رغم الأجواء المتوترة التي سادت بين الجانب المصري والفلسطيني الأسبوع المنصرم نتيجة اتهامات الداخلية المصرية بحق حركة حماس، إلا أن التوجه المصري نحو تحسين العلاقة مع الحركة ظهرا جليا، بوصول وفد قيادي حمساوي للقاهرة، في تجاهل واضح لمحاولات إفشال المساعي الجارية من قبل أطراف مصرية وفلسطينية لتحسين العلاقة بين الطرفين.
واللافت هنا، تجدد التأييد الفتحاوي اللامتناهي للاتهامات المصرية ضد حركة حماس، رغم أن أجهزة سيادية مصرية رفضت الاتهامات، إذ أن القيادات الفتحاوية كانت أكثر اهتماما واصرارا على الاتهامات الموجهة لحماس من الطرف المصري.
وعلى رأي المثل الفلسطيني "إجو يحدوا الخيل مد الفار رجله" الذي يصف حال بعض الناطقين في فتح المتهافتين على الحديث عبر وسائل الإعلام المصرية، دعما لاتهامات الداخلية ضد حماس، لتبدأ رحلة الاصطياد في المياه العكرة، إلا أن ذلك لم يدم طويلا، بعد أن وصل وفد رفيع المستوى من حماس للقاهرة في زيارة تبدي السلطات المصرية اهتماما بالغا بها.
وفي صفعة أخرى، اهتمت الصحافة الموالية للنظام بالتحسن المرتقب في العلاقة مع حماس، وهذا ما ظهر جليا في افتتاحية صحيفة الأهرام التي أكدت على عمق العلاقات الفلسطينية المصرية، وعلى دور حركة حماس في القضية الفلسطينية كحركة مقاومة لها دورها البارز.
وفي ظل حالة الردح الفتحاوي، أكدت القيادة المصرية ذات العلاقة أنها ما زالت مصرة على توجهها نحو تحسين العلاقات مع حركة حماس، عبر اتصالات جرت عقب مؤتمر وزارة الداخلية المصرية مباشرة بين الجانبين، والتنسيق الفعلي لزيارة وفد الحركة والتي بدأت أول أمس السبت.
وفي هذا السياق، أكد مصدر مسؤول في حركة حماس لـ "الرسالة" أن اتصالات عالية المستوى جرت بين قيادة المخابرات المصرية وقيادة حماس في غزة عقب مؤتمر الداخلية، أكدت خلالها المخابرات على ضرورة تجاهل الاتهامات الموجهة للحركة.
وأوضح المصدر أن المخابرات أكدت تفهمها لموقف الحركة من الاتهامات المتتالية بحقها، فيما تلخص رد الحركة على حرصها الحقيقي على تحسين العلاقة مع مصر بعد الاتصالات التي جرت طيلة الأسابيع الماضية بين الطرفين بعيدا عن محاولات التخريب التي تقودها أطراف عدة.
وهذا ما أكده عضو المكتب السياسي لحركة حماس سامي خاطر بأن الاتصالات مع مصر لم تتوقف رغم الاتهامات التي وجهت لحركته، مشددًا حرص حماس على تعزيز العلاقة معها بمعزل عن المعيقات والعقبات التي تحاول اعاقة ذلك.
ونوه خاطر إلى أن معوقات تحسين العلاقة لم تكن يومًا صادرة عن حماس، بل كانت بفعل الاتهامات التي تصدر من الجانب المصري ضد الحركة، فيما جدد تأكيد حركته عدم تورطها في أي إجراء يمس أمن مصر.
الدعم الفتحاوي للإجراءات المصرية بحق غزة، ليس جديدا، إذ أن الحركة دعمت إغلاق الأنفاق التي تمثل شرايين الحياة لغزة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، كما أيدت إقامة خندق مائي لإغراق الحدود بمياه البحر، بل وتفاخر رئيس السلطة بأنه من ضمن اقتراحاتهم المقدمة لمصر.
وفي ذلك، يرى المحلل السياسي فايز أبو شمالة أنه لا يروق لأطراف في حركة فتح أن ترى تحسنا جديا في العلاقات بين حماس وأي طرف عربي، فكيف الحال إن كان هذا الطرف جمهورية مصر العربية التي تعتبرها فتح سندا رئيسيا لها.
وأوضح أبو شمالة أن السلوك الفتحاوي في دعم الاتهامات الباطلة ضد غزة وحركة حماس، يمثل محاولة بائسة لتخريب الجهود الرامية لتحسين الوضع الإنساني في غزة، وليس غريبا على أعراف السلطة التي سعت جاهدة لخنق غزة من خلال عرقلة جهود أخرى خلال الفترة السابقة، في إشارة للجهود التركية في ملف الميناء.
وفي نهاية المطاف، يبدو أن الإرادة السياسية متوفرة لدى طرفي العلاقة في سبيل إنهاء التوتر القائم منذ أشهر عبر رزمة من التسهيلات قد تقدمها مصر لغزة في المرحلة المقبلة، فيما يبقى الصوت الفتحاوي خافتا لا يصاحبه أي تأثير.