قدماه لا تستطيعان حمله كما ذاكرته التي أرهقتها سنوات أسره العشرة حيث احتضنت بين ثناياها تفاصيل إعدامه الصامت حينما أصيب بفايروس في عام 2007 نتيجة إنفلونزا حادة وبقي المرض ينهش في جسده دون أن يتلقى العلاج اللازم في ذلك الوقت.
تزداد دقات قلب المحرر أحمد محيي الدين حرز الله حين تبتسم طفلته البكر"مزين" يحاول أن يحملها فتحبطه رعشة يديه تلك التي لم تفارقه منذ أربعين يومًا قضاها على سرير المرض في مستشفى الشفاء بغزة.
لم يعلم أحمد بأن فايروس الأسر شكل حاضنة لفيروسات وأمراض أخرى كان آخرها التهابات حادة في جدار الجمجمة والنخاع الشوكي بات على إثرها لا يستطيع الحركة وفقد القدرة على التحكم في الجزء السفلي من جسده.
صرخات الحياة والوجع
صرخات الحياة والوجع تقاسمتا المشهد في أروقة المستشفى حيث جاءت آلام المخاض لزوجة حرز الله أثناء زيارتها له، لحظات ونقلت الزوجة الى قسم الولادة في حين بقي أحمد على سريره عاجزًا عن الحركة، ولم يستطع أحد الزوجين أن يقف بجانب الآخر في لحظة هما أحوج فيها لبعضهما.
صرخات الحياة الأولى لمولودته البكر تزامنت مع أناته على سرير المرض، خيل لأحمد صغيرته وضحكاتها، حاول الوصول لها وأعاد المحاولة أملًا بان يردد بأذنيها "الله أكبر" الا أن محاولاته باءت بالفشل فقد كبله المرض كما أصفاد الاعتقال الذي خلف له حاضنة للمرض تزيده وجعًا فيزيدها مقاومة كما فعل قبل عقد من الزمن.
سياسة أضحت متبعة لدى الاحتلال لقتل الأسير ببطء من خلال الاهمال الطبي وترك المرض ينهش جسده ويلاحقه حتى بعد خروجه حرًا من الأسر.
"مزين" هو الاسم الذي اختاره أحمد لمولودته التي لم يرها لمدة 25 يوما، الا أنه أصر أن نتذوق من طبق الحلوى الذي امتزج به مناسبات ثلاث بالنسبة له كما خليط ألوان غلافها، فقد خرج من المستشفى بعد حصوله على علاج للالتهابات وانتظاره للسفر، ورزقه الله بمزين بالتزامن مع مرور عام على حريته من الأسر.
لامست "الرسالة نت" وجعه وصعوبة حركته خلال زيارتها له في بيته في نفس يوم خروجه من المشفى حيث يحمل هو قدميه لمحاولة المشي بدلًا من أن تحملاه.
كما لامست عتابه الى الجهات الرسمية في غزة والضفة التي يمكن أن تساهم في تخفيف وضعه وسفره لتلقي العلاج بالخارج التي طرق أبوابها جميعًا على حد قوله، في حين أثر ضعف تشخيص حالته الطبية في المستشفى على وضعه الصحي وظهرت المضاعفات خلال الأيام الأولى.
وينتظر حرز الله الذي أجريت له العديد من الفحوصات الطبية لتشخيص حالته فتح معبر رفح البري ليتمكن من السفر لتلقى العلاج الا أنه فتح عين الدهشة "للرسالة" بأنه كما غيره ليس لديه حق الأولوية للسفر!
أحمد الذي أفرج عنه قبل عام بتاريخ 29/12/2014 بعد اعتقال دام عشر سنوات عانى خلالها من سياسة الاهمال الطبي الذي تمارسه إدارة السجن.
يقول أحمد والذي ما فتىء يهدي "الرسالة" ابتسامة الثابت:" محاربة الفيروس موجودة الى حد ما من خلال المضادات الحيوية الا أن الآثار السلبية التي تركها المرض كفقدان التوازن والخذلان في منتصف الجسم وأسفله والرعشة وصعوبة الحركة بحاجة الى علاج ".
لا يزال جسد حرز الله يحتضن كما ذاكرته شطايا استقرت في أنحاء متفرقة من جسده نتيجة إصابته خلال مهمة جهادية قبل اعتقاله على حاجز أبو هولي بشهر واحد فقط، وهو ما تلذذ عليه المحتل خلال فترة التحقيق معه للضغط عليه من خلال جروحه وهو الأسلوب الذي تتبعه سلطات الاحتلال مع معظم الأسرى الجرحى.
التدخل العاجل والسماح له بالمرور عبر معبر رفح هي دعوات وجهتها وزارة الأسرى والمحررين بغزة مؤكدة بأنها تتابع حالته مع إدارة مستشفى الشفاء.
اسلام عبدو الناطق باسم وزارة الأسرى والمحررين بغزة قال "للرسالة" ان المحرر حرز الله هو نموذج لسياسة الاهمال التي يعاني منها جميع الأسرى في سجون الاحتلال، حيث أصيب داخل سجنه بفايروس في عام 2007 ولم يتلق العلاج اللازم"، وأضاف:" بعد خروجه من السجن سليما لا يشكو من شيء تفاجأ بعد عام من تحرره بعودة المرض الذي ورثه من سجنه من جديد وبمضاعفات خطيرة.
وفي السنوات الاخيرة تم رصد ارتفاع كبير في أعداد الأسرى المرضى تعدى 1300 أسير جميعهم بحاجة الى رعاية صحية وعلاج بشكل دائم، منهم 70 حالة حرجة للغاية وبحاجة الى عمليات جراحية عاجلة و25 مريضا بالسرطان آخرهم الاسير بسام السايح وفق عبدو.