يعاني المواطنون في قطاع غزة ظروفا قاسية في مختلف مناحي الحياة، الأمر الذي يتطلب إعادة إعمار البسمة التي هدمتها "الحروب المتتالية" التي فُرضت على القطاع، كعقاب جماعي لتمسكه بخيار المقاومة.
وانتشرت في الآونة الأخيرة العديد من البرامج الكوميدية، التي أنشأتها القنوات والمؤسسات بهدف رسم الابتسامة، إلا أن أصدقها وأنجحها كانت تلك التي خرجت دون تكلّف من أشخاص استطاعوا كسب قلوب متابعيهم بأبسط الإمكانيات.
فهد شنن (17 عاماً) من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية، بمدينة نيويورك، يسكن في قطاع غزة وتحديداً بحي الرمال منذ أن كان في الخامسة من عمره، حيث اعتبر أحد النماذج "الكوميدية" التي أنشأت العديد من الفيديوهات الساخرة القصيرة، فتابعها الآلاف من متابعيه مُجمعين على براعة أدائه، وجمال روحه، فكسب قلوب الجميع.
ويقول شنن لـ "الرسالة نت": "بدأت في إنتاج المشاهد الكوميدية مطلع عام 2014، وكان هدفي الوحيد منها آنذاك هو نزع ثوب الهموم والأحزان التي أُلبست لأصدقائي وعامة الناس، نتيجة الأوضاع القاسية التي نحياها في غزة".
ويضيف: "أنتجت العشرات من المشاهد الكوميدية القصيرة، بواسطة جوالي الخاص، وكل مشهد من هذه المشاهد كان يحمل هدفا اجتماعيا مُعينا أريد إيصاله لفئة مُعيّنة من الناس".
وبين الشاب أن المشاهد تحاكي الوقائع الاجتماعية التي تحدث مع أي إنسان، ويطرحها بقالب كوميدي.
أما عن الأفكار التي يتحدث بها شنن، في مشاهده الكوميدية القصيرة، فهي تتنوع وتركز على أحداث اجتماعية أو سياسية أو ترفيهية، وتُخاطب الواقع الذي يعيشه الشباب في قطاع غزة، بشكل كوميدي خالص.
ويبدو أن الإعجاب الكبير من متابعيه كان الدافع القوي له لاستكمال "المسيرة الكوميدية"، خاصةً وأن ردود الفعل من متابعيه شجعته على ذلك.
ويقول: " الحمد لله أرى أن أغلب المتابعين تُعجبها الفيديوهات الكوميدية، ويطلبون مني عبر الرسائل الخاصة نشر المزيد منها، حتى أصبح البعض يبدي استغرابه حالَ وجود يوم لم أنشر فيه مشهدا كوميديا".
وينشر شنن المشاهد الكوميدية الخاصّة به عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصةً "فيس بوك"، والتي بلغ تعداد متابعيها آلاف من الشباب المُعجبين بأدائه.
شنن الذي يخوض غمار الثانوية العامة (التوجيهي)، أكد لنا أن الواقع الدراسي، دفعه نحو عالم التواصل الاجتماعي، على عكس المنطق الذي يقول: "أن الدراسة تُجبرك على هجر الانترنت".
إلا أنه عاد واستدرك في القول، وأضاف: "الثانوية العامة جزء مهم في حياة أي طالب، ويجب على كل طالب الاهتمام البالغ بها، فهي التي تحدد المصير الدراسي، وبإذن الله سأجتازها وسأسعى لأطور نفسي أكثر بعد انتهائي منها".
المزج بين الدراسة والانترنت والكوميديا، دفع الشاب شنن إلى الاعتراف بعدم وجود تنظيم فعلي للوقت لديه، لكنّه يطمح في الآونة الأخيرة إلى تنظيم وقته بشكل دقيق، خاصةً مع اقتراب امتحانات الثانوية.
أما عن الانتقادات التي تواجهه، فقال: "من لا يوجد له نقّاد فليعلم أنه إنسان فاشل!"، جعلتها مبدأ في حياتي.
وأضاف: "أتقبل النقد بكل أشكاله سواء أكان هدَاما أو بنّاء وأسعى لتصحيح أخطائي، وأرد بشكل مقبول على المنتقدين، وأبتعد عن الكراهية، ولا أذكر أنّي قابلت شخصاً بغير الابتسامة".
هذه الروح الجميلة لدى الكوميدي الشاب شنن، عكست طموحه باكتساب حب الناس ورسم الضحكة على وجوههم، معتبراً هذا الأمر هو من يجعله في غاية الفرح.