قائد الطوفان قائد الطوفان

محكومون بالاعدام بانتظار القصاص

الرسالة نت -محمد أبو قمر

تراقب أعين السجناء داخل سجن غزة الوجوه الجديدة الزائرة بنظرات ثاقبة وتجول في خاطرهم تفسيرات كثيرة، أبرزها هل اقترب موعد التنفيذ؟

ورغم ما اقترفته أيديهم من قتل لمدنيين ومجاهدين، لكن المتهمين بقضايا القتل باتوا يستغرقون الوقت كله في قراءة القرآن ، وقد بدت لحاهم تتوسط صدورهم.

ففي قسم المتهمين بقضايا القتل انزوى أحد المتهمين الأمنيين في الغرفة يقرأ القرآن، فيما حرص معظمهم على سؤال المرشد عن الكتب الدينية.

صحيح أن قسوة قلوبهم دفعتهم للتضحية بوطنهم ودينهم مقابل أجر مادي زهيد، وآخرون سولت لهم أنفسهم لقتل مدنيين لكن اليوم مع كل طرقة لباب السجن يتوجسون خيفة من اقتراب الأجل.

كان يعيش "س" الذي أعدم مؤخرا أيامه الأخيرة في حالة من الرعب كما يقول مصدر خاص بالرسالة، لاسيما أنه كان متيقنا بأن حكم الإعدام سينفذ قريبا.

انتقاء الألفاظ والإجابة بدقة والتحفظ عن الحديث أحيانا كان واضحا من خلال المسئولين عن سجن غزة المركزي عند الحديث عن المحكومين بالإعدام.

ويقبع في سجن غزة المركزي حاليا ثمانية أشخاص محكومين بالإعدام نتيجة تورطهم في قضايا أمنية وجنائية يعاقب عليها القانون، فيما نفذت الحكومة خلال الأيام الماضية الحكم بحق خمسة اثنين منهم أمنيين، وثلاثة جنائيين.

ومن بين المتهمين كان قد صدر حكم بحقهم في عهد السلطة السابقة، وآخرون تمت محاكمتهم عقب يونيو من العام 2007.وبحسب الرائد علاء سرور مدير مركز تأهيل وإصلاح غزة بأن مجلس الوزراء يصدر قرار الإعدام ويصادق عليه المجلس التشريعي.

ويشير سرور الى أن الجهات القضائية ووزارة الداخلية يحددان أسماء الأشخاص الذين سينفذ بحقهم حكم الإعدام والموعد المحدد لذلك بناء على جهوزية الملفات.

وأوضح أن إدارة السجن تبلّغ بقرار الإعدام قبل موعد التنفيذ بساعات من أجل تجهيز المتهمين وتسليمهم للجهات التنفيذية.ووفق القانون وما جرت به العادة فلا يبلغ المتهمون بموعد إعدامهم إلا في اللحظات الأخيرة التي تسبق التنفيذ، عندما يتم تسليمهم لجهة تنفيذ الأحكام.

فور وصول المتهمين لساحة التنفيذ يباشر المختصون بإرشادهم وتأهيلهم نفسيا، وحثهم على الاستغفار والتوبة والصلاة قبل التنفيذ.

في تلك اللحظات تحضر الجهات المختصة أهل المغدور "أولياء الدم" بصحبة عدد من علماء الدين ومدراء في الشرطة لحثهم على العفو والمسامحة أو قبول الدية، ويصرون على ذلك.وكما يقول سرور "تنفيذ الإعدام ليس غايتنا وإنما نصر على أولياء الدم للمسامحة أو قبول الدية، وفي حال وافقوا على أي منها نوقف التنفيذ فورا.

لكن سرور أضاف "في حال أصر أهل المغدور على الإعدام، يحضر المتهم ليطلب شخصيا من أهل الدم السماح، علهم يعفون عنه وتكون لحظة تسامح، وإذا إصر أهل المغدور على القصاص يؤهل المتهم إيذانا بتنفيذ الحكم".

ويتم التنفيذ وفق القانون وحكم المحكمة إما رميا بالرصاص أو الإعدام شنقا.ولم يخف سرور تأثر بقية السجناء المتهمين بقضايا القتل بتنفيذ الحكم بعدد منهم، لكنه شدد على أنهم يبذلون جهدا لتأهيلهم نفسيا، ومواساتهم.

في داخل غرف الموقوفين انشغل أحد المتهم بالتخابر مع الاحتلال بانجاز هيكل للمسجد الأقصى بقطع بلاستيكية صغيرة وعيدان الثقاب، حيث يقول " ربنا يرزقنا شهادة بالأقصى".وطلب متهم آخر بقضية قتل من المرشد الديني توفير كتاب "رياض الصالحين" لقراءته، فيما يقول محتجز بذات الغرفة ذو لحية طويلة "من يكن مع الله فلا يبالي".

ولاحظت "الرسالة" أن جميع المتهمين بقضايا أمنية أو قتل يميل للتدين داخل السجن، وذلك لتيقنهم أن حكم الإعدام سينفذ بحقهم في أي وقت.

ويقول مسئول الإرشاد الديني في سجن غزة المركزي أنه على تواصل يومي بجميع السجناء ذوي الأحكام العالية والمحكومين بالإعدام ، ويعمد إلى لقائهم جماعيا لحثهم على الاستغفار والندم، كي لا يكون الحديث موجها لشخص واحد ، وحتى لا يشعر أي منهم أنه مقصود من وراء ذلك.

ويوصل المرشد للسجناء فكرة مفادها أنهم ارتكبوا خطأ بحق أنفسهم، وبناء عليه من المحتمل أن تقع عليهم عقوبة دنيوية عاجلة، وربما تكون كفارة تخفف عليهم عقوبة الآخرة الدائمة.

ويقول المرشد للسجناء "النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر لنفسه وهو خير الناس ، فما بالنا نحن المخطئين المقصرين بحق أنفسنا، فمطلوب تهيئة أنفسنا لأي شيء".

ويتابع " بلغناهم رسالة أننا في غزة معرضون لعدوان الاحتلال في أي وقت، ولا يستبعد أن يصلهم الموت وهم في أماكنهم ، لذلك يجب على الجميع تهيئة نفسه للقاء الله ، لأن الموت كأس الكل شاربه".

ويشير المرشد الديني الى أنه من ذلك المنطلق تصل الفكرة للسجناء، ويقتنعوا بضرورة توبتهم سواء كان القتل مفاجئا أو بتنفيذ حكم الإعدام.

ومن الملفت للانتباه أن عددا من المتهمين بقضايا القتل صغار في السن في العشرينات من عمرهم، أو دون ذلك.

غادرت "الرسالة نت " السجن وتركت خلفها أبوابه الموصدة على عشرات المعتقلين على خلفيات متعددة جنائية وأمنية، ومحكومين بالاعدام يترقبون موعد التنفيذ شنقا أو رميا بالرصاص.

 

البث المباشر