يسخر المواطن نضال أحمد من الحديث عن يوم العمال العالمي الذي يوافق الأول من مايو ويعد إجازة في العديد من البلدان، معتبرا أن العامل الغزي لم يعد يهتم بالأيام وحتى التواريخ كونها تتشابه عندهم في ظل تفشي البطالة في صفوفهم.
وينغص المنع الإسرائيلي المتكرر لدخول الإسمنت حياة عمال غزة وفق نضال الأب لخمسة أطفال، مضيفاً أنه يزيد معاناتهم خاصة أن الكثير من المهن تعتمد على وجوده في القطاع كونه المحرك الأساسي لعجلة اقتصاد غزة.
ومع حلول يوم العمال العالمي حرم قرار الأمم المتحدة وقف مشاريع الاعمار في غزة بسبب منع الاسمنت 40 ألف عامل من العمل، فيما يهدد قرار وقف مخصصات عدد من النقابات من بينها نقابة العمال بوقف المشاريع التي يعمل فيها عدد آخر منهم في الضفة الغربية. وبحسب اتحاد العمال فإن عدد العمال المتعطلين عن العمل وصل لنحو 213 ألف عامل في قطاع غزة.
الاسمنت يغذي البطالة
ويخشى المواطن أبو إبراهيم عادل البالغ من العمر 50 عاما ويعمل في مهنة القصارة أن تطول فترة جلوسه عن العمل، بعد أن تحسنت أوضاعه وأصبح قادرا على إعالة أبنائه الثمانية. ويعتبر أبو إبراهيم أن وضع البلد لا يسمح لهم بالاستقرار خاصة وان مهنتهم مرتبطة بمعابر الاحتلال والتي كثيرا ما تتحكم بها السياسة.
وينذر وقف الأمم المتحدة مشاريع إعادة اعمار قطاع غزة نتيجة منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال الاسمنت للقطاع المحاصر بكارثة إنسانية واقتصادية لعشرات الاف المواطنين خاصة الذين ما زالوا في انتظار اعادة اعمار بيوتهم التي تهدمت في العدوان الإسرائيلي عام 2014، إلى جانب الالاف من العمال الذين سيضافون إلى قوائم العاطلين عن العمل.
وأوضح اتحاد العمال في قطاع غزة أن قرابة 40 ألف عامل كانوا يعملون بصورة مباشرة في قطاع البناء والإنشاءات، فيما يعمل به 30 ألفا آخرين بصورة غير مباشرة، "إلا أنه بعد الحصار وإغلاق المعابر أصبح قطاع الإنشاءات متعطلا بصورة شبه كاملة".
بدوره قال ماهر الطباع مسؤول العلاقات العامة بالغرفة التجارية بالقطاع إن وقف الاعمار وإدخال الاسمنت سينعكس على الوضع الاقتصادي بشكل عام وسيزيد من البطالة والفقر. وأوضح أن المطلوب من الأمم المتحدة أن تتخذ موقفا قويا، وتكون أداة ضغط على الاحتلال لإدخال الاسمنت وتسهيل عملية الاعمار وليس الاكتفاء بإصدار البيانات.
وبحلول يوم العمال العالمي أكد الطباع "للرسالة" أن نسبة البطالة في فلسطين قد بلغت 25.9%، مشيرا إلى أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل في قطاع غزة بلغت نحو 51%، مقابل 18% في الضفة الغربية.
وأضاف أن 193 ألفًا في قطاع غزة و43 ألفًا في الضفة الغربية يندرجون تحت بند البطالة، بواقع 41% من سكان القطاع و17% من سكان الضفة.
واعتبر الطباع تقليص العديد من المؤسسات الدولية لمشاريعها فاقم من البطالة وازمات القطاع خاصة وأنها استغنت عن العديد من الكفاءات الفلسطينية والتي أصبحت بلا عمل.
الحكومة تضيق
وعلى عكس المتوقع زادت حكومة رام الله الطين بلة وادارت ظهرها لقطاع غزة وعماله وهو الأمر الذي اكده رئيس اتحاد العمال في قطاع غزة سامي العمصي، مبينا أنه ومنذ تولي حكومة الوفاق لمسئولياتها لم تقم بتشغيل أي عامل.
وذكر أن العمال لم يتلقوا سوى بعض الوعود الوهمية التي لم تتحقق، وأطلقتها الحكومة على لسان وزير العمل مأمون أبو شهلا. ودعا إلى إقرار الحد الأدنى للأجور حسب ما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في غزة، لافتا لوجود عمال يعملون ساعات طويلة برواتب متدنية في مخالفة واضحة لقانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000م.
التقصير الحكومي لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد لإجراءات وقرارات تضيق على نقابة العمال في الضفة الغربية، حيث جمدت السلطة مخصصات النقابة منذ أيام. وقال الامين العام للاتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد في تصريح سابق "للرسالة"، ان ما تقوم به السلطة من تجميد لأموال النقابات الفلسطينية هو تدخل في الشؤون الداخلية للعمل النقابي ويناقض الاتفاقيات الدولية الموقعة وكافة القوانين، ووصف القرار بالتعسفي.
وأضاف: الأموال التي تم تجميدها ليست ملك النقابات بل هي ملك للعمال وأن هناك مشاريع دولية سيتوقف صرف الاموال فيها بسبب التجميد وهو ما سيعود بالضرر على العشرات من العمال.
وعلى صعيد الإحصاءات فإنها تشير إلى أن 35 - 40 ألف عامل كانوا يعملون القطاع الزراعي قبل الحصار، لكن مع استمرار إغلاق المعابر ونقص المواد اللازمة من مبيدات حشرية وأسمدة زراعية وقلة الدعم لهم، تراجعت أعدادهم إلى 15 ألف عامل".
وبيّن اتحاد العمال في قطاع غزة أن أعداد عمال الخياطة والغزال والنسيج بلغت في السابق 9 آلاف عامل، مشير إلى أن المصانع الإنتاجية الفعلية التي لا تتجاوز 20% ، إلا أنها استطاعت تشغيل نحو ألف عامل في هذا القطاع.
ووفق الاتحاد، فإن قطاع الصناعات المعدنية شهد تقلصا بنسبة المصانع العاملة، بعد أن كان يضم 3900 مصنع، منوها بأنه كان يعمل فيه ما يزيد عن 23 ألف عامل، فضلا عن تدمير الاحتلال قرابة 500 منشأة صناعية خلال العدوان الأخير عام 2014.