أفادت وزارة الداخلية والأمن الوطني، أن قطاع غزة شهد 1000 حادث مروري خلال الربع الأول من العام الجاري، نتج عنها 15 حالة وفاة و26 حالة خطرة بين الإصابات، موضحة أن هذه النسبة الأعلى خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وذكرت أن 86 شخصاً جلهم من الشباب والأطفال لقوا مصرعهم، وأصيب العشرات بينهم أكثر من 180 حالة موت سريري وبتر وعاهات مستديمة نتيجة الحوادث المرورية خلال العام الماضي، موضحة أن السرعة الزائدة من قبل السائقين والاستهتار وعدم المبالاة، إلى جانب القيادة بدون رخصة سياقة، والتجاوز الخاطئ، والدخول في طرق معاكسة، فضلاً عن التحميل الزائد لحافلات نقل أطفال الروضات والمدارس، ومركبات "التكتك" التي تنقل أحمالاً زائدة، تقف خلف تلك الحوادث.
وعزا مدير عام الإدارة العامة لشرطة المرور في قطاع غزة العقيد عائد حمادة، تشديد الإجراءات المرورية على طرقات القطاع إلى ارتفاع نسبة الحوادث خلال العام الماضي والربع الأول من العام الجاري مقارنة بالأعوام الماضية.
وقال العقيد حمادة في تصريحات نشرها موقع الداخلية الإلكتروني: "إن إجراءات ضبط السلوكيات على الطريق التي تتخذها إدارته في محافظات قطاع غزة هي إجراءات روتينية معتادة وفق القانون"، مبيناً أن شرطة المرور لا تقوم بحملات مرورية جديدة، إنما تتخذ الإجراءات اللازمة لضبط السلوكيات الخاطئة من قبل السائقين وبسط القانون وتسهيل حركة المركبات والمواطنين على الطرق.
وحول دور شرطة المرور في معالجة تلك المشكلة، قال العقيد حمادة: إن "هذه الإحصائية المُقلقة تطلبت وقفة جادة من قبل الإدارة العامة لشرطة المرور من أجل الوقوف على أسباب تلك الحوادث ومعالجتها والعمل على الحد منها؛ لأن الحفاظ على أرواح المواطنين والسائقين مسئولية كبيرة تقع على عاتق الجهات المسئولة بالدرجة الأولى".
وفي هذا الصدد عقدت إدارة شرطة المرور – وبالتعاون مع وزارات النقل والمواصلات والحكم المحلي والثقافة – ورشة عمل لمناقشة طبيعة الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل وقف "نزيف الدم على الطريق"، وخلُصت تلك الورشة إلى التوصية بضرورة زيادة إجراءات ضبط الحالة المرورية والانتشار.
وتابع العقيد حمادة: "بدأنا العمل بمنظومة الرادار – فور تمكن توفيرها منذ بداية العام - لمراقبة السرعة الزائدة من قبل السائقين، خاصة في الشارعين الرئيسيين على امتداد قطاع غزة شرقاً وغرباً وهما (صلاح الدين والرشيد)، حيث تم رصد الكثير من الحالات التي يتجاوز فيها السائقون السرعة المسموح بها".
طبيعة الإجراءات
وتتخذ الإدارة العامة لشرطة المرور الإجراءات المطلوبة لمنع وقوع حوادث المرور، والتي تتمثل في منع الدخول المعاكس، الذي تسبب في الكثير من حوادث الطرق، إضافة إلى التجاوز الخاطئ وتوقيف السائقين الذين يعملون بدون رخصة قيادة، حيث تسبب هذا الأخير فيما نسبته 60% من حوادث المرور خلال الشهور الثلاثة الماضية.
ونوّه مدير عام شرطة المرور إلى هروب العديد من مرتكبي الحوادث بعد وقوعها وعدم قيامهم بتقديم الخدمة الإسعافية للمصابين أو توصيلهم للمستشفيات والمراكز الصحية القريبة، الأمر الذي يتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف وقيم وأخلاق مجتمعنا الفلسطيني، حيث يتم متابعتهم فيما بعد وإلقاء القبض عليهم.
كما تم اتخاذ عدد من الخطوات لضبط الطرقات وتسهيل العمل، منها تركيب اللوحات الفسفورية على مركبات "التكتك" مجاناً، إلى جانب مشروع توفير الكهرباء للإشارات الضوئية في محافظة غزة على مدار الساعة للتغلب على إشكالية توقفها في أوقات قطع الكهرباء.
ونوّه العقيد حمادة إلى أنه وقبل البدء العملي بأي إجراء يتم الإعلان عنه من خلال وسائل الإعلام، إلى جانب خروج مندوبي شرطة المرور في النشرات الصباحية اليومية للإذاعات لشرح الحالة المرورية في محافظات القطاع.
مخالفات مُخففة
وحول طبيعة المخالفات التي يحررها أفراد شرطة المرور ضد السائقين المخالفين، قال العقيد حمادة: "إن اللائحة التنفيذية لقانون المرور تسمح بتحرير المخالفات من فئة "أ" - وهي المخالفات التي تشكل خطراً على السائق والراكب وعابر الطريق على حد سواء - بحد أقصى 600 شيقل وحد أدنى 200 شيقل".
وأضاف: "وبالتنسيق مع وزارة المواصلات تم تخفيض المخالفات إلى حد أقصى 200 شيقل وحد أدنى 50 شيقل؛ وذلك مراعاة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا"، مُستدركاً أنه "لا يمكن ضبط الحالة المرورية وردع المُخالفين المُتسببين بحوادث المرور إلا بتلك الطريقة".
وتابع العقيد حمادة: "يتم في كثير من الحالات مراعاة السائقين وشطب المخالفات التي لم تُشكل خطراً على المواطنين وذلك بالنظر في كل حالة على حدة ودراستها"، مُشدداً على أنه لم يحدث وأن تمت مخالفة سائق واحد دون ارتكاب مخالفة حقيقية.
واستغرب العقيد حمادة من الإشاعات التي تُروجها بعض الجهات بأن شرطة المرور تُخالف السائقين من أجل تأمين رواتب الموظفين، قائلاً "إن مجموع ما يتم تحصيله من المخالفات شهرياً لا يتجاوز 300 ألف شيقل فقط، وهذا المبلغ زهيد جداً مقارنة بمبالغ الرواتب"، داعياً المواطنين إلى "التحلي بالمسئولية وعدم ترويج الإشاعات المُغرضة".
ومن باب التخفيف على المواطنين تسعى إدارة شرطة المرور إلى تخفيض رسوم الجمارك والترخيص للمركبات، وذلك عبر مخاطبة وزارة النقل والمواصلات في هذا الصدد حيث تم تخفيض رسوم الجمارك على المركبات بنسبة 50% قبل فترة وجيزة.
مُحاسبة وتطوير
واستدرك مدير عام شرطة المرور بأن كرامة المواطن ومعاملته معاملة طيبة تُمثل أولوية لدى شرطة المرور، إلا أن طبيعة العمل لا تخلو من الأخطاء التي قد يرتكبها بعض الأفراد بحق السائقين، مُشيراً إلى أنه تتم محاسبة أفراد الشرطة المتجاوزين، حيث تم بالفعل حبس عدد منهم لفترات بلغت شهراً في إحداها، ثبت ارتكابهم أخطاء بحق المواطنين أو السائقين ورد الاعتبار والحقوق بأصحابها".
وأردف قائلاً: "في كثير من القضايا تم التنازل عن الحق الشخصي لأفراد شرطة المرور من أجل تسوية القضية مع المواطنين مراعاة لهم أمام القضاء، كما تم تشكيل لجنة استرحام وتظلم لدى العلاقات العامة بشرطة المرور للنظر في بعض القضايا التي تتطلب مراعاة خاصة ويتم في كثير من الأحيان إزالة المخالفة مع التعهد بعدم تكرارها".
وتُولي الإدارة العامة لشرطة المرور تأهيل الكادر البشري أهمية خاصة على سلّم أولوياتها، حيث تعكف على عمليات تطوير وتأهيل الضباط والأفراد لديها، من خلال الدورات التخصصية في مجال عملهم.
وقال العقيد حمادة: "أعَدنا تأهيل معهد التدريب والإرشاد المروري، حيث تم إقرار 4 دورات لكل شرطي مرور تتضمن فن السلوك والتعامل مع الجمهور، وذلك بالتعاون مع عدد من المؤسسات والهيئات"، لافتاً إلى قطع شوط كبير وإحداث نقلة في هذا المجال، إلا أنه لم يُخفِ وجود نقص في أعداد الكادر البشري والإمكانيات في إدارته من أجل مواكبة التحديات التي تزداد يوماً بعد يوم.
تغيير الثقافة
وأكّد العقيد حمادة على تَفهّم إدارته بأن طبيعة الحوادث المرورية والعلاقة بين شرطة المرور والسائقين هي نتاج إرث تراكمي على مر السنين، إلا أنه أكد سعي إدارته لتغيير الثقافة السائدة لدى مجتمعنا بأن الطريق مُستباح بكليته للسائق وله الحرية في التصرف كيفما يشاء، الأمر الذي يتطلب تكاتف كافة الجهود من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.
وأهاب بكلّ من المواطنين والسائقين وأفراد شرطة المرور على حد سواء للوقوف كلّ عند مسئوليته والقيام بواجبه من أجل ضبط الحالة المرورية التي يستفيد منها الجميع، ووقف نزيف الدم على الطريق الذي يضر بمصلحة الجميع، مُشدداً على أن مكاتب إدارته مفتوحة لجميع المواطنين للمراجعة والتظلم ورد الحقوق لأصحابها.