الواقع السوري والمستقبل، هي ربما انشغالات الفكر والسياسة والميدان في داخل سوريا وخارجها، على ضوء استمرار المعارضة في مباحثاتها مع النظام، وخشية طرح الفيدرالية كحل لمستقبل سياسي.
وقد طرحت المعارضة السورية في محادثات جنيف غير المباشرة مع النظام السوري ورقة حول الانتقال السياسي، وصفها المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا بالعميقة، وطالب وفد النظام بطرح رؤيته بهذا الشأن، وعدم الاكتفاء بالحديث عن أسس الحل السياسي.
كما أعرب المبعوث الأممي عن أمله في التوصل إلى قواسم مشتركة بين النظام السوري والمعارضة عندما تستأنف المحادثات الاثنين المقبل.
ولم تخلوا المباحثات من استفزازات سياسية، خاصة بعد طرح النظام أغرب الشروط للجلوس لمائدة التفاوض بين أطراف متخاصمين أن يطلب أحدهم من الآخر حلق لحيته. وهذا بالضبط ما حدث لكبير مفاوضي المعارضة السورية محمد علوش عندما طلب منه رئيس وفد نظام دمشق بشار الجعفري ذلك.
وأوردت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية في تعليقها على هذا الطلب الغريب، أن الجعفري نفسه يربي لحية قصيرة، مشيرة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان كبير مفاوضي النظام أراد بذلك أن يضع خطاً أحمر لا ينبغي للمعارضة تجاوزه أم أنه قصد الإساءة فقط.
وكان الجعفري، الذي يرأس وفد بلاده إلى مفاوضات جنيف، قد هاجم أول أمس الأربعاء نظيره المعارض علوش قائلا إنه لا يشرفه الجلوس مع من وصفه بالإرهابي.
وقد أثار بعض الكتاب العرب المخاوف من أن إعلان أحزاب كردية سوريا قيام نظام فيدرالي على ثلاث مناطق تسيطر عليها في شمال سوريا قد يؤدي إلى إعادة تقسيم المنطقة على غرار اتفاق سايكس-بيكو قبل مئة عام.
وكتب عبدالباري عطوان رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية التي تصدر من لندن محذرًا من أن "الفدرلة" قد تبدأ بسوريا ثم تركيا وإيران.
يقول عطوان: "سايكس بيكو الأولى... قسمت المنطقة العربية ونسفت حلم الوحدة العربية الجامعة، وسايكس بيكو الثانية التي ترتكز على اتفاق كيري–لافروف ربما تؤدي الى تفتيت "الدولة القطرية" التي قبلناها على مضض، تحت عنوان "الفدرلة"، سوريا "الرجل المريض" الجديد قد تكون البداية وتركيا وإيران بعدها ثم تكرّ السبحة، ونأمل ان لا تكون الأيام بيننا هذه المرة".
وفي صحيفة "النهار" اللبنانية، قال إلياس الديري إن أكراد سوريا لم يضيِّعوا الفرصة وسارعوا "في التوقيت المناسب إلى فتح باب "الفَدْرَلَة" على مصراعيه".
يقول الكاتب: "أوَّل الغيث قطرة. وأوَّل المسيرة في اتجاه التغيير خطوة. وأوَّل القرارات التاريخيَّة كلمة. وأوَّل الانفصال إعلان الزواج من اللامركزيَّة متوأَمةً مع الفيديراليّة. وأوَّل الفيديراليات السوريَّة كرديٌّ بكل تفاصيله وتطلّعاته ... لا بدَّ أن تنفتح شهيّات فئات متعدَّدة داخل سوريا، وربما داخل دول عربيّة أخرى، على التشبُّه بالأكراد، والإقدام على مثل ما أقدموا عليه".
من جانب آخر، يرى عريب الرنتاوي في "الدستور" الأردنية أن أكراد سوريا تسرعوا بإعلان هذه الخطوة التي اعتبرها "قفزة في المجهول".
يقول الكاتب: "لقد أحيا القرار الكردي المنفرد والمتسرع، المخاوف من وجود "أجندة خفية" لديها، انفصالية بامتياز، وسوف يدفع هذا القرار مختلف الأطراف، إلى إعادة قراءة وتقيم السياسات الكردية"، مضيفًا أن هذا التطور المفاجئ قد يجعل الأكراد يعرضون "مكتسبات سنواتهم الخمس الفائتة للخطر والتهديد، فيصح فيهم القول: من استعجل الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه".
من ناحية أخرى، شنت صحف مغربية هجومًا على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بسبب تصريحاته التي استخدم فيها لفظ "احتلال" للإشارة إلى الوضع في الصحراء الغربية المتنازع عليها.
ودافع كتاب صحراويون وجزائريون – حيث تؤيد الجزائر جبهة بوليساريو الداعية لاستقلال الصحراء الغربية – عن الأمين العام للأمم المتحدة وهاجموا المملكة المغربية على ردة الفعل تجاه تصريحاته.
وفي صحيفة "الأحداث" المغربية، قال يونس دافقير: "لا يمكن للمرء إلا أن يشعر بالتقزز من إصرار بان كي مون ومحيطه على التشبث بالمأزق الذي وضعوا فيه هيئة الأمم المتحدة في ملف الصحراء".