قائد الطوفان قائد الطوفان

غضت الطرف عن الاستيطان

فتح تفاوض لتحافظ على سلطتها

غزة- ياسمين ساق الله (الرسالة نت)                                     

تتزامن سياسة الاستيطان التي تنتهجها حكومة الاحتلال مع الجولات المكوكية للمبعوث الأمريكي جورج ميتشل وبدء جلسات المفاوضات غير المباشرة بين سلطة فتح والإسرائيليين.

وأجمع مختصون بالشأن السياسي الفلسطيني أن الدخول بالمفاوضات في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة متمسكة بالاستيطان لن يحقق هدف الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية.

ويرى المختصون خلال أحاديث منفصلة للرسالة أن استمرار سلطة فتح بالمفاوضات مع استمرار الاستيطان هدفه الحفاظ على بقاء السلطة, موضحين أن وجودها مرهون بتواصل العملية التفاوضية مع الإحتلال الإسرائيلي بمقاييس أمريكية . 

وانطلقت المفاوضات غير المباشرة في 9 ايار/ مايو في ظل تشكيك واضح بإمكان نجاحها، ومن المقرر أن تستمر أربعة أشهر سيقوم خلالها المبعوث الأمريكي برحلات مكوكية بين القدس ورام الله وواشنطن.

مفاوضات بدون نتائج

المحلل السياسي خليل شاهين قلل من إمكانية تحقيق تقدم في المفاوضات غير المباشرة في ظل تواصل الاستيطان , قائلا:"في ظل واقع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس لن تحقق تقريب الفلسطينيين من تحقيق أهدافهم من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على خط الرابع من حزيران عام 1967".

في حين قال المحلل السياسي هاني البسوس :" السلطة بادرت بالمفاوضات دون وجود إطار قانوني سياسي وآلية محددة تسير عليها في التفاوض وهذا خلل واضح في العمل السياسي فكان الأجدر بها تحديد الإطار العام والمفاهيم  التي يتم التفاوض عليها .

وكانت (إسرائيل) صفعت زيارة ميتشل للمنطقة  بتوقيع 56 عضو كنيست عريضة تدعو نتنياهو وباراك إلى مواصلة البناء في مستوطنة اريئل، رغم الأمر الصادر بتعليقها.

ويقول شاهين :" إن المفاوضات في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة متمسكة بالاستيطان والتهويد لن توافق على الهدف النهائي بالنسبة للفلسطينيين لكن هذا الأمر لا ينفي وجود مخاطر تتعلق بتنازلات قد يضطر الجانب الفلسطيني لتقديمها تحت وطأة الضغوط ".

أما البسوس فيرى أن السلطة تخرج من دوامة المفاوضات لتدخل في أخرى كون المفاوضات بالنسبة لها إستراتيجية هدفها التفاوض لأجل التفاوض ", مؤكدا على أن السلطة الوطنية بالرغم من دخولها المفاوضات غير المباشرة ما زالت تتعرض لضغوطات أمريكية إسرائيلية.

وكانت المفاوضات تعثرت لدى انطلاقها بسبب رفض (إسرائيل) الالتزام بوقف التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة.

إفشال

وبالنسبة لتواصل الاستيطان في ظل الدخول بالمفاوضات, يقول البسوس:" التيار المتطرف بـ(إسرائيل) من مستوطنين أو سياسيين يحاول وضع العقبات لإفشالها لخلق واقع ووقائع جديدة على الأرض تجعل فكرة إقامة دولة فلسطينية إلى جوار (إسرائيل) أمر مستحيل ".

وقيما يتعلق بالخطر الراهن في ظل تواصل الاستيطان رغم الدخول بالمفاوضات , يشير المحلل السياسي شاهين إلى أنه يكمن في عجز تحقيق قيام الدولة الفلسطينية عبر المفاوضات والخضوع للموقف الإسرائيلي , متابعا:" هذا يطرح إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة مما يؤدي لتكريس دولة الكانتونات بشكل لا يغير كثيرا في واقع السلطة الحالي بالضفة ".

ويشير البسوس إلى أن (إسرائيل) وجدت على أساس بناء  المستوطنات , ولا يمكن لها وقف الاستيطان وهذا كان واضحا في اللقاءات الماضية لميتشل بنتنياهو بأن الجانب الصهيوني لن يوقف مشاريعه الاستيطانية ", مؤكدا على أن السلطة تمتلك دوافع تجبرها على البقاء في المفاوضات رغم تواصل الاستيطان .

هامش

ويرى شاهين أن الموافقة على بدء المفاوضات بمناقشة قضايا الأمن والحدود هي الخطوة الأولى في مسلسل تآكل الموقف التفاوضي الفلسطيني لاسيما إسقاط مطلب تجميد الاستيطان قبل الدخول بالمفاوضات ".منوها إلى أن سيناريو المرحلة المقبلة في ظل تواصل الاستيطان والمفاوضات يتمثل بمحاولة لتحقيق مكاسب لأجل بقاء السلطة.

ويضيف البسوس :" وجود السلطة مرهون بوجود المفاوضات  لذلك تحاول البقاء بنفس المسار السياسي المرسوم لها سابقا وهذا خطا فادح كونها تعلم أن المفاوضات لن تقدم شي للقضية والشعب الفلسطيني ".

وبين شاهين وجود حالة إحباط على المستوى الرسمي للسلطة والقيادات الفتحاوية بالضفة الغربية من إمكانية تحقيق شيء ذي مغزى من العملية التفاوضية في تلك المرحلة , قائلا :" وهذا يثير تساؤلات حول أهداف وأسباب الدخول بالمفاوضات العقيمة رغم يقينهم بأنها لن تجدي نفعا".

ويضيف البسوس:"السلطة مدفوعة نحو المفاوضات في اتجاهين الأول متمثل بالإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية والأخر بوجود مصالح شخصية لبعض الشخصيات السياسية بالسلطة التي تحاول انجاز مصالحها من خلال المفاوضات ".

وتجهد الولايات المتحدة منذ أشهر عدة لإعادة إطلاق عملية السلام المجمدة بين الطرفين منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2008.

ورأى شاهين أن الهدف الرئيس في المرحلة الراهنة من وراء الدخول بالمفاوضات يكمن بالحفاظ على بقاء السلطة , مضيفا أنها بشكلها الراهن باتت تشكل عبئا على الكفاح الفلسطيني كونها غير قادرة على الانسحاب من المفاوضات رغم الإقرار بعبثيتها ولا تستطيع بالمقابل تبني خيارات بديلة.

ويتابع البسوس :" بالرغم من وجود أصوات داخل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة بأن المفاوضات لم تقدم للشعب والقضية الفلسطينية شيئا نجد المفاوض الفلسطيني يواصل التفاوض لان وجود السلطة مرهون بعملية التفاوض مع الاحتلال وفقا للشروط والمقاييس الأمريكية ".

وكان ميتشل وصل إلى المنطقة الثلاثاء في أول زيارة له  إلى تل أبيب ورام الله بعد إطلاق المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذي التقى فور وصوله في تل أبيب وزير الجيش الإسرائيلي أيهود بارك , فيما اجتمع في رام الله الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس وبحث معه ملفي الأمن والحدود والقوات الأطلسية.

وختم شاهين حديثه قائلا:" القيادة والرئاسة الفلسطينية لم تشترط وقف وتجميد الاستيطان خاصة بالقدس قبل الدخول بالمفاوضات لذا (إسرائيل) والإدارة الأمريكية لا تجد المطلب الفلسطيني بعد العودة للمفاوضات ملزما لها ", متابعا :" السلطة في ظل هذا الوضع باتت لا تستطيع الانسحاب من المفاوضات بل تنازلت عن شروطها والمطالب اللازمة لإطلاقها ".

كما أوضح البسوس أن (إسرائيل) تستخدم السلطة في إطار المفاوضات كوسيلة للحصول على مزيد من الأراضي الفلسطينية , قائلا:" المفاوضات ستنتهي بالفشل فهي نتيجة حتمية لاسيما مع إعلان الإدارة الأمريكية عن خطة السلام الشامل في أكتوبر المقبل وهذا مؤشر على أن هناك معرفة مسبقة بفشل المفاوضات".

وغادر المبعوث الأمريكي جورج ميتشل المنطقة عقب لقائه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب أيهود باراك , في الوقت الذي سادت محادثات التقارب عراقيل بسبب رفض (إسرائيل) تقديم تسهيلات إضافية للفلسطينيين وطرح كافة قضايا الحل النهائي على طاولة المفاوضات.

 

البث المباشر