تبدو العلاقة المتأزمة بين السلطات المصرية وحركة حماس في طريقها لشيء من الانفراج في ظل المناخ الدولي الراهن الذي دفع القاهرة لطرق باب الحركة بعد انقطاع شبه تام منذ صيف العام الماضي، الأمر الذي يلقى تجاوب واهتمام الحركة التي تسعى لتحسين العلاقة وتجاوز حالة الفتور الراهنة.
وبحسب الأنباء الشحيحة بهذا الخصوص، فقد أعادت المخابرات المصرية الاتصال "الدافئ" مع قيادة حماس في الدوحة، بعد فترة من التواصل الخجول في مساحات ضيقة، مما يعيد للذاكرة "انفراجة يونيو" التي شهدت تحسناً في العلاقة بين الطرفين.
وفي ذلك الحين، أزالت السلطات المصرية حركة حماس عن قائمة المنظمات الإرهابية، وفتحت معبر رفح أسبوعين متتالين، حيث يعتبر المعبر الملف الأبرز على طاولة الحديث الفلسطيني المصري، كما تغيرت اللهجة الإعلامية المصرية اتجاه حماس.
وبحسب مصدر مسؤول في حركة حماس، فإن القاهرة تواصلت بشكل مباشر مع د. موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس، داعية إياه إلى زيارة القاهرة للحديث في عدة ملفات مشتركة. ويشير المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن الحركة بصدد تشكيل وفد قيادي لزيارة القاهرة في أقرب فرصة، مؤكداً أن حركته ترحب بالخطوة المصرية، وتأمل أن تأتي في سياق تصحيح المسار بين الطرفين.
اتصالات مباشرة
ويؤكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان أن اتصالات مباشرة جرت بين حركته والسلطات المصرية، مضيفاً أن تحسين العلاقة يتطلب لقاءً مباشرا؛ لتوضيح وجهات النظر في الملفات المطروحة كافة، وإزالة الشوائب التي ظهرت في الآونة الأخيرة في العلاقة الثنائية.
ووصف القيادي حمدان في تصريح لـ"الرسالة"، الاتصالات القائمة بين الطرفين بـ"الإيجابية"، مبيناً أنه لا يمكن الحديث عن أي نتائج لهذه الاتصالات في الوقت الراهن، مؤكداً في الوقت ذاته سعي حركته لإيجاد نتائج إيجابية وملموسة على أرض الواقع.
وتأتي تصريحات حمدان، بعد وقت قصير من تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مهرجان جماهيري برفح أكد فيها تطلع حركته لإقامة علاقات طبيعية ومستقرة مع مصر، مشيرا إلى وجود قرار سياسي لدى حركته بالحفاظ على أمن مصر.
ومن المتوقع أن تتركز الملفات المطروحة على طاولة النقاش بين الطرفين، في قضية المصالحة الفلسطينية، بما يشمل معبر رفح، والوضع الأمني على الحدود المصرية الفلسطينية، وأزمة المختطفين الأربعة، وملفات أمنية وسياسية أخرى.
مصالح مشتركة
ويرى المحلل السياسي حسام الدجني أن استئناف الاتصالات بين الطرفين يأتي في سياق خدمة المصالح المشتركة، وبما يعزز دور مصر الاقليمي والدولي، وفي إطار السعي لتخفيف وطأة الحصار (الاسرائيلي) المفروض على قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح.
وتوقع الدجني في تصريح للرسالة أن تُطلع حماس الجهات الأمنية المصرية على التطورات السياسية التي طرأت في الآونة الأخيرة في القضايا كافة، و"هذا ما يسجل للحركة بأنها تؤكد على الدور المصري، وأنها لا تعمل على تجاوزه"، وفق قوله.
وتابع أن المناخ الإقليمي الحالي والتحرك التركي اتجاه رفع الحصار عن غزة يضع الموقف المصري في حرج، حيث أن الانكفاء على الذات لا يخدم المصالح المصرية بتاتاً، وعليه يبدو أن القاهرة بدأت في اتخاذ سياسة جديدة؛ لتستعيد مكانتها ودورها المحوري".
ومن المؤكد أن حماس قد استفادت من تجارب التحسنات الطارئة في العلاقة مع مصر والتي زالت بزوال المسبب لها، وعليه قد تتجه الحركة نحو استجلاب ايضاحات علنية تؤكد براءتها من التهم المنسوبة إليها إعلامياً، وحل أزمات حاول البعض ربط حلها بموافقة حماس، كمعبر رفح مثالاً.
وفي نهاية المطاف، يبقى التواصل وإن كان إيجابياً في إطاره الحالي مشوب بالحذر من الأطراف ذات العلاقة، إلى حين ترجمته على أرض الواقع بخطوات تغير من الوضع القائم في قطاع غزة والذي تهتم حركة حماس في تغييره إلى الأفضل.