مقال: العنوا الظلام ولا تضيئوا شمعة

الكاتب الاستاذ وسام عفيفة مدير عام صحيفة الرسالة بغزة
الكاتب الاستاذ وسام عفيفة مدير عام صحيفة الرسالة بغزة

وسام عفيفة

في الحلق غصة وفي القلب وجع... هذا حال كل مواطن فلسطيني فجع بالأطفال الثلاثة يسرى ورهف وناصر أبو هندي، وقبلهم عشرات التهمتهم نيران الحصار.

ولأن معظم أيام حياتنا بكائيات وآهات، تحجرت الدموع في المقل أمام الفاجعة المتكررة في سيرة حياة غزة المحاصرة، حيث تعود مجددا تراجيديا الشمعة والكهرباء.

أمام المشهد القاسي وبقايا دخان يخرج من غرفة الأطفال، ورائحة شواء تعبق الأنوف، يحق لنا أن نلعن الظلام ومن تسبب في الظلام، وألا نشعل شمعة تحرقنا، بل نضيئ عقولنا وان نبحث عن حلول وأفكار كي نوقف هذا النزيف.

الرئيس وزبانيته في المقاطعة برام الله لن يتأثروا بكل عبارات الشجب والغضب وحرق صورهم، فقد تبلدت مشاعرهم الوطنية والإنسانية، ومهما أصدرنا من شهادات وفاة لضحايا الحصار فلن يعلن وفاته السياسية ويغادر حيث يحاكمه التاريخ في الدنيا، ويحاسبه خالقه في الآخرة.

لهذا أصبح لزاما علينا أن نحك ظهرنا بظفرنا، البكاء والنحيب لن يعيد الأطفال ولن يطفئ حرقة قلوبنا، آن الأوان لإخماد الحريق حتى لا نفجع بآخرين، فإذا كان انتظار الحلول مكلفا، فإن التحرك والمبادرة تقلل الخسائر.

المبادرة تعني تضافر جهود المؤسسات الخيرية والأهلية الرسمية والفصائلية والقطاع الخاص للبحث في بدائل وتوجيه الدعم والتمويل نحو مشاريع تحفظ حياتنا وكرامتنا وجبهتنا الداخلية.

 لنفكر مثلا في مشروع مولدات كهرباء كبيرة للأحياء مع مراعاة الحالات الاجتماعية، أو توسيع استثمار مشاريع الطاقة الشمسية، أو على الأقل استكمال الإنارة باللدات للأسر المستورة.

المهم أن يكون هناك حراك حقيقي، وعلى رأي المثل "في الحركة بركة".

حراك بعيدا عن الشعارات والشماعات، فإما أن نتكاتف جميعا كي نسدل الستار على المشهد المأساوي حتى لا تعبق غزة مجددا برائحة الشواء البشري، وإلا لن يتوقف نحيب الأمهات، ولوعة الآباء.

يكفي إنذارات بالانفجار فقد أعذر من أنذر، ولأن الوقت يمر ونافذة الفرص تضيق، ينبغي التفكير بصمت... كيف سيكون شكل واتجاه الانفجار القادم؟

البث المباشر