تمر الذكرى الـ 68 للنكبة على الفلسطينيين هذا العام في ظل اشتداد الهجمة على مدينة القدس المحتلة، بالتزامن مع مشاريع "إسرائيلية" لضمّ أجزاء من الضفة الغربية، واستهداف الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948م، فضلاً عن مواصلة سياسة القتل والاغتيال والتهويد التي يمارسها الاحتلال.
ويحيي الشعب الفلسطيني في 15/ أيار من كل عام ذكرى النكبة التي مثلت بداية مأساة الفلسطينيين وتهجيرهم وتشريدهم عن أرضهم لخارج وداخل فلسطين وإقامة دولة الاحتلال بعد سيطرتها على الأراضي الفلسطينية منتصف أيار 1948.
سياسة التهجير بحق الفلسطينيين في المدينة المقدسة لم تتوقف منذ عام 1948، حيث تحاول سلطات الاحتلال "الإسرائيلية" السيطرة على القدس من خلال تغيير معالمها، وتهجير سكانها عبر فرض إجراءات ضد المدينة وسكانها، إضافة إلى بناء العشرات من الوحدات الاستيطانية.
وبحسب الخبير والمختص في شؤون القدس جمال عمرو، فإن سياسة التهجير بحق الفلسطينيين في القدس لا تزال مستمرة حتى الآن، مضيفاً إلى أن سلطات الاحتلال تحاول إفراغ المدينة من سكانها وطمس الهوية العربية والإسلامية".
وأوضح عمرو في حديث لـ "الرسالة" أن أعداد سكان المدينة المقدسة العرب آخذة في الانحسار بشكل ملحوظ، وذلك بفعل الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة الهادفة إلى ترحيلهم، وأبرزها هدم المنازل والحد من حرية الحركة والتوسع العمراني، والضرائب الباهظة، ومحاولة فصلهم بالكامل عن محيطهم العربي.
وأكد أن الإجراءات الإسرائيلية تندرج في إطار سياسة التجهيل الفكري والثقافي فيما يتعلق بالمعالم والمواقع ذات الرمزية السيادية، وذات الأهمية الاستثنائية، وصولاً إلى تحويل القدس لمدينة تلمودية يهودية خالصة، وتابع أن الوضع في المدينة بات معقدا جدا، وبحاجة إلى جهودٍ كبيرة من أجل إنهاء الاحتلال، في ظل وجود مئات آلاف المستوطنين الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من القدس الشرقية.
وأضاف عمرو أن المدينة أمام كارثة تأتي ضمن سياسة راسخة في الفكر الصهيوني، وخلال سنوات سنجد جميع الأسماء (الخاصة بالأماكن والشوارع) قد تغيرت، والبداية كانت في المسجد الأقصى".
وحذر من تحول القدس إلى مدينة "إسرائيلية" بفعل سياسة التهويد الشرسة والاستيلاء على الأراضي والممتلكات والعقارات التي تنفذها سلطات الاحتلال. وذكر أن المطلوب توفير الأموال من أجل دعم صمود المواطنين الفلسطينيين، وإقامة المشاريع التي يمكن أن تقف في وجه المشاريع الإسرائيلية الضخمة الهادفة إلى تغيير معالم المدينة لتظهر يهودية بعد طمس الوجود الإسلامي فيها.
استهداف الداخل المحتل
مدينة القدس ليست وحدها في دائرة الاستهداف والتهجير التي تنتهجها حكومة الاحتلال، فمنذ سنوات يحاول الاحتلال اقتلاع التواجد الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، من خلال تهجير الفلسطينيين وهدم منازلهم بحجة عدم الترخيص.
نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل كمال الخطيب، أكد أن السلطات الإسرائيلية تتبع سياسة هدم ممنهجة ومنظمة تستهدف الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل، بهدف تهجيرهم وإبعادهم عن الأرض للاستيلاء عليها، موضحاً أن المخططات الإسرائيلية ارتفعت وتيرتها، مؤخراً، وخاصة التي تقع بجوارها كتل استيطانية ضخمة، حيث يسعى الاحتلال إلى توسيع مستوطناته عبر هدم المزيد من منازل المواطنين، بهدف تحقيق الربط بين المستوطنات.
وأشار إلى الفلسطيني بات يعيش هذه المنظومة من العقوبات يوميا بهدف ترحيله، ووضعه في مساحات ضيقة من الأراضي كما هي الحال اليوم مع ما يسمى بالقرى المعترف بها، والتي تشكل ما مساحته 2 % من أراضي العرب في النقب المحتل، وقال الخطيب "إن عمليات الهدم والمصادرة تأتي في سياق التهجير غير المباشر، عبر تجفيف خدمات قرى النقب مثل الخدمات الطبية، والتعليمية".
وهدم الاحتلال قرية العراقيب ما يزيد عن 100 مرة، وكذلك دمر مساجدها الثلاثة، إضافة إلى حرث عشرات آلاف دونمات الأراضي الزراعية لفرض منظومة من الحصار على المراعي التي يستخدمها العرب، بهدف التضيق عليهم وتهجيرهم.
رسم واقع
أما الضفة المحتلة فهي الأخرى تشهد هجوماً من الاحتلال ومستوطنيه، سواء بالاعتداء على الفلسطينيين وسرقة أراضيهم، أو السيطرة على المياه الجوفية وصولًا لحرق لمنازلهم، ووفق مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية والخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي، فإن ما تقوم به سلطات الاحتلال هو رسم واقع على الأرض في إطار تنفيذ مخططات لحسم الصراع عليها.
وأوضح التفكجي لـ"الرسالة" أن المخططات الاستيطانية التي نراها اليوم في الضفة تقطع أي تواصل جغرافي، وتمنع أي سيطرة فلسطينية ممكنة على الطرق الرئيسية التي تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
وأشار إلى أن حجم الأراضي التي استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة وصل أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، مضيفًا أن "عملية السيطرة مستمرة من أجل تنفيذ مخططات استيطانية قديمة". وشدد التفكجي على أن سلطات الاحتلال تضع اللمسات الأخيرة على مخططها المنفذ على أرض الواقع للقضاء على حلم الدولة الفلسطينية، قائلاً: "الاحتلال يرسم الحدود بالمستوطنات ليقول على أرض الواقع لا إمكانية لإقامة دولة فلسطين في الضفة".
يشار إلى أنه يوجد بالضفة أكثر من 422 مستوطنة، ولها أكثر من 111 معسكراً عسكرياً مع أكثر من 300 منطقة عسكرية مغلقة، بمساحة تساوي 78% من مساحة الضفة.