها ما لبثت أن أفرجت عنهم، بعد أن لاقت حملة الاعتقالات انتقادا لاذعا من أطياف الشعب الفلسطيني كافة.
ما سبق، دفع السلطة للاستقواء بورقة القانون عبر اتحاد المعلمين القائم حاليا بقيادة أحمد سحويل، والذي ينتمي معظم أفراده لحركة فتح، ومعروفون بتأييدهم الكامل للسلطة، من خلال عقد اتفاق هزيل حسب وصف القائمين على الحراك.
وهذا ما دفع عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية عبد العليم دعنا إلى انتقاد موقف اتحاد المعلمين من التعامل مع حقوق المعلمين بتأكيده أنه اتحاد تابع للسلطة وقادته معينون وليسوا منتخبين.
وقال دعنا في تصريح لـ "الرسالة"، إنّ الاتحاد يتبنى موقف السلطة قلبًا وقالبًا وينحاز لها ضد المعلمين، داعيًا إلى ضرورة العمل على حله وانتخاب نقابة جديدة تمثل المعلمين وتنحاز إلى حقوقهم.
وأكدّ عدالة وقانونية المطالب التي ينادي بها المعلمون، في ظل تردي معاشاتهم وحالة الفقر والبؤس التي يعانون منها، مستهجنا تصرف السلطة ضد المعلمين واختطافهم بدون وجه حق.
ضائقة مالية
وزارة التربية والتعليم العالي التي انحازت للحكومة على حساب حقوق المعلمين، من خلال رفعها لشعار السلطة بأنها "في معركة دولية"، قال وزيرها صبري صيدم معلقا على الحراك النقابي: "نحن في ضائقة مالية بسبب ضغط العالم على القيادة الفلسطينية لثنيها عن مواقفها البطولية!"، وفق تعبيره.
وبعد رفض القائمين على الحراك للاتفاق الذي جرى بين اتحاد المعلمين والحكومة، اتجهت وزارة التربية والتعليم إلى إعلان عودة انتظام الدراسة، واستخدمت في ذلك وسائل الإعلام كافة، بل لجأت لإعلان ذلك عبر المساجد.
وتعليقا على ما سبق، قال الأستاذ عصام دبابسة رئيس اتحاد معلمي نابلس سابقا وأحد أبرز القائمين على الحراك إن بيان الحكومة الداعي للتوجه الى المدارس والدوام "لا يلزمنا"، والاتفاق الذي تم توقيعه مع الاتحاد مجحف بحق المدرسين، ولا يلبي الحد الأدنى من مطالبهم النقابية والمعيشية.
وبعد أن حاولت السلطة تهديد المعلمين بتمديد العام الدراسي وتأجيل امتحانات الثانوية العامة على لسان المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود، قال دبابسة: إن تهديد الحكومة لا يحل الأزمة، بل يعرقل مساعي الحل، ونحن حريصون على المسيرة التعليمية أكثر من غيرنا".
وعن تنسيب الحراك لأجندات حزبية، أكد دبابسة أن إطلاق هذه الادعاءات يهدف لحرف الأنظار عن الحقيقة والتهرب من استحقاقات مطلوب من الحكومة.
وتشير الوقائع على الأرض إلى أن الأوضاع متجهة للمزيد من التصعيد في ظل تجاهل الحكومة لمطالب المعلمين، ووقوف اتحادهم إلى جوار الحكومة، بينما أظهرت سياسة التعامل الأمنية فشلا ذريعا في إنهائه.