تمكنت مركبات فضاء تابعة لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) من تسجيل التفاعلات الغريبة بين الحقول المغناطيسية للأرض والشمس.
ويمكن للظاهرة التي تعرف باسم "إعادة الربط المغناطيسي" أن تتسبب في تعطيل الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات اللاسلكية على الأرض. وفهم كيفية عملها يمكن أن يساعد العلماء على التنبؤ بأحوال الطقس الفضائي وتقليص آثارها الجانبية المدمرة.
ويظهر حدث "إعادة الربط المغناطيسي" (Magnetic Reconnection) عندما تتداخل الحقول المغناطيسية للأرض والشمس معا، وتصدر رشقات كثيفة من الطاقة نحو الأرض. وكان العلماء يعلمون بأمر هذه التفاعلات لعقود، وأرجعوا سببها إلى العواصف المغناطيسية الأرضية التي تتسبب بحدوث الشفق القطبي.
وقد أكدت دراسة نشرت مؤخرا في دورية "ساينس" الكثير مما اشتبه به الباحثون بشأن هذه الظاهرة، لكنها كشفت أيضا عن بيانات لم يتوقعها الباحثون.
توضيح الظاهرة
وتحدث عملية إعادة الربط في الأطراف العليا للمجال المغناطيسي للأرض الذي يعرف باسم "ماغنيتوسفير"، ويعتقد أن هذا المجال أو الحقل يتولد من الحديد السائل الذي يجري في قلب نواة الأرض، وأن حركة ودوران هذا السائل تخلق تيارا كهربائيا، ينتج بدوره حقلا مغناطيسيا مشحونا يمتد بارتفاع بين 64 ألفا و595 ألف كيلومتر حول الأرض.
يعمل الماغنيتوسفير كواق ودرع لكوكبنا من الرياح الشمسية العالية الطاقة، والتي كانت ستتسبب في تجريد غلافنا الجوي من الغازات وتقتل الحياة على الأرض.
ويتسبب الغلاف الخارجي للشمس بحدوث رياح شمسية ترسل باستمرار دفقات من الجسيمات السريعة الحركة والعالية الطاقة نحو الأرض، وهذه الرياح المشحونة تصنع حقولها المغناطيسية الخاصة، والتي تصطدم بطبقة الماغنيتوسفير للأرض.
وعادة فإن هذين الحقلين المغناطيسيين يواجهان بعضهما ويتحركان باتجاهين مختلفين، لكن خطوط المجال المغناطيسي تتبدل من فترة لأخرى وتتصل ببعضها بعضا، ويطلق على هذا الحدث "إعادة الربط المغناطيسي".
الدراسة
ولدراسة عمليات إعادة الربط هذه مباشرة، أطلقت ناسا في مارس/آذار 2015 المهمة "ماغنيتوسفيريك ملتيسكيل" أو "إم إم إس"، التي تتضمن إرسال أربع مركبات فضاء متماثلة إلى مدار حول الأرض، بحيث تتخذ شكل الهرم لتتمكن من دراسة إعادة الربط المغناطيسي بشكل ثلاثي الأبعاد.
وقد استطاعت الأجهزة على متن مركبات "إم إم إس" استشعار حركة الإلكترونات بدقة خلال حدث إعادة الربط في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وأخذ قياسات مرة كل ثلاثين جزءا من الثانية، وبهذه الطريقة تمكن الباحثون من ملاحظة كيفية انتقال الطاقة، كما كشفت البيانات سلوك الإلكترونات خلال إعادة الربط المغناطيسي، وأظهرت سرعة حركة الجسيمات واتجاه انسيابها، والذي كان كما توقعه الباحثون.
لكن خلال المراقبة، وجد الباحثون أيضا أن الإلكترونات تصرفت بطرق غير متوقعة لم يفترضوا حدوثها، وهو ما يوفر لهم حافزا لمواصلة دراسة إعادة الربط المغناطيسي، بحسب ما كتبوا في دراستهم. ومن خلال فهم المزيد عن هذه العملية، فإنه يمكن للعلماء معرفة متى ستحدث عملية إعادة الربط المغناطيسي.
الجزيرة نت