قائمة الموقع

"أم العبد" تستذكر أيام زمان بخبز الطابون وحلوى "الزلابية"

2016-05-09T12:59:38+03:00
غزة - إيناس أبو الجبين

في قرية "سمسم" قبل الهجرة كانت نساء الحارة تجتمع سويا لعمل "المفتول" الذي يتناقلنه من إناء فخاري لآخر، ينتهي بوضع الدقة المكونة من البصل والفلفل والسمنة البلدية معلنات عن انتهاء عمل يوم شاق.

ولا تقتصر التجمعات في زمن الجدات حول طبق المفتول فقط بل أيضا حول الشعيرية التي كانت بمثابة حلوى أيام زمان فيتم صنعها بفتلها على ألواح خشبية وتنشيفها تحت أشعة الشمس في نهار علت فيه أصواتهن بالغناء ليمر الوقت سريعا فلا يشعرن بالتعب.

ويعتبر المفتول والقدرة والفتة والمقلوبة من المأكولات التي تتوارثها الأجيال الفلسطينية، وتُطبخ في المناسبات السعيدة أو الحزينة والأعياد وغيرها من الأطباق المشهورة كالسماقية التي يشتهر فيها سكان مدينة غزة، أما عن الحلويات فقد عُرفت فلسطين بالكنافة النابلسية، والملبن الخليلي، وكعك القدس، وقطين سلواد.

الثمانينية أم العبد عابد تسترجع ذكريات قريتها "سمسم" قائلة " كنت أطحن القمح البلدي بحجر الرحى وأنا عمري 8 سنوات بعد ما علمتني زوجة عمي عشان نعمل فيه المفتول".

وللطابون نكهته

أما خبز الطابون فله حكاية ثانية تبدأ في إعداده الفلاحة الفلسطينية في القرية عند ساعات الفجر الأولى، والأطفال على موعد مع الأرغفة الساخنة لالتهامها مع ما تجود به الدار من فلفل "مخروط" أو زعتر.

وتسترسل الختيارة حديثها، بأن الكبار كما الصغار يتلذذون بطعمه مع حبات التين والعنب التي كانت توضع في "الندى" أي في الهواء الطلق عوضاً عن الثلاجات قديما، بينما تشعر أم العبد بالحنين لتلك الأرغفة التي تخرجها والدتها بيديها من ذلك الفرن لتستمتع بطعمها مسحوبا برشة من الدقة.

القهوة لحل المشاكل

والحلويات آنذاك على بساطة مكوناتها إلى أنها كانت تدخل البهجة على قلوب الفلاحين عند عودتهم إلى الدار بعد حصاد يوم شاق في بياراتهم، فتقول أم العبد " كنا نعمل زلابية ومطبق وبين كل صفطة والثانية بنرش السكر والسمنة البلدي والكعك كان في العيد" مضيفةً " يما ما أحلى الوطن حتى الأكل كان إله طعم غير لأن الناس بتحب بعضها".

وكان شراب السوس والخروب ينافس الحلويات في شهر رمضان المبارك في إغراء الصائمين، فبائع العرق سوس كان ينحني وهو يحمل إبريقه النحاسي خلف ظهره ليصب للمارة من الناس شراب بارد حلو المذاق بعد صلاة المغرب معلنا عنه بصاجات يرن بها في يديه.

أما مجروش الخروب فقد كان يُنقع طوال الليل ويُحلى بالسكر لساعة الإفطار، ولم تنس أم العبد طراوة وطعم قطع قمر الدين المنقوع بالماء الذي كانت بمثابة مربى تتسحر عليه فجرا في ذلك الشهر استعدادا للصيام، واصفة تلك الأيام ب "أيام السعادة".

واختتمت أم العبد مع "الرسالة" حديثها بفنجان قهوة استذكرته كانت قد أعدته بعد تجهيز البكارج لوالدها الذي طلب منها تحميصها وطحنها بالهون، والقهوة كانت تعد رمزا من رموز كرم وأصالة العربي آنذاك وما زالت تقدم عند حل المشاكل بين المتخاصمين.

اخبار ذات صلة
الزلابية.. حلوى الفقراء
2015-12-23T08:56:00+02:00