ترزح مدينة القدس المحتلة تحت نير الفقر الذي جاوزت نسبته الـ 80% بين صفوف سكانها وفق الاحصائيات، وذلك كنتيجة حتمية لسياسة إسرائيلية متعمدة ترمي لتهجيرهم عن المدينة المقدسة، الأمر الذي يدعو مختصون لمواجهته عبر تعزيز صمود المقدسيين ووضع خطة استراتيجية للنهوض بواقعهم، لاسيما في ظل المعطيات الدالة على قرب استيلاء الاحتلال على القدس بالكامل وطرد أهلها بالسلاح الاقتصادي.
ويشكّل التمييز العنصري (الإسرائيلي) بين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين، والمستوطنين الذين يقطنون في المدينة، أحد مظاهر الإفقار للمقدسيين.
الضرائب سبب الفقر
ويؤكد مركز القدس للدراسات الاقتصادية أن نسبة الفقر بين المقدسيين تخطت حاجز الـ 80%، مبيناً أن النسبة آخذة بالارتفاع، وتابع أن ما يقارب 8 عائلات فقيرة من بين كل 10عائلات مقدسية، وهذه نسبة مرتفعة جدا وتهدد وجود المقدسيين في مدينتهم".
وعزا المركز ارتفاع نسبة الفقر إلى ازدياد عدد العاطلين عن العمل لرفض المقدسيين العمل بسوق العمل (الإسرائيلي) من جهة، وعدم وجود مؤسسات فلسطينية تحتويهم بالقدس نتيجة سياسات حكومة الاحتلال التي تحد من وجود أي مؤسسة تحت مظلة السلطة الفلسطينية من جهة أخرى.
ودعا لضرورة النظر لأوضاع المقدسيين وتعزيز وجودهم في المدينة المقدسة، من خلال وضع خطة استراتيجية لتوفير فرص عمل لهم تساعدهم على الصمود والبقاء وعائلاتهم في منازلهم. ورأى المركز أن افقار المقدسيين سياسة ممنهجة من الاحتلال، تهدف في النهاية لتهجير السكان بعد تراكم الديون عليهم لبلدية الاحتلال.
حملة ضرائب
من جهته، قال عزام أبو السعود مدير الغرفة التجارية السابق لمدينة القدس، إن الاحتلال شنّ حملة ضرائب كبيرة على المحال التجارية في البلدة القديمة خلال الأسابيع الماضية، بالتزامن مع الانتفاضة، ما دفع التجار لإغلاق محالهم والعودة إلى بيوتهم. وأوضح أبو السعود أن كثرة الضرائب على المقدسيين وقلة فرص العمل ضاعفت من حالات الفقر لدى المواطنين، مشددا على ضرورة وجود رؤية استراتيجية لإنقاذ أهل القدس من الفقر.
وذكر أن حملات المضايقة تزداد مع المداهمات والتوتر الذي يحصل في المسجد الأقصى ومحيطه، مؤكدًا أن الحملات تهدف إلى الضغط على المقدسيين لتخفيف مواجهة الاحتلال أثناء مداهماته الأقصى.
ولفت إلى أن معدلات الفقر عالية جدا، وتزداد يوما بعد الآخر دون وجود حل من أصحاب القرار، وخصوصا السلطة الفلسطينية. وأضاف: "ما يفعله الاحتلال عملية انتقام من سكان القدس الذين يتصدون للمداهمات المستمرة للأقصى ويشعلون الهبة الجماهيرية الجارية حالياً".
وفيما يتعلق بالضرائب، بيّن أبو السعود أنها تزيد عن معدل دخل المقدسيين، وغالبيتهم يعجزون عن دفعها مما يعرضهم للغرامات التي تتراكم سنة بعد أخرى، "وبالتالي تحويلهم لمحاكمات صورية تنتهي بمصادرة العقارات أو الأرض، تحت طائلة العجز عن تسديد الديون المتراكمة".
المقدسيون يفتقرون للدعم
فخري دياب، رئيس لجنة حي سلوان الواقع وسط مدينة القدس، أكد أن الاحتلال (الإسرائيلي) ينتهج سياسة متعمدة للحرب ضد المقدسيين ضمنها الحرب الاقتصادية، حيث بات ذلك يشكل قهرا وضغطا لا يقل عن الضغط العسكري والأمني الذي تمارسه سلطات الاحتلال.
وقال دياب في تصريح صحفي إن المعطيات الرسمية (الإسرائيلية) تشير إلى أن 80% من المقدسيين تحت خط الفقر، في حين أن التقديرات الخاصة لديهم تتحدث عن نسبة فقر تصل إلى 93%. وأشار إلى وجود استراتيجية (إسرائيلية) متكاملة لإفقار الفلسطينيين، وهي متعددة الأبعاد، لافتا إلى وجود 6 أنواع من الضرائب ترهق كاهل المقدسيين، وتستنزف جزءًا كبيرا من مدخولات العاملين منهم.
وأوضح أن ما يتراوح بين (53-54)% من دخل المقدسيين يدفع كضرائب، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية الأخرى؛ فعلى سبيل المثال هناك 25 ألف منزل تدفع غرامات شهرية كمخالفات لبلدية الاحتلال.
ولفت دياب إلى وجود فجوة كبيرة بين مستوى الأجور التي تقدم للمستوطنين والفلسطينيين حتى لو كانت نفس الدرجة والمكان، فضلا عن الدعم الذي تقدمه (إسرائيل) للمستوطنين على شكل التأمينات والدعم وخلافه، الأمر الذي يشير لفجوة عميقة بين الجانبين.
وبيّن أن الجدار الفاصل الذي أقامته سلطات الاحتلال، منع تنقل الفلسطينيين وقيّد حركة التجارة بين الضفة والقدس، وأجبر المقدسيين للتعامل مع الأسواق (الإسرائيلية) رغم وجود فارق كبير في الأسعار، ودون اعتبار لفجوة المدخولات بين الجانين، أو أنماط الضرائب المفروضة عليهم.