غزة/لميس الهمص
عمت حالة القلق بين عملاء البنك العربي بعد أن أغلق عددا من أفرعه بالقطاع مما دفع العديد منهم للمسارعة باسترداد ودائعه أو نقلها لبنوك أخرى تفاديا للإشاعات التي تناقلها المواطنون عن نية البنك إغلاق فرعه الأخير .
***قلق كبير
وبدت الموظفة رحمة مستاءة من قرار البنك العربي معتبرة أنه ليس محل بقالة يستطيع الإغلاق في أي وقت يريد دون مراعاة المودعين وأصحاب الرواتب التي تصرف من خلاله .
وبينت أن عدد الموظفين في البنك لا يلائم عدد مرتاديه مما يعطل الخدمات المقدمة ويجعلها سيئة .
وفي ردة فعل أولية بعد قرار إغلاق غالبية أفرع البنك امتلأ الشارع المؤدي إلى الفرع الوحيد الباقي للبنك في مدينة غزة بالمواطنين من مختلف أرجاء القطاع، وطالبوا باسترداد ودائعهم.
ويشار إلى ان من حق المودعين بالبنك العربي استرجاع ودائعهم من أي بنك عامل بالقطاع بعد تحويل هذه الودائع لدى هذه البنوك وأنه لا مشكلة قانونية بمثل هذا الإجراء.
وقد قام بالفعل عدد من المودعين بالبنك العربي بالتوجه لبنك فلسطين مطالبين بدفع أي "عمولة" يقررها البنك ليتمكنوا من استرجاع ودائعهم بالبنك العربي المزدحم.
هذا وتسود إشاعات بأن البنك سينهي كافة أعماله في القطاع وذلك بعد أيام قليلة من تنفيذه مرحلتي فصل إجباري بحق قرابة 100 موظف ممن يعملون في فروعه الثلاث بالقطاع.
فيما ذكر رجل الأعمال م.ج والذي يملك حسابات كبيرة داخل البنك أنه غير قلق من إجراءات البنك الأخيرة كونه بنك يحمل تاريخا طويلا ويمكنهم كرجال أعمال التعامل معه عن طريق أفرعه في الضفة الغربية.
ولفت إلى أن إجراءات البنك هي عبارة عن قضايا داخلية يصعب التدخل فيها ، منوها إلى أنه تواصل مع مدير البنك وطمأنه انه لن يغلق فرعه الأخير في القطاع .
وأشار إلى أن البنك لم يوقف خدماته بعد بالرغم من الازدحام والقلق الذي سببه تقليص عدد العاملين ، لافتا إلى أن البنك يعمل في القطاع منذ 40 عاما ولن يتخلى عن عملائه.
ومن جهة اخرى يتجمهر مئات المواطنين من مراجعي البنك العربي في قطاع غزة يوميا أمام فرعه الوحيد المفتوح بحي الرمال وسط مدينة غزة ، مؤكدين انهم لن يغادروا إلا بعد استرجاع كامل ودائعهم.
***سحب الأموال
ومن جانب آخر ورغم تطمينات سلطة النقد، إلا أن ذلك لم يكن مريحا للمستثمرين الذين تسارعوا لإنهاء تعاملاتهم مع البنك العربي.
وبحسب المصدر العامل في البنك فان أعدادا كبيرة من المستثمرين بدأت بسحب حساباتها، مشيرا إلى أن خطوة البنك زعزعت الثقة لدى المستثمرين، وهي خطأ في التوقيت.
ولفت المصدر الى أن التوجه موجود لدى إدارة البنك لإغلاق الفرع المتبقي في غزة، وما هي إلا مسألة وقت.
وقال " كان لدى البنك 100 ألف متعامل ولن يستطيع فرع واحد تلبية احتياجاتهم وبالتالي فان العملاء سيضطرون لإنهاء تعاملهم معه".
ويشير المصدر إلى أن إجراءات البنك أدت لخلل في النظام المصرفي برمته، ومن المتوقع أن تخطو عدة بنوك على خطاه.
فيما قال المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان:" الخطوات التي أقدم عليها البنك العربي لا نجد أنها مبررة ، فإذا كان الهدف هو إعادة الهيكلية وتجاوز الخسائر كما يردد فيمكن تنفيذ تلك الخطوات بتراكم وتدرج دون أن يؤثر ذلك على أدوار البنك في خدمة الزبائن ودون أن يوحي بتدهور البيئة الاستثمارية بالقطاع الأمر الذي سينعكس سلباً على دور باقي البنوك ومؤسسات القطاع الخاص بصورة عامة .
وأكد على أهمية وجود دور اجتماعي للبنك وعدم التخلي عن مسؤولياته في هذا المجال ، خاصة في ظل دور بعض البنوك المحلية في مجال تنفيذ المشاريع التنموية والتبرعات الخيرية لصالح الفقراء من الأطفال والمرضى وبما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتجاوز حالة التراجع والتدهور بالمعدلات الاقتصادية والاجتماعية بالقطاع .
وشدد أبو رمضان على أن فروع قطاع غزة حققت أرباحاً ملموسة لصالح البنك عندما كانت تتم العمليات المالية بالقطاع حيث كانت وزارة المالية والسلطة الفلسطينية تتواجد بصورة رئيسية بالقطاع.
وأوضح أن أرباح قطاع غزة بين عامي 2000 -2006 أكثر من 25 % من أرباح البنك بالوطن ،منوها إلى المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية للبنك تجاه أبناء القطاع الذين يعانون من حصار ظالم غير شرعي ويشكل عقاباً جماعياً وفق القانون الدولي الإنساني.
***غرامة مالية
وقد فرضت سلطة النقد الفلسطينية غرامة على البنك العربي قيمتها 300الف دولار بسبب إغلاقه فرعين له في قطاع غزة وعزل موظفيهما تعسفياً والضرب بعرض الحائط النظم والقوانين واللوائح التي يخضع لها الجهاز المصرفي في أراضي السلطة الفلسطينية.
وذكرت مصادر أن البنك العربي اتصل هاتفيا بعدد كبير من زبائنه وطمأنهم على التزامه تجاههم بكافة حقوقهم، مؤكدا على متانة البنك العربي وان هذه الخطوة لم ولن تؤثر على طبيعة عمله.
في حين حذرت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة من تداعيات إغلاق إدارة البنك العربي الأردني لفرعيه في قطاع غزة، وقالت إن خطوة كهذه من شأنها أن تزيد من حدة الحصار، ولا تنسجم مع المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية للمؤسسات الوطنية.
وأغلق البنك فرعه الرئيس بغزة وفرعه بخان يونس، وأبقى على حضور بسيط عبر فرع الرمال، وطرد أغلب موظفيه في خطوة تزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي القاسي في القطاع المحاصر منذ نحو أربعة أعوام.
ويعد البنك العربي الأقدم في الوطن العربي، ويمتلك نحو 500 فرع في العالم، وأصوله بالمليارات.
وقال عضو الحملة ورئيس "التجمع الفلسطيني في إيطاليا" محمد حنون في تصريح له": إن "خطوة البنك العربي لم تكن متوقعة، لاسيما وأنه يسوّق نفسه مراراً وتكراراً على أنه بنك وطني يخدم التنمية العربية".
وحذر حنون من أن خطوة البنك من شأنها أن تبعث برسائل خاطئة، تُفهم على أن هذا المصرف يشارك في تشديد الخناق على المحاصرين، خاصة في ضوء ما حققه البنك من أرباح تتجاوز مئات الملايين من الدولارات خلال عمله في قطاع غزة.
وأضاف "في الوقت الذي نتفهم الضغوط والتخوفات من العمل في القطاع المحاصر؛ إلا أن قرار إدارة البنك العربي فيه تخلٍّ عن مسؤولياتها في التخفيف عن المحاصرين، عبر استمرار عمله فقط".
ودعا حنون البنك العربي إلى مراجعة قراره والعدول عنه، مؤكداً على أنه "ليس من المقبول بأي حال استخدام بوابة الضغوطات لتشديد الخناق على الفلسطينيين المحاصرين منذ نحو أربع سنوات في أوضاع لا إنسانية".