تأبى ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل التي ارتكبها المتطرف "باروخ جولدشتاين"، وراح ضحيتها 29 فلسطينياً وأصيب 15 آخرون بجراح متفاوتة، أن تفارق وجدان وذاكرة الفلسطينيين رغم مرور 22 عاماً عليها.
وتوافق اليوم الخميس ذكرى المجزرة الدموية التي انتهت فصولها بعدما نجح عدد من المصلين في السيطرة وقتل المتطرف جولدشتاين الذي فتح نيران حقده بشكل مفاجئ تجاه المواطنين أثناء أدائهم صلاة فجر يوم الجمعة 25 فبراير عام 1994 الموافق 15 رمضان 1415هـ، في الحرم الإبراهيمي.
وفي خطوة دلت على تواطؤ قوات الاحتلال، أغلقت أبواب المسجد لمنع المصلين من الانسحاب، كما منعت القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى. وخلال تشييع ضحايا المجزرة، أطلق جنود الاحتلال رصاص حقدهم على المشيعين، مما رفع عدد الضحايا إلى خمسين شهيداً.
وجاءت المذبحة بعد خمسة أشهر فقط من اتفاق "أوسلو" للتسوية بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال، وكادت تنسفها لو لا الضغوط التي مورست على قيادة السلطة والمنظمة لوأد أي محاولة فلسطينية للرد والانتقام، وتهدئة الرأي العام.
مخطط تقسيم
وعلى إثر المذبحة، قررت حكومة الاحتلال تشكيل لجنة تحقيق، لاستخلاص العبر ووضع التوصيات، فتم عهد رئاسة هذه اللجنة إلى القاضي "يهودا شمغار" الاسرائيلي، والذي أوصى، بأن يتم تقسيم المسجد الابراهيمي الاسلامي، بين المستوطنين والمسلمين، وبموجب ذلك استولى المستوطنون اليهود على 54% من مساحة المسجد الإسلامي، وما تبقى منه لا يُسمح للمصلين أو الزائرين إليه بحرية الحركة والعبادة.
والحقيقة أن الاحتلال سعى لتهويد الحرم الإبراهيمي منذ الاحتلال عام 1967م، وقام بمحاولات عديدة لفرض السيطرة عليه، من خلال سماحه لجموع اليهود بالصلاة فيه وأداء طقوسهم التوراتية المزوّرة، وبعدها قام بشكل تدريجي بحجز مناطق من الحرم لصلاة اليهود فقط، إضافة لمنع دخول المسلمين إلى الحرم أيام الأعياد والاحتفالات اليهودية، قبل أن يصل إلى الوضع الحالي بالتقسيم الذي فرضته لجنة "شمغار" عقب المجزرة.
ورغم مرور 22 عامًا على الجريمة إلا أن فصول الإرهاب الإسرائيلي متواصلة في الضفة والقدس وقطاع غزة، ما دفع الشباب الفلسطيني لمواجهة اعتداءات الاحتلال اليومية بإشعال انتفاضة القدس منذ أكتوبر المنصرم.