قائمة الموقع

والدة الأسير فارس تتمنى احتضانه قبل مفارقة الحياة

2016-03-31T18:11:07+03:00
والدة الأسير بارود
الرسالة نت _ إسلام الكومي

 

لا شيء أحب إلى قلب الأم من أن تكحل عينيها صباح كل يوم بالنظر إلى فلذة كبدها، وأن تضمه إلى حضنها بين حين وآخر، بيد أن هذا الأمر متعذر على أمهات آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومنهم والدة الأسير فارس بارود المغيب خلف قضبان الاحتلال منذ ربع قرن.

ومن بين أزقة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، كانت والدة الأسير بارود تغط في غفوة وقت دخول مراسل "الرسالة" منزلها، حيث كانت تجلس وبجانبها المذياع يتحدث مع نفسه، وبعد أن وصل المراسل استيقظت وهي تعتذر بأن النعاس قد غلب وحدتها وسكون بيتها الخالي.

وعند دخولك المنزل، لن تجد في بيتها سوى صورًا لفارس التي ما زالت تختزلها في عقلها وقلبها، بعد أن ذرفت الدموع على مدار 25 عامًا فاقدة بصرها حزنا على ولدها، فلم يبق برفقتها سوى صدى مناجاتها بين جدران بيتها الخالي والذي تعلوه غمامة الحزن الباكية، ليبقى فارس أسير القلب والوجدان بين ضلوع أمه المتعبة.

والأسير "بارود" معتقل منذ (23-3-1991م)، ومحكومٌ بالسجن المؤبَّد بتهمة قتل مستوطن، وقد تنقل بين سجون الاحتلال، ويقبع الآن في سجن نفحة، وكان من المتوقع إطلاق سراحه مع الأسرى القدامى الذين التزم الاحتلال بإطلاق سراحهم، لكنه علق الإفراج عن آخر 30 أسيراً منهم ضمن الدفعة الرابعة ورفض إطلاق سراحهم لأسباب سياسية، وفق رياض الأشقر المسؤول الإعلامي باللجنة الوطنية العليا لنصرة الأسرى.

وأضاف الأشقر أن "مأساة والدة الأسير أصبحت معروفةً لجميع من يشارك في فعاليات الأسرى ويتابع قضيتهم؛ حيث إنها أصيبت بفقد البصر حزنًا وكمدًا على ابنها من كثرة البكاء، وهي تنتظر عودته، ورغم ذلك تجدها كل يوم اثنين خلال الاعتصام الأسبوعي أمام مقر الصليب الأحمر الدولي؛ ترفع صورة ابنها الأسير، وتنتظر بأمل أن يتمَّ الإفراج عنه، في صفقة التبادل المرتقبة؛ فهي تتمنَّى أن تسمع صوته بعد أن فقدت بصرها قبل أن تفارق الحياة".

 اشتياق حار

تقول الحاجة بارود وهي تلتقط أنافسها المتهالكة بين الفينة والأخرى بعد أن أثقلها المرض: "صار عمري فوق الثمانين سنة وأنا بأنتظر ولدي يتحرر، أمنيتي بس أشوفه وبعدها ربي ياخد أمانته عنده"، وبعبارات الأمل الذي ما زال يترنح بين وجنيتها تقول: "بالرغم من مرضي ووحدتي إلا أنني أجتهد في تجهيز شقة فلذة كبدي لحين خروجه من زنازين المحتل، وما زلت أزرع له ورد الفل والياسمين حول غرفتي لأرشه عليه وقتها إن كنت على قيد الحياة".

تجلس أم الأسير بارود في زاوية بيتها وهي تحتضن صورة ابنها، فبرغم فقدانها لبصرها إلا أنها تصف ملامحه بدقة وكأنه جالس أمام عيناها البصيرتان، وتصف جمال وهيبة وقفته الشامخة بين حدود الصورة التي بحجم كف يدها.

وبدمعات جالت على خدها المرسوم بتجاعيد لا حصر لها تقول: "يسمحون لي بالحديث إليه عبر الهاتف كل ستة شهور مكالمة واحدة مدتها عشر دقائق فقط، لا تكفي للتمعن في صوته ولا الاطمئنان على صحته أكثر، لكنها بمثابة شربة ماء بعد عطش مرير".

واختتمت والدة الأسير حديثها بالقول: "لم أذكر أنني ذُقت طعمًا للأعياد خلال سنوات اعتقال فارس الخمسة والعشرين، فلا فرح وسعادة بدون ابني، وكم أتمنَّى أن يأتي الفرج وأنا على قيد الحياة ويكون فارس بيننا يستقبل الضيوف ويوزع الحلوى".

اخبار ذات صلة