يستمر الجدل داخل (إسرائيل) حول حادث إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل، لدرجة أن كاتبا إسرائيليا قال إن الجندي الذي أطلق النار جرّ الحكومة إلى فوضى سياسية.
وفي غمرة انشغال القيادة الأمنية في التغطية على "فضيحة الجيش"، سلطت بقعة الضوء على لواء المشاة الإسرائيلي (كفير) الذي ينتمي له الجندي مطلق النار، باعتباره أكثر ألوية الجيش بطشا وتنكيلا بالفلسطينيين في مدن الضفة المحتلة، بدليل أن هذا الجندي سبق أن قتل ببرودة أعصاب ثلاثة فلسطينيين على مفترق عتصيون بالخليل، آخرهم كان الشريف.
ويعتبر (كفير) اللواء الأكبر في القوات البرية لجيش الاحتلال، كان قد أنشئ عام 2005، وهو اللواء العسكري الوحيد في (إسرائيل) الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة؛ بسبب أنه يتمركز تاريخيا في الضفة المحتلة.
ويعرف أيضا باللواء رقم 900، المختص في مجال "مكافحة الارهاب"، ويشمل ست كتائب، من بينهما الكتيبة اليهودية المتدينة (خلود يهودا)، التي تعتبر كتيبة المشاة الأكبر في جيش الاحتلال.
ويقول خبير أمني في حديث سابق لموقع "المجد الأمني" التابع للمقاومة، إن إتقان هذا اللواء للغة العربية جعله الرائد في أعمال الجيش الإسرائيلي بالضفة؛ "لأن الضفة مقطعة، ويوجد تداخل بين الكتل الاستيطانية والمناطق الفلسطينية؛ ما جعل الجيش مضطرا لنشر هذا اللواء؛ كي يستطيع التفاهم مع السكان الفلسطينيين".
ويذكر الكاتب الإسرائيلي بصحيفة يديعوت يوسي يهوشع أن "هذا اللواء المرقّط يوجد في قلب الاحتكاك في المناطق، وهي مهمة غير سهلة، وخلافا لألوية أخرى تخرج للانتعاش في جبهات أخرى، فإن مقاتلي كفير يتواجدون بشكل دائم في القرى، في الحواجز، وفي الاعتقالات".
وتشير تقارير حقوقية إلى أن لواء (كفير) مسؤول عن نحو 70% من اعتقالات الاحتلال في الضفة، وأنه حصل على أسوأ مرتبة في انتهاك حقوق الإنسان من قبل الجيش، اتجاه السكان الفلسطينيين، وليس أدل على ذلك، ما صرّح به الجندي قاتل الشريف بأنه "فعل الأمر الصحيح في الزمان الصحيح"!
وربما يبرر ذلك إقدام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على الدفع بهذا اللواء إلى الخليل مع اندلاع انتفاضة القدس مطلع أكتوبر الماضي، بعد تصدّر المدينة المواجهات وعمليات الطعن، في محاولة منه للبطش بالانتفاضة.
وقد علقّت سميرة الحلايقة النائب في المجلس التشريعي عن الخليل، بأن الدفع بلواء كفير للمدينة يأتي في سياق الإجراءات الأمنية لوأد الانتفاضة، مؤكدة أن هذا اللواء يختلف عن بقية الألوية العسكرية الإسرائيلية؛ لكونه الأشد بطشا وعنفا، ومعروف بجرائمه الواسعة وغدره وتعامله الواسع مع حروب العصابات.
وتوقعت الحلايقة في حينه أن يرتفع مستوى القتل والإجرام في الخليل بعد دخول لواء كفير، وهو ما تحقق اليوم، بدليل أن الخليل تتصدر قائمة المدن الفلسطينية من حيث أعداد الشهداء الذين ارتقوا خلال الانتفاضة.
وتفيد معطيات فلسطينية بأن 211 فلسطينيا استشهدوا برصاص الاحتلال والمستوطنين منذ اندلاع انتفاضة القدس، 60 منهم في مدينة الخليل، وتليها مدينة القدس بـ42 شهيدا.
ويعلق الكاتب الإسرائيلي بصحيفة يديعوت إيتان هابر، أن الاحتلال يريد أن يكون الجيش الاكثر أخلاقية في العالم، لكنه لا يمكنه أن يكون هكذا، حتى لو كان كل جنوده وقادته ملائكة، "فالحرب والأخلاق لا يجتمعان في مكان واحد"، مشددا على أن "وثيقة الأخلاق في الجيش" ليست سوى قطعة ورق.