قائمة الموقع

مقال: "حماس" تفضل خيار الصمت إزاء الاتّهامات العربيّة لحزب الله

2016-03-17T06:52:37+02:00
د. عدنان أبو عامر

تشهد المنطقة العربيّة حال استقطاب حادّة بين المحورين الرئيسيّين اللّذين يقودانها في هذه المرحلة بقيادة السعوديّة وإيران والدول الملتحقة بكلّ منهما، ممّا جعل المنظّمات الفلسطينيّة، ومنها "حماس"، تتّخذ مواقف سياسيّة من تطوّرات المنطقة بحذر شديد، خشية أن تدفع أثمانا باهظة، بسبب احتسابها على محور ضدّ آخر.

وتمثّلت تطوّرات الاستقطاب الإقليميّ الأخيرة بصدور قرارات عربيّة ضدّ "حزب الله"، حيث تباينت المواقف الفلسطينيّة من القرارات، بين تأييد السلطة الفلسطينيّة التي شاركت في اجتماعات وزراء الداخليّة العرب، ومعارضة فصائل فلسطينيّة للقرارات، ووقوفها بجانب الحزب، أمّا "حماس"، فبقيت ملتزمة الصمت، ممّا يطرح أسئلة حول هذا الصمت، ولماذا لم تصدر إدانة للقرار، وكيف سيتقبّل "حزب الله" هذا الموقف الصامت منها؟

     تعتقد حماس أن صمتها إزاء القرارات العربيّة تجاه حزب الله يعبّر عن حكمة سياسيّة، رغم حرصها على أن تبقى علاقتها مع الحزب قائمة، وهي ليست في وارد إصدار مواقف سياسيّة قد تؤدّي إلى قطيعة أو إحراج مع أيّ طرف، سواء أكان مع دول الخليج العربيّ أم إيران وحزب الله، ورغم أنّ لديها خلافات مع الحزب لتدخّله في سوريا والعراق واليمن، لكنّه قدّم جهدا ومساندة لها ضدّ المشروع الإسرائيلي.

     وهذا الحديث قد يشير إلى أنّ "حماس" لا تريد أن تخسر دعم الدول الخليجيّة خاصة السعوديّة تجاهها، وهذا هو السبب في أنها لا تنحاز مع أيّ طرف كان عقب القرارات الأخيرة ضدّ "حزب الله"، لأنّ إعلانها لأيّ موقف كان قد يترتّب عليه ضرر في علاقاتها الإقليميّة، خصوصا مع الدولتين المركزيّتين في المنطقة، السعوديّة وإيران، وربّما تأمل "حماس" أن يقدّر "حزب الله" صمتها، لأنّه يتفهّم حساسيّة موقفها مع دول الخليج.

     صحيح أن دول الخليج لا تدعم حماس بالسلاح، لكنها توفر مقر إقامة لقادة الحركة، وتتمتع بأريحية أمنية وسياسية فيها، وحرية التنقل بين دول الخليج، وهذه ميزة إيجابية لحماس عقب خروجها من سوريا في أواخر 2012، بسبب خلافها مع النظام السوري حول تعامله مع الثورة الشعبية في بلاده، فضلا عن أن حماس تجمع في هذه الدول بطريقة غير رسمية الدعم المالي للمؤسسات الخيرية المقربة من حماس في الأراضي الفلسطينية.

     أما عند الحديث عن دعم حزب الله لحماس، فيمكن التأكيد أنه يقدم للحركة العون العسكري، بما يشمله من سلاح وتدريب وتطوير لمنظومة حماس القتالية، وقد حافظا على علاقة جيدة بينهما، رغم اختلافاتهما حول الملف السوري، فالحزب ينخرط كليا في القتال بجانب نظام الأسد، وحماس تأخذ عليه تورطه في هذا المستنقع.

     المعلومات المتوافرة تفيد بأنّ حزب الله قد لا يكون مرتاحا لصمت حماس عن القرارات العربيّة ضدّه، لأنّ اتّهامه بالإرهاب قد يطال أطرافا أخرى في مرحلة لاحقة، بمن فيها حماس، ومع أنّ هناك اختلافا بين حماس والحزب في ملفّات سوريا والعراق واليمن، ومع تفهّم الحزب لرغبة حماس بالتّوازن في موقفها بهذه اللّحظة الحرجة، لكنّه يتابع المواقف الصادرة من مختلف الأطراف العربية، وقد تكون لتلك المواقف تداعيات مستقبليّة على علاقته بها.

     تجدر الإشارة إلى أنّ "حزب الله" التزم الصمت حين أعلنت مصر في 2015 أنّ "حماس" حركة إرهابيّة، ولم يصدر موقفا واضحا يدين هذا الإعلان، ممّا قد يساند بعض الأصوات داخل "حماس" المطالبة بعدم إعلان أيّ موقف قد يضرّ بعلاقاتها الناشئة مع دول الخليج، إذ لا تحتمل أيّ معارضة علنيّة لقراراتها.

     أخيرا، ربّما تشكّل القرارات العربيّة الأخيرة اتجاه "حزب الله"، نتيجة طبيعيّة لحال الاصطفاف الطائفيّ بين الدولتين الأكبر في المنطقة، السعوديّة وإيران، ممّا قد يجعل "حماس" في وضع لا تحسد عليه، فهي إمّا أن تساند الموقف الخليجيّ ضدّ "حزب الله" فتقطع آخر شعرة في علاقاتها مع إيران والحزب أو تؤيّد الحزب ممّا قد يفقدها آخر معاقلها الجغرافيّة في المنطقة حيث تقيم قيادتها في قطر ويخسرها علاقاتها الخليجيّة، وبين أن تلتزم الصمت اتجاه ما يحدث، وهو الخيار الأقلّ كلفة لها، لأنّها قد ترى أنّ المنطقة مقبلة على واقع أكثر خطورة، ممّا يجعلها تفضّل النأي بنفسها عمّا هو قادم.

اخبار ذات صلة