عاد وفد حركة حماس مجدداً إلى القاهرة يحمل ردوداً إيجابية على المطالب التي عرضتها المخابرات المصرية في اللقاءات التي تمت بين الطرفين مؤخراً، وذلك بعد مشاورات جرت في أروقة الحركة بالعاصمة القطرية الدوحة.
ومن الواضح أن عودة وفد حماس للقاهرة قبل إكمال الجولة الخارجية المفترض أن يقوم بها خلال الفترة الحالية، تنم على حالة من التفاؤل، مردها إلى إمكانية السفر والعودة من وإلى مصر بكل أريحية، بعد أشهر طويلة من المنع، مما يؤكد فتح صفحة جديدة بين الطرفين وإن كانت في مراحلها الأولى.
ورغم سخونة اللقاءات التي تمت بين الطرفين مؤخراً وفق المعلومات التي حصلت عليها "الرسالة نت"، وطرح الطرف المصري لعشرات الملفات المتشعبة، والتي تعتبر بمثابة اتهامات لحماس، إلا أن الوفد استطاع نسف أغلبها، بالدليل القاطع.
وفي الأيام التي تلت الجولة الأولى من اللقاءات، كثرت الأقاويل حول فحوى المطالب وطبيعة الرد الحمساوي عليها، لكن الثابت هنا، أن ما يهم الطرف المصري في الدرجة الأولى، ملف الأمن في سيناء؛ لارتباطها الجغرافي مع قطاع غزة، وأما الطرف الفلسطيني فإن جهده ينصب في تحسين الوضع الإنساني بغزة.
وبناءً على ما سبق، فإنه من المتوقع أن تتلخص المطالب المصرية في حفظ الحدود الفاصلة بين سيناء وغزة، وما يترتب على ذلك من تشديد الرقابة على الحركة في تلك المنطقة، وهذا ما تتوقع السلطات المصرية أن يعود بالنفع على الحالة الأمنية المتردية في سيناء.
ومن جهة أخرى، تبدو بعض المطالب في نطاق الجهد الإعلامي الذي له بالغ الأثر على الشارع المصري، من خلال محاولة مسح ما بناه الإعلام المصري طيلة السنوات الماضية، ضمن محاولات شيطنة المقاومة الفلسطينية وكيل الاتهامات وتزوير الحقائق بشكل واضح.
وهذا ما أكده عضو الوفد القيادي محمود الزهار بأن المخابرات المصرية طلبت منع حركة الأفراد والسلاح من غزة لسيناء وهو الأمر المحظور عملياً، وكذلك التوجه بحملة إعلامية للشعب المصري لتوضيح الحقائق وتفنيد الاتهامات الموجهة للحركة.
حماس من جهتها، تسعى جاهدة لإتمام اللقاءات بعيدا عن كشف تفاصيل الأحداث للإعلام؛ حرصا منها على ضرورة نجاح هذه الجولة الهامة، إلا أن المعلومات التي ترشح من الدوحة تشير إلى نية الحركة للتعامل بإيجابية كاملة مع الرغبة المصرية وما يتبعها من متطلبات في نطاق تحدده مبادئ الحركة وما تقتضيه المصلحة الوطنية.
إشارة واضحة
وبحسب مصدر مسؤول في الحركة، فإن عودة الوفد للقاهرة تمثل إشارة واضحة من حماس على حرصها التام على المضي قدما في اتجاه تحسين العلاقة مع مصر، وما يتبع ذلك من نتائج ومتطلبات.
وأوضح في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت"، من الدوحة، أن الجولة الجديدة من اللقاءات ستتركز على التباحث في الردود المقدمة من الطرفين، والتي أكد أنها إيجابية في مجملها من طرف حماس، بينما من المتوقع أن يجري التوافق على آليات تطبيق ما يتم التوصل إليه خلال اللقاءات الحالية.
وبرغم ما سبق، إلا أن التخوف القائم لدى البعض يتمثل في اتجاه رفع الطرف المصري لسقف المطالب في حال تجاوب الحركة مع تم طرحه مسبقاً، ويبقى الطرفان في حلقة مفرغة من اللقاءات، بينما يتبدد هذا التخوف بالنظر إلى الحالة الإقليمية التي تشير إلى رغبة واضحة لجذب حركة حماس إلى محور تقوده السعودية، عدا عن العامل المتعلق بالوضع الأمني المتردي في سيناء.
ومن وجهة النظر المصرية، قال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: إن التجاوب الحمساوي يبدو مريحا للقيادة المصرية في الوقت الحالي، بعد تعهد الحركة بحفظ الحدود مع مصر تماماً أكثر مما كان عليه الحال مسبقا، وتغيير نظرة التعامل مع النظام القائم في مصر.
وتوقع نافعة أن تُفضي الجهود القائمة حاليا بين الطرفين إلى إحداث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية، مما سيعود بالنفع على الوضع العام في قطاع غزة، في ظل حاجة الطرفين لبعضهما؛ تبعا لتسارع الأحداث الإقليمية، بغض النظر على فرق الحاجة بينهما.
على أي حال، تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، فالعلاقة الثنائية بين الطرفين باتت على مفترق طرق، فإما أن تتجه إلى التحسن الفعلي، بإثباته على أرض الواقع، وإما أن تعود إلى ما كانت عليه مسبقا، في حال تمترس الطرف المصري خلف مطالب تعجيزية، بينما تتجه عقارب المصالح السياسية إلى الخيار الأول.