نتنياهو على حدود غزة.. طمأنة المرتعب للخائفين

بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية
بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية

غزة-محمود فودة

سرًا، زار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غلاف غزة؛ خوفًا من أعين المقاومة أو رصاصها، حيث اطلع على "إنجاز" جيشه باكتشاف نفق قديم لحركة حماس شرق رفح جنوب قطاع غزة، والتقى بضباط فرقة غزة في الجيش.

وقبل الإعلان عن إتمام نتنياهو للزيارة في وسائل الإعلام، أطلقت قوة من المقاومة الفلسطينية النار اتجاه آلية عسكرية شرقي مدينة غزة قرب موقع ناحل عوز، في حادثة غير معتادة على الحدود، رغم أنها تشهد توغلات محدودة بين الفينة والأخرى، وحركة دائمة للآليات.

جاء نتنياهو وعلى يمينه وزير الحرب موشيه يعالون وعلى الجهة الأخرى قائد أركان جيش الاحتلال غادي آيزنكوت، في محاولة للتأكيد على ما قال الجيش إنه "إنجاز عالمي" بفضل التكنولوجيا المتطورة والمتمثل بالكشف عن نفق قديم، رغم أن كتائب القسام قالت إنه "نقطة في بحر".

نتنياهو خلال سيره على حدود غزة قد تكون أقدامه داست أنفاقا عدة، ومر عن القبور التي تعدها المقاومة لجنوده تحت الأرض في أي مواجهة مقبلة، إلا أنه تناسى ذلك بإلتقاطه صور "السيلفي" مع الجنود والمجندات، ليظهر أن الوضع هادئٌ كما يريد على حدود الجبهة، وهي المعرضة للاشتعال في أي وقت.

ويرى مراقبون أن زيارة نتنياهو لم تكن بسبب النفق وحسب، بل تأتي بعد أيام من تهديد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس بأن الانفجار سيكون خيارها في حال لم يرفع الحصار، مما تسبب في موجة رعب أظهرتها الصحافة الإسرائيلية في تعليقها على تصريحات الكتائب.

وبحسب متابعين للشأن الإسرائيلي فإن نتنياهو في وضع لا يحسد عليه، وأي مواجهة ولو قصيرة مع غزة قد تكون الشعرة التي تقصم ظهره، فآثار انتفاضة القدس ما زالت في جبينه، وملفات الجنود المفقودين بغزة تلاحقه في كل الاتجاهات.

وعليه، يتخوف نتنياهو من الدخول في مواجهة جديدة مع غزة غير معروفة النتائج، وقد تزيد من لهيب انتفاضة القدس، وتزيد الطين بلّة، بينما تسجل المقاومة أهدافا جديدة في مرماه السياسي، مما يميته سياسيا إلى الأبد كسابقيه، مما دفع البعض إلى تسمية الزيارة "طمأنة المرتعب للخائف".

ومؤسسة الجيش الأكثر اطلاعاً على تطورات المقاومة في غزة، وتجهيزاتها المتلاحقة لأي معركة قد تفرض عليها، بحكم المتابعة الميدانية على الحدود ومن الجو، تعتبر نفسها الأكثر علماً بخطورة تقدم قدرات المقاومة يوميا، وجدية التهديدات التي أطلقتها، وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع، مما حدا بنتنياهو لإعطاء جرعة تهدئة، في ظل فشله السياسي في حل عقدة غزة منذ سنوات.

وفي ذلك يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة إن زيارة نتنياهو تحمل عدة رسائل، أهمها الرفع من قيمة قضية اكتشاف الجيش لنفق رفح، وتقديمه للجمهور الإسرائيلي في صورة إنجاز، والتخفيف من روع مستوطني غلاف غزة، الخائفين من أنفاق مقاومة غزة.

ويوضح جعارة أن الرسالة الثانية للجيش نفسه، مفادها أن القيادة السياسية لـ(إسرائيل) تقف إلى جوارهم في مواجهة الأخطار القادمة من غزة، والرفع من معنويات القوات المنتشرة على الحدود، بحضور قادة الجيش ووزير الحرب.

وأشار إلى أن الرسالة الثالثة موجهة إلى المقاومة الفلسطينية بغزة، يؤكد فيها بأنه جاهز لمواجهتها، ولا حساب لتهديداتها، بدليل أنه حضر إلى حدود غزة بنفسه، إلا أن عدم الإعلان عن الزيارة، كما المعتاد في زياراته للجبهات الأخرى شمالا، تبطل هذه الرسالة.

وعلى أي حال، لن تُقدم زيارة نتنياهو لغلاف غزة حلا سحريا للأنفاق، ولن توقف تطور المقاومة في غزة، بينما سيبقى الخوف مسيطرا على مستوطني غلاف غزة من خطر الأنفاق، ويبقى مسار حياتهم معلقٌ بقرار من قادة المقاومة في غزة.

البث المباشر