قائمة الموقع

مقال: التهديد والوعيد والاستقواء بالغير لغة المفلس

2016-03-07T06:48:04+02:00
مصطفى الصواف

ننظر بريبة وشك في تصرفات قيادات حركة فتح ومجالسها عبر تصريحاتهم وبياناتهم المستغربة والتي لا تنم عن تصرفات متزنة أو عقلانية وكأن هذه القيادات ومجالسها وما تتخذه من قرارات يشير بشكل واضح إلى حالة من الإرباك والتناقض في العلاقة بين فتح وقطاعات الشعب الفلسطيني وحركاته المختلفة.

 فالاختلاف الفلسطيني الفلسطيني لا يعني أن من تختلف معه على أنه عدو، بينما نجد أن الخلاف والاختلاف مع العدو الصهيوني لا يرى فيه رأس الهرم في حركة فتح أنه عدو بل يعتبره جارا وصديقا، ويبحث بكل الوسائل للتعايش معه،  والتعاون والتنسيق الأمني ويشكل له حماية، علما انه يقتل أبناء الشعب الفلسطيني، ويستولي على أرضه، ويبني المستوطنات، ويهود المقدسات، ويرفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحياة، وإقامة دولته حتى بالطريقة التي عرضها محمود عباس، أو ما جاء في اتفاق أوسلو الذي هندسه عباس ، ونجد في نفس الوقت قيادات حركة فتح الأمنية وغير الأمنية تتزاور مع العدو الصهيوني _كما يرى فيه غالبية الشعب الفلسطيني_ ويجري معهم نقاشات معمقة، ويشارك في مؤتمراتهم، قياداته تزور عباس والقيادات الأمنية، وهناك لجان مشتركة، وإلا ما هي وظيفة محمد المدني أحد قيادات فتح والذي ينسق لكل الزيارات التي تقوم بها الوفود من كلا الجانبين لبعضهما البعض وعلى أعلى المستويات.

ماذا يفعل ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات عندما يلتقي مع قيادات العدو السياسية والعسكرية وهو احد قادة فتح؟ وبأمر من تكون هذه اللقاءات وتحت أي بند تجري وأيدي هؤلاء القادة الصهاينة وألسنتهم وأفواههم تقطر دما مسفوكا من أطفال ونساء ورجال فلسطين ليل نهار، أي مصلحة وطنية يمكن أن تتحقق؟

إن ما صدر عن المجلس الثوري لحركة فتح باتجاه حماس وقطاع غزة يجعلنا نطرح السؤال التالي: على أي شيء تعتمد حركة فتح بما صدر عنها وعن بعض قادتها كالرجوب وعزام الأحمد وغيرهم؟ ما هي الشرعية التي تستند إليها حركة فتح في تهديداتها، أليست فتح وحماس والجهاد والشعبية وبقية القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة تعتمد في شرعياتها على الشعب الفلسطيني وفعلها على الأرض وحمايتها للحقوق والثوابت الفلسطينية المجمع عليها أبناء الشعب الفلسطيني ويؤكدها في كل المناسبات؟

إذا كانت فتح تعتمد على شرعيتها الشعبية القديمة والتي كانت قبل انتخابات عام 2006 فقد انتهت هذه الشرعية بعد الانتخابات وتصدر المشهد الشعبي على الأقل فصيل آخر وهو حركة حماس باعتراف الكل الفلسطيني قبل الدولي، وهذه الشرعية لازالت قائمة، وعليه أن لا يمكن التهديدات المتكررة إلا كنوع من العربدة والاستقواء بالخارج عندما سيتم الحديث عن أساليب مختلفة لإعادة قطاع غزة إلى الشرعية وهي تخضع للشرعية ولن تنتهي هذه الشرعية إلا بالطريقة التي حصلت عليها وهي الانتخابات، وإذا أرادت فتح العودة إلى شرعيتها القديمة لتجرب الأمر عبر الانتخابات وليس عبر التهديدات الجوفاء التي تصدر بين الحين والآخر، وعلى محمود عباس أن يصدر مرسوما رئاسيا وفق ما يعتبره أنه الرئيس للشعب الفلسطيني وإن كان هذا الأمر مشكوكا فيه، وأن يصنع الوحدة وينهي الانقسام، ويهيئ الأجواء الديمقراطية لأجراء الانتخابات كما اتفق عليها في اتفاق المصالحة في القاهرة بدل هذا التعطيل لها والذي يمارسه على ارض الواقع.

إن انقلاب فتح على شرعية الانتخابات لا ينفي هذه الشرعية أو يلغيها، ثم لماذا فتح هي صاحبة الشرعية رغم أنها سقطت عنها يوم الانتخابات وأن حماس باتت صاحبة الشرعية الشعبية، ورغم ذلك لا تهدد ولا تتوعد وتمد يدها للحوار والمصالحة؟، لماذا لا ترى فتح إلا نفسها صاحبة الشرعية وباقي قوى الشعب الفلسطيني يجب أن تخضع لهذه الشرعية ولا شرعية لأحد إلا من خلال شرعية فتح؟

التهديد والوعيد لغة الضعيف وأسلوب غوغائي لا يصلح للعلاقات الوطنية، ولغة الحوار أجدى وأنفع لترتيب البيت الفلسطيني بعيدا عن الاستقواء بالعدو، أو بقوى خارجية بأي جنسية كانت عربية أو أجنبية، وعلى حركة فتح أن تكف عن أساليب العصابات والعودة إلى الشعب الفلسطيني وقواه الحية من أجل بناء إستراتيجية سياسية متفق عليها مبنية على الشراكة السياسية في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني.

اخبار ذات صلة