تطرقت الصحف (الإسرائيلية) الصادرة اليوم إلى تداعيات هجوم إسطنبول الذي أدى إلى سقوط خمسة قتلى بينهم ثلاثة (إسرائيليين)، واعتبرت أن هذا الموضوع ستكون له انعكاسات على العلاقات التركية الإسرائيلية.
وقال المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر إن الحكومة الإسرائيلية قررت رفع مستوى التحذير بعدم السفر إلى تركيا، خشية تعرض الإسرائيليين لهجمات جديدة، عقب هجوم إسطنبول "الانتحاري" الذي أوقع ثلاثة قتلى إسرائيليين.
ونقل عن هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لمكتب رئيس الحكومة أن العديد من السياح الإسرائيليين ما زالوا يقصدون تركيا رغم التحذيرات، في ضوء تزايد المخاطر التي تتهدد المصالح الإسرائيلية واليهودية هناك.
وقد وصل مدير عام الخارجية دوري غولد إلى إسطنبول بالتنسيق مع السلطات التركية لمتابعة الحادث، وهي الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي على هذا المستوى منذ سنوات، مما قد يشير إلى التعاون القائم بين الجانبين.
مصلحة مشتركة
من جهته، تساءل الخبير العسكري الإسرائيلي في موقع "إن.آر.جي" عمير ربابورت إن كان الإسرائيليون مقصودين في تفجير إسطنبول، مؤكدا أن إسرائيل وتركيا لديهما مصلحة مشتركة في معرفة الجهة المنفذة لهذه العملية.
وأوضح أن الجهات الأمنية الإسرائيلية ومنذ حدوث العملية منشغلة في معرفة حقيقة استهداف السياح الإسرائيليين، وهو أمر ذكر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه قيد البحث والدراسة.
وأضاف: تنظيم الدولة الإسلامية له مصلحة للمس بهدف إسرائيلي، عقب نشر عدد من تهديداته عبر شبكة الإنترنت ضد إسرائيل، مما قد يحقق للتنظيم هدفين في عملية واحدة: المس بالإسرائيليين، وتوجيه ضربة قاسية للسياحة التركية.
ضحية الصراع
على الصعيد ذاته، أكد الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي أن الإسرائيليين ذهبوا ضحية الصراع متعدد الأطراف في تركيا.
وتابع: صحيح أن منفذ العملية لم يكن لديه معلومات مسبقة عن وجود إسرائيليين في إسطنبول، لكنه ربما سمع اللغة العبرية منهم، مما جعله يغير من خطة العملية، وينفذها في ذات المكان.
وأضاف: بغض النظر عن مجريات التحقيق في العملية التفجيرية، فإن ذلك يعتبر فرصة أمام الإسرائيليين لأخذ تحذيرات السفر إلى تركيا على محمل الجد، لأن هذه التحذيرات مستندة لمعطيات معلوماتية أمنية، فقد تحولت تركيا إلى دولة مهددة من العمليات "الإرهابية" وبات من الواضح أن الحرب في سوريا تنزلق رويدا رويدا إلى الأراضي التركية.
وبرأيه فإن الحرب الدائرة في سوريا انزلقت نحو تركيا، ولذلك فقد شهدت تركيا منذ يوليو/تموز 2015 خمس عمليات "انتحارية" كبيرة، ثلاث منها على يد تنظيم الدولة، واثنتان على يد نشطاء أكراد من حزب العمال الكردستاني.
ومن خلال التصريحات الصادرة عن نتنياهو ووصول غولد إلى إسطنبول، يمكن القول إن التعاون الأمني بين تركيا وإسرائيل يمر بمرحلة جيدة حاليا، وربما تشكل زيارة غولد فرصة لقطع شوط جديد في تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، بحيث يتم تبادل السفراء من جديد.
حرب شاملة
على الصعيد ذاته، كتب الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان في صحيفة "معاريف" قائلا إن عملية إسطنبول تضع إشارة جديدة إلى أن تركيا تعيش حربا شاملة، في مواجهة الأكراد داخل حدودها، ومع أشقائهم في سوريا والعراق.
وبيّن أن هذا الأمر قد يهدد السياحة في هذا البلد الذي يستقبل سنويا 35 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم، معظمهم من دول البحر المتوسط، ومع ذلك فلم يطرأ عليها تراجع كبير رغم الحرب الكبيرة التي تخوضها تركيا منذ نصف عام ضد الأكراد وتنظيم الدولة، وأسفرت حتى الآن عن مقتل ثلاثة آلاف شخص.
وأضاف: تعيش تركيا حروبا شاملة في ثلاث جبهات داخل الحدود وخارجها: الأولى مع حزب العمال من داخل البلاد، والثانية مع الأقلية الكردية داخل سوريا، والثالثة ضد معسكرات التدريب التابعة لحزب العمال في كردستان العراق.
وبيّن كاتب المقال أن الجيش التركي يكتفي بسلاح المدفعية لمنع القاتلين الأكراد من اختراق الحدود التركية، حيث ينجحون بمساعدة الولايات المتحدة والقوة الجوية الروسية في احتلال مزيد من الأراضي من أيدي تنظيم الدولة، ويقيمون لأنفسهم قطاعا أمنيا خاصا بهم على الحدود التركية.