تحاول السلطة الفلسطينية مجدداً الالتفاف على حراك المعلمين المطالبين بحقوقهم المشروعة عبر إلقاء ما وصفه المعلمون بـ"الفتات" لهم، ساعية بذات الوقت لاستفزاز أهالي الطلبة من خلال التلويح بخيار تأجيل اختبارات التوجيهي وتمديد العام الدراسي.
ويستمر الإضراب الشامل في مدارس الضفة الغربية رغم محاولات السلطة لإيقافه، بلغت ذروتها باستخدام الورقة الأمنية عبر اعتقال عدد من المعلمين وتفريق اعتصاماتهم بالقوة خلال الفترة الماضية.
وتتأرجح حكومة الحمد الله في الدفاع عن وجهة نظرها، فتارة تعزو عدم الاستجابة لمطالب المعلمين للأزمة المالية التي تمر بها بدعوى "المعركة الدولية التي تخوضها القيادة الفلسطينية"، وتارة بادعاء أن حراك المعلمين الراهن مسيس من قبل خصمها السياسي متمثلاً في حركة حماس.
وفي خطوة لتفويت الفرصة على حكومة الحمد الله، أعلن القائمون على الحراك استثناء مدرسي التوجيهي من الإضراب، حفاظاً على مسيرتهم التعليمية، وتجنباً لإدخالهم في آتون الأزمة القائمة، منتزعين بذلك إحدى أوراق التهديد من يد الحكومة.
وبينما تتواصل حالة الشد والجذب بين الحكومة والمعلمين، بدا وزير التربية والتعليم صبري صيدم متخبطاً في إيجاد مخرج للأزمة التي شلّت الحركة التعليمية في الضفة، حيث يسعى إلى عدم خسران الرضا الحكومي، وكذلك عدم الظهور بلباس الفاشل في أول أزمة تواجهه كوزير للتعليم بعد تعيينه نهاية العام الماضي.
وتأمل وزارة التعليم عودة انتظام الدراسة في مدارس الضفة الغربية، إذ ما فتأت تدعو المعلمين والطلبة لذلك، موضحة أنه في حال انتظام الدوام المدرسي ستتمكن من تعويض ما خسره الطلبة من حصص دراسية خلال فترة الإضراب.
ومازالت السلطة وبكل أركانها عاجزة عن وقف حراك المعلمين رغم سلوكها في سبيل ذلك شتى الطرق باستثناء طريق منح المعلمين حقوقهم من خلال تطبيق اتفاق عام 2013 فيما يتعلق بالعلاوات الطبيعية، وتحسين ظروف عملهم.
حرب نفسية
ويقول عصام دبابسة رئيس اتحاد المعلمين في نابلس سابقاً: "إن المشهد يسوده "الارتباك" بسبب ما تنتهجه السلطة من حرب نفسية ضد عائلات الطلاب من خلال التلويح بتأخير العام الدراسي"، مؤكداً أن الإضراب مستمر رغم محاولات الحكومة والسلطة لإفشاله، وتابع أن النسبة الأكبر من المعلمين تؤيد الاستمرار فيه".
وأقر بتراجع عدد من المعلمين حرصاً على أمانهم الوظيفي بعد تهديدات الحكومة، مشيراَ إلى سعي السلطة لإفشال الحراك عبر استفزاز أهالي الطلاب حول مصير المسيرة التعليمية. ونوّه دبابسة إلى وجود وساطات بين المعلمين والحكومة، مستدركاً بالقول: إن الحلول التي تطرحها الحكومة لا تفي بالحد الأدنى من مطالب المعلمين، والتي في مجملها تقع ضمن حدود الحقوق المشروعة لهم".
إذلال المعلم
من جانبه، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة: إن حراك المعلمين مدعوم من أطياف الشعب الفلسطيني كافة ما عدا السلطة التي تحاول إذلال المعلم من خلال سياساتها غير المهتمة بمطالبهم". وأضاف أن المعلمين هم الأكثر حرصا على مصالح أبناءهم الطلاب، وعليه فلن تنطلي علينا حجج الخوف على المسيرة التعليمية"، داعيا إلى إيجاد مخرج عادل يضمن للمعلمين حقوقهم.
وأوضح أن أزمة المعلمين أظهرت أن السلطة تدفع أموالا طائلة على مشاريع أخرى أقل أهمية من دعم المسيرة التعليمية وتحفيز المعلم على بذل جهود أكبر لصالح الطلاب.
وتبدو حالة التجاذب بين المعلمين والسلطة مفتوحة على الخيارات كافة، فلا السلطة تريد إعطاء المعلمين حقوقهم، ولا المعلمين لديهم نية للتراجع عن مطالبهم.