اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن العملية التي شهدتها مدينة القدس عقب انفجار عبوة ناسفة داخل حافلة، تذكّر الإسرائيليين بالانتفاضة الثانية وتنذر بإقبال إسرائيل على مرحلة تصعيد جديدة.
وقال مراسل صحيفة هآرتس نير حسون إن عملية القدس الأخيرة تعيد للأذهان الصور القاسية للانتفاضة الثانية رغم أن التحقيقات الأولية التي تجريها أجهزة الأمن الإسرائيلية لا تشير إلى أن من يقف خلف العملية خلية منظمة وإنما مجموعة محلية فقط عقب هدوء استمر ثلاثة أسابيع.
وأضاف "لكن العملية تشير إلى أن الجهود الأمنية الإسرائيلية لم تنجح بعد في استئصال كل البنى التحتية للمنظمات الفلسطينية، وأن التوتر حول الحرم القدسي كفيل بسكب المزيد من الزيت على نار العنف القائم أصلا".
وتابع أن "مشاهد الحافلات المحترقة وعمال الإطفاء والدفاع المدني والمسعفين تعيد مشاهد الكوابيس المقدسية التي غابت عنهم طيلة 15 عاما حين كانت تفاجئهم كل أسبوع عملية تفجيرية على هذا النحو".
من جهتها ذكرت المراسلة العسكرية لصحيفة "إسرائيل اليوم" ليلاخ شوفال أن عملية القدس التي اخترقت أجواء الهدوء الأمني غير المستقر لا يقف خلفها -كما يبدو- منظمة "ممأسسة" مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس أو حركة الجهاد الإسلامي، لكنها "تذكرنا بأيام الانتفاضة الثانية في أوائل سنوات 2000".
ودعت شوفال إلى ضرورة الحذر من وجود عشرات المحاولات التي تجري على الأرض لتنفيذ عمليات معقدة أخطر مما "شاهدناها خلال نصف السنة الأخير من الهجمات الفلسطينية".
واعتبرت أن "السبب المباشر لعدم رؤيتنا لعمليات عبوات ناسفة أو اختطاف إسرائيليين هي الجهود المكثفة التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلي والجيش".
أضواء حمراء
وقالت شوفال إن عملية القدس ليست في صالح رجال جهاز الأمن الإسرائيلي العام (شاباك) ولا جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، لأن المنفذ أو المنفذين هذه المرة استخدموا عبوة ناسفة وليس سلاحا أبيض كالسكين، حسب وصفها.
وأضافت أن هذا الأمر يتطلب من الإسرائيليين إشعال الأضواء الحمراء في الأروقة الأمنية على اعتبار أن تحضير مثل هذه العبوة الناسفة يفترض إعدادا مسبقا وتعاونا بين أكثر من طرف ووسائل ميدانية، وفق تعبيرها.
بدوره أفاد المراسل العسكري لموقع "أن.آر.جي " آساف غولان إن عملية القدس حصلت بعد فترة من الهدوء النسبي في الهجمات الفلسطينية، وهو ما يطرح على إسرائيل سؤالا عن إمكانية إقبالها على مرحلة تصعيد جديدة.
ورأى أن هذه العملية شكلت مفاجأة غير سارة لأجهزة الأمن الإسرائيلي بعدما ظنت أن مدينة القدس باتت هادئة، وموجة العمليات التي انطلقت منها وصلت نهايتها.
وأشار إلى أن هذا الوضع دفع الأوساط الأمنية الإسرائيلية في الجيش والشرطة والشاباك للتقدير بأنه مع اقتراب الأعياد اليهودية ستحاول "العناصر المعادية" تسخين الميدان وإشعال الانتفاضة من جديد، وكل ذلك- يتابع المراسل- يعيد تكرار السؤال على الإسرائيليين اليوم حول من يقف خلف عملية القدس.
ونقل غولان عن قائد فرقة غزة السابق في الجيش الإسرائيلي الجنرال تسفيكا فوغل قوله إن المشكلة في التقييم الإسرائيلي للعمليات الفلسطينية أنها تركز النظر في الصورة الضيقة لعملية القدس دون الأخذ بعين الاعتبار المشهد العام.
وأشار في هذا الصدد إلى خوض إسرائيل حرب ضارية مع حركة حماس منذ العام 2000، بالإضافة إلى حصول الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، واندلاع الانتفاضة الثانية التي تقودها حماس منذ تلك المرحلة.
حرب استنزاف
وأضاف غولان "منذ آنذاك تخوض المنظمات المعادية ضد إسرائيل حرب استنزاف متواصلة، في ضوء الأجواء العامة التي تشجع على المس بالإسرائيليين في كل مكان وزمان، سواء بالسكين أو البلطة أو عبوة ناسفة، سواء في الحافلة أو داخل النفق في ظل ما يلقنه هؤلاء لأطفالهم الصغار منذ مراحل الرضاعة من وجبات تحريضية ضد إسرائيل وشعبها".
من جانبه قال المستشرق الإسرائيلي مردخاي كيدار إن هناك صلة مباشرة بين عملية القدس وكشف النفق في غزة، مما يشير إلى وجود روابط واضحة بين ما يحصل في المنطقتين.
وأضاف أن "هذه الموجة من العمليات لا تتوقف ضد الإسرائيليين، وما يحصل فقط هو تغيير في شكلها أو صورتها الخارجية"، وتابع أنه في كل مرة يقول الإسرائيليون إن موجة العمليات قد انتهت يظهر أن ذلك ليس صحيحا.
أما القائد السابق للواء جفعاتي الجنرال موني خوريف فأكد أن المشكلة التي تواجه الإسرائيليين في هذه الموجة من العمليات كون من يقودها ليست العناصر المتطرفة، بل المجتمع الفلسطيني بأسره.
وأضاف "نعيش اليوم واقعا جديدا يقوم فيه الأطفال والنساء بتنفيذ العمليات ضدنا في ظل موجة التحريض العارمة التي تجتاح الفلسطينيين ضد الإسرائيليين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها".
الجزيرة نت