ربما يبدو التساؤل المطروح في العنوان غريبا بعض الشيء خاصة مع النتائج المالية الأخيرة التي أعلنت عنها شركة فيسبوك، والتي كشفت تحقيقها عائدات وأرباح فاقت التوقعات، وأثبتت أن شبكتها للتواصل الاجتماعي لا تزال تستقطب الملايين وتواصل نموها بسرعة ويستخدمها ما يزيد على 1.6 مليار مستخدم نشط شهريا.
لكن في الواقع يشهد الاهتمام باستخدام فيسبوك وسيلة للتواصل الاجتماعي -وهي الوظيفة التي صُمم لأجلها- انخفاضا ملموسا.
فوفقا للبيانات التي حصلت عليها المدونة التقنية "إنفورميشن"، يعاني فيسبوك من تراجع في كم "المشاركات الأصلية"، وهو مصطلح يطلق على المشاركات التي يضعها المستخدم للتعبير عن مشاعره وما يقابله في حياته الشخصية.
وتؤكد مصادر لوكالة الأنباء بلومبيرغ ظاهرة تراجع المشاركات الأصلية على فيسبوك، وتشير تلك المصادر إلى أن فيسبوك تُلقي اللوم في ذلك على "انهيار السياق" (context collapse) وهو مصطلح أكاديمي يعبر عن تلاشي الحواجز بين التواصل الشخصي والجماعي.
ويوصف التواصل الشخصي عبر الشبكات الاجتماعية بأنه تشارك المعلومات مع المقربين، كأن يقوم المستخدم بمشاركة صور لطفله أو لرحلاته، أو إضافة تحديثات عن حالته الجسدية والنفسية وعما يدور في مخيلته.
وقد حققت شبكة فيسبوك نموًّا ضخما ساعد معظم المستخدمين على بناء شبكات من العلاقات مع أصدقاء متنوعين لتشهد بذلك قوائم الصداقة توسعا واضحا لدى الكثيرين، الأمر الذي يوصف بأنه إيجابي من جهة، إلا أنه في الوقت ذاته ينعكس سلبا على طبيعة المشاركات، حيث يتردد الكثيرون قبل مشاركة مشاعرهم وأحوالهم الخاصة أمام نطاق واسع من الأصدقاء الذين قد لا يكونون على علاقة وطيدة مع الكثير منهم.
وبالطبع، يوفر فيسبوك إمكانيات للتحكم في الخصوصية إلا أن كثيرا من المستخدمين يجهلون التعامل مع إعداداتها، كما أن هذه الإعدادات لا يمكنها منع فيسبوك من مراقبة كافة تحركات المستخدم على موقعها وتكوين ملف كامل عنه يمكن استخدامه في إرسال إعلانات موجهة خصيصا له وبحسب اهتماماته.
وبحسب تقارير، تعمل فيسبوك على اتخاذ تدابير مختلفة للتعامل مع التراجع في المشاركات الشخصية، منها مثلا إضافتها خيارات جديدة للتفاعل مع المنشورات إلى جوار زر الإعجاب التقليدي، لتشجع المستخدمين على التفاعل ومشاركة مشاعرهم مع الأصدقاء، وكذلك إطلاقها خدمة البث المباشر للفيديو.
كما تعمل فيسبوك على إجراء تعديلات عديدة في شبكتها الاجتماعية لتجعلها مفيدة أيضا في غير نطاق التواصل الاجتماعي، وهذه التعديلات قد تجعل من فيسبوك مصدرا مهما لمتابعة الأخبار على سبيل المثال، حيث إن 40% من المستخدمين الأميركيين يستخدمون فيسبوك لهذا الغرض، كما أن فيسبوك أصبح خدمة يقصدها الكثيرون للبحث عن التسلية وتشغيل الألعاب إلى جوار معرفة آخر أخبار الأصدقاء.
وحتى في مجال الأعمال، أصبح تعامل الشركات مع فيسبوك والاستفادة منه في مجال الإعلان عن المنتجات والتسويق لها أمرا مطلوبا نظرا لوجود المستهلكين السابقين والمحتملين على خدمة فيسبوك.
ومن المؤكد أن قرارات الاستحواذ التي اتخذتها شركة فيسبوك خلال الأعوام الماضية تؤكد استمرار الشركة في إستراتيجيتها في مجال التواصل الاجتماعي، ففي عام 2012 استحوذت على إنستغرام بصفقة بلغت مليار دولار، وفي عام 2014 استحوذت على تطبيق واتساب بصفقة قيمتها 22 مليار دولار، وفي ذات العام استحوذت على شركة الواقع الافتراضي "أوكولوس في آر"، حيث أشار مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرغ إلى أن الواقع الافتراضي سيصبح يوما ما أهم المنصات الاجتماعية على الإطلاق.
البوابة العربية للأخبار التقنية